«14 آذار» بانتظار إيران

حسين حمّود

قد يكون من شبه المحسوم أنّ مصير جلسة 8 شباط النيابية المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية سيكون مثل سابقاتها الـ34.

فخلط الأوراق الذي أحدثته، أولاً، مبادرة الرئيس سعد الحريري بدعم ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، ثم الخلط الثاني، المقابل، الذي حصل بدعم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون إلى المنصب نفسه، الأمر الذي أغرق قوى 8 و14 آذار على حدّ سواء، في مشاورات واتصالات منهكة لتحديد المواقف والخيارات من الترشيحين لقطبين من 8 آذار، وتداعياتهما على الداخل اللبناني وعلى الجوار من خلال التركيبة الجديدة للسلطة في ظلّ عهد عون أو فرنجية. وبالتالي فإنّ حسم مواقف كلّ فريق من الخيارين سيستغرق الكثير من الوقت نظراً لكثرة حلفاء المرشحيْن وأصدقائهما محلياً وإقليمياً ودولياً.

لكن هذا ليس هو السبب الوحيد لإبقاء الشغور الرئاسي إلى أجل غير محدّد، وتحديداً لدى قوى 14 آذار. إذ إنّ أوساطاً فاعلة ومؤثِّرة في عقل الفريق المذكور وتفكيره تؤكد بشكل قطعي أن لا انتخابات رئاسية في لبنان في المدى المنظور، أقله ليس قبل انتخابات مجلس الشورى ومجلس خبراء القيادة الذي يختار المرشد الأعلى في إيران والمقرّرة في السادس والعشرين من شباط المقبل، أيّ بعد جلسة 8 شباط في لبنان، وهذا ما يجعل الأخيرة عقيمة كغيرها من الجلسات السابقة.

فبرأي الأوساط المشار إليها، فإنّ نتائج الانتخابات ستحدِّد وجهة السياسة الخارجية لإيران ومواقفها من الأوضاع القائمة في المنطقة ولا سيما في سورية والعراق والسعودية، في المرحلة المقبلة، لافتة في هذا المجال، إلى وجود تنافس بين المحافظين والإصلاحيين ولا سيما على عضوية مجلس الخبراء الذي يختار المرشد الأعلى للجمهورية.

وترى الأوساط أنه في حال فوز الإصلاحيين بمقاعد وازنة في مجلسَي الشورى والخبراء، فإنّ التعاطي مع الأحداث التي تشهدها المنطقة سيكون مختلفاً عن سياسة المحافظين الحالية، ولا سيما مع الرياض لتصبح أكثر انفتاحاً وتقارباً في التطلعات نحو القضايا الإقليمية ومنها ما يتعلق بلبنان وفي الطليعة الاستحقاق الرئاسي.

وفي هذا السياق تعتبر الأوساط أنّ مواصفات الرئيس اللبناني المقبل ستكون وفق معايير التوافق السعودي – الإيراني الجديد في حال حصوله. وهنا ستميل المؤشرات أكثر نحو شخصية توافقية لبنانياً ومقبولة عربياً وإقليمياً ودولياً، مستبعدة عون وفرنجية من بورصة الترشيحات.

إلاّ أنّ مصادر حزبية أخرى ترى مبالغة في طرح أوساط 8 آذار، مؤكدة أنّ الاستحقاق الرئاسي في لبنان ليس هماً إقليمياً أو دولياً بقدر ما هو همّ لبناني في ظلّ الاهتراء الذي أصاب الدولة بكلّ مؤسساتها، مشدّدة على ضرورة تفعيل الحكومة والعمل التشريعي للمجلس النيابي للمحافظة على بنية الدولة القادرة على إنجاز الاستحقاق الرئاسي وإنهاء الشغور الحاصل على هذا الصعيد.

وفي الموازاة، لاحظت المصادر كثرة حديث فريق 14 آذار عن مخاوف أمنية في المرحلة المقبلة، وأبرزها إعلان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق عن انحسار الغطاء الدولي والإقليمي عن الاستقرار في لبنان. كما أنّ نواباً في «14 آذار» يتوقعون تدهور الوضع الأمني وحصول تفجيرات في حال بقاء الوضع على ما هو عليه، ولا سيما على الصعيد الرئاسي، ما دفع مراقبين إلى التساؤل عن سبب الترويج لهذه «المخططات» بالتزامن مع تحريك الملف الرئاسي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى