هل يُضاف ملف الرئاسة اللبنانية إلى سلسلة المناورات السياسية الإقليمية

بعد خمس سنوات من عمر أزمات الشرق الاوسط، وتحديداً أزمات الدول العربية التي تأثرت بمدّ الإرهاب والتطرف، ودخلت دوامة قتاله، بدأ الحديث عن بدء مسار سياسي تفاوضي ضمن لعبة الدول الكبرى في تقاسم النفوذ وتحديد مواقيتها، ربما كانت السنوات الخمس من التمادي في التلوّن والمواقف السياسية المثيرة للجدل ضرورية لاستكمال مدة الحرب المطلوبة للتدمير والتهجير وكلّ ما حلّ بدول عربية كبرى واستراتيجية برسمها مصير المنطقة مثل سورية والعراق واليمن وبعدها ليبيا التي غزتها «داعش» بشكل كبير، وامتدّت على ارض واسعة باتت تهدّد أوروبا من على شواطئها المحاصرة.

روسيا والولايات المتحدة الاميركية اللتان تقاسمتا مشهد الحرب بين من أشعل فتيلها، ومن دخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، تدركان انّ ساعة التفاوض اقتربت أكثر من أيّ وقت مضى، لكن الجدية المطلوبة في الضغط على حلفاء واشنطن لا تزال غير متوفرة، في حين تقدر روسيا ان تظهر للعالم حلفاً متماسكاً متيناً وجدياً راغباً في حلّ الأزمات من دون مواربة، فحلفاء مثل سورية وإيران وحزب الله يعرفون انّ مشروع الإرهاب لن ينتهي دون بذل أقصى الممكن لإفشاله، لكنهم يعلنون عن استعداد دائم لحلّ الازمة في سورية، وهي التي ستنعكس مباشرة على باقي الملفات فتنفرج تلقائياً.

الشعب السوري بانتظار جلسة أواخر هذا الشهر في جنيف والتي تأجلت من 25 على ما كان مقرّرً الى 29 منه، ويبدو انّ الأسباب التي لم تقرّ بها الولايات المتحدة الأميركية اوعزت لدي ميستورا بتوضيحها، فأكد انّ المملكة السعودية هي من يعرقل مسار جنيف التفاوضي وإذا كان تحديد موعد 29 مهلة أخيرة، فانّ على الرياض اعتبارها إنذاراً للتجاوب، وإلا فإنّ الولايات المتحدة تناور وتمعن في إظهار عدم القدرة على السيطرة على حلفائها، وهذا ما لا يمكن قبوله، خصوصاً من الجانب الروسي، وهنا تبدو روسيا أكثر قدرة على السيطرة على مجريات المسار التفاوضي ومحاذيره.

تزامناً مع اقتراب جنيف السوري، يطرأ فجأة تحريك للأزمة الرئاسية اللبنانية بترشيحين أثارا جدلاً واسعاً في البلاد، وجاءا من حلفاء الولايات المتحدة، وفيهما ما يكفي من إشارت ودلائل عن انّ شيئاً ما يلوح في الأفق، وهو اعتراف اميركي بنتيجته الأولى بالقبول برئيس حليف لحزب الله، لكن التعقيدات التي تحيط بالترشيحين تشير في بعض المَواطن الى اعتبارهما مناورة سياسية لتمرير الوقت الضائع في انتظار الحلّ السياسي في سورية، وبالتالي يصبح الترشيحان المريبان فرصة لكسب نقاط في وجه حزب الله الذي سيخرج المحرج الوحيد من الملف، وهنا تحتسب الولايات المتحدة هدفاً لصالحها تستطيع اعتباره عزلاً للحزب في الداخل، أما إذا نجح أحد المرشحين بالفوز توافقياً بين الأفرقاء اللبنانيين، فإنّ هذا الحدث سيشكل من دون شك إعلان بوابة الدخول في حلول جدية بالمنطقة، ففصل لبنان عن الحلّ في سورية بات مستحيلاً، وعلى هذا الأساس يبقى الانتظار سيد الموقف.

تجربة اليمن والمفاوضات التي لم تسفر عن حلول بعد ولا حتى عن نجاح التهدئة ووقف إطلاق النار لفترة وجيزة، أكدت على التعنّت السعودي المنسحب على باقي الملفات، وهنا فإنّ هذا الأمر بإضافته إلى تعنّت المملكة في سورية وتعطيلها للحلّ بشروط تجهد لفرضها على طاولة جنيف مقابل رفض روسي شديد، يلفت النظر الى إمكانية ان تكون عملية تحريك ملف الرئاسة اللبنانية احد الملفات التي تضاف غلى سلة المفاوضات المفتوحة من دون موعد واضح ونهائي لإقفالها، فتنتظر الملفات واحداً منها لتتوالى الانفراجات.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى