الرحيل

كانت «رؤى» توضّب الحقيبة كمن سيقترف وجوداً عن سابق أصرار وتصميم. «ماذا أوضّب؟ بتّ لا أعلم ماذا أملك وما هو الضروري أكثر في هذا السفر الطويل الطويل». هي التي أمضت نصف عمرها في إعادة توضيب حياة عصيّة على التوضيب.

الطفولة المكتومة، المراهقة المدفونة بالممنوعات والكثير من الحرمان اللاواعي. لا أحد يصدّق أن امرأة على هذا القدر من التألّق قد تخفي هذا الكمّ من العاصفة والصحو معاً.

«أمضيت نصف حياتي صورة ظاهرها ساطع وباطنها ممزّق إرضاء للآخرين، الآخرين جميعاً، لكن الوقت حان».

حتى ذلك الرجل الذي أحبّته حدّ الجنون لم يُزد وجودها سوى تعقيد: صورة أخرى شغلت نفسها عن اكتناه ذاتها فباتت تسبح في المتعة السطحية وتنتفخ حتى تبقى عائمة.

«لو تعلم يا رواد أنّني راحلة، لا لأرتمي في حضنك بل في حضن المجهول… لو تعلم أنّني لم أكن يوماً مغفّلة وساذجة إنما امرأة تحمل العالم الشاسع بيديها الصغيرتين وقلبها المضيء»، لكنه من الصعب أن يفهم، ثمة أمور تحتاج إلى زمن من الألم حتى يُعترف بها. كلّ إبداع في العالم كان فكرة مغلّفة بالألم ثم تجسّدت في لوحة، لحن، أو كتاب.

«الوقت قد حان، أجنحتي لا تزال ثقيلة ولكنّني سأرفعها مراراً كي أحلّق أو أنتهي رذاذاً عبثياً في جسد الكون».

الحقيبة أخفّ ممّا تصوّرت!

نسرين كمال

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى