أوروبا تدرس اليوم تعليق العمل بنظام «الشنغن» لمدة عامين
من المنتظر أن يبحث الاتحاد الأوروبي، اليوم الاثنين، فكرة تعليق العمل بحرية الحركة بين دول الاتحاد المعروف بنظام الشنغن لمدة عامين وذلك بموجب إجراءات الطوارئ، في وقت حذر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس من أن أزمة اللاجئين والمهاجرين قد تدمر الاتحاد الأوروبي برمته.
ومن المنتظر أن يلتقي اليوم وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في أمستردام لمناقشة إجراءات الطوارئ التي تسمح للدول بإعادة العمل بنظام الرقابة الحدودية لمدة عامين.
وفي حين تسمح قوانين الشنغن بممارسة الدول لسلطاتها، فإنه قد يصار إلى تصعيدها بشكل غير مسبوق، منذ التوصل إلى الاتفاقية التي تسمح لمواطني 26 دولة بحرية الانتقال قبل 30 سنة.
وقد يبدأ العمل بالإجراءات الجديدة مع انتهاء قرار فترة الأشهر الستة بالتحقق من جوازات السفر الذي كانت قد تقدمت به ألمانيا.
وينبغي على المفوضية الأوروبية أن توافق على أنه «يوجد تقصير دائم وخطير» على الحدود الخارجية لمنطقة الشنغن من أجل تفعيل الإجراءات الجديدة.
وفي السياق، قالت نتاشا بيرتود، المتحدثة باسم رئيس الاتحاد الأوروبي جان كلود يونكر «هذه الاحتمالية قائمة، والمفوضية مستعدة لاستخدامها عند الضرورة»، وأضافت: «نحن لم نصل بعد إلى تلك المرحلة، ولكن وزراء الداخلية ستكون لديهم الفرصة لمناقشة أي الخطوات التي ينبغي اتخاذها أو يحتاجون إلى اتخاذها عند الوصول إلى فترة ذروة تدفق اللاجئين في مايو المقبل، وذلك خلال لقاء الوزراء في أمستردام، يوم الاثنين».
وكانت الدول الأعضاء ألقت باللوم على اليونان لعجزها عن تسجيل مئات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين الذين تدفقوا عبر حدودها.
يأتي ذلك في وقت أقر فيه البرلمان الألماني قانوناً يلزم طالبي اللجوء ابتداء من شباط القادم حيازة ما يسمى بـ«إثبات الوصول إلى ألمانيا» أو «بطاقة هوية طالبي اللجوء» الذي أقترحه وزير الداخلية دي ميزيير، حيث يهدف القانون الجديد إلى تسريع إجراءات طلب اللجوء وحل مشاكل تسجيل الآتين إلى ألمانيا للتقدم بطلب اللجوء.
وسادت حالة من الفوضى الإدارية خلال عملية تقييد بيانات المتقدمين بطلب اللجوء في ألمانيا، قبل إقرار هذا القانون، فكل سلطة من السلطات الألمانية كانت تقوم بتحضير ملف معلومات عن المتقدمين بطلب اللجوء، وبذلك كان يتم تقييد بيانات بعض الآتين إلى ألمانيا مرتين أو أكثر.
وأدى هذا الأمر إلى زيادة مدة إجراءات البت في طلب اللجوء، فضلاً عن ذلك كان البعض يضطرون إلى الانتظار طويلاً قبل أن يتم تسجيلهم.
وتقول السلطات الألمانية إن «إثبات وصول المتقدمين بطلب اللجوء إلى ألمانيا» أو ما يُعرَف أيضاً بـ «بطاقة طالبي اللجوء الشخصية» الجديدة يقوم بالحد من هذه المشكلات.
ووفقاً للنظام الجديد يتم تحضير سجل بيانات لكل لاجئ في مركز إيواء اللاجئين الرئيسي، وذلك بشكل فوري عند حدوث أول تواصل بين اللاجئ والسلطات الألمانية، وبذلك يتم إبلاغ السلطات كافة والمؤسسات والمكاتب الحكومية الألمانية، بما فيها الشرطة، عن معلومات المتقدم بطلب اللجوء.
وبالإضافة إلى البيانات الشخصية تخزن معلومات أخرى مثل بصمة الإصبع والبلد الأصلي لطالب اللجوء ورقم هاتفه المحمول وأيضاً معلومات حول التطعيم الصحية واللقاحات الطبية وبيانات أخرى متعلقة بالمتقدم بطلب اللجوء، وأيضاً يتم تدوين معلومات حول مؤهلاته المهنية ومستواه التعليمي، وكذلك حول دينه أو خلفيته الدينية.
وبواسطة «إثبات وصول المتقدمين بطلب اللجوء إلى ألمانيا» أو ما يعرف أيضاً بـ «بطاقة هوية طالب اللجوء»، تريد الحكومة الألمانية حل مشكلات عدة، ومنها: مشكلة تسجيل طالب اللجوء مرتين على الأقل، وأيضاً سوء استخدام هويته، أما معلومات المؤهلات المهنية فهي تسهل عملية اندماج اللاجئين في سوق العمل، وذلك لأن مركز العمل والوظائف يطلع على هذه البيانات أيضاً.
ويوجد هدف آخر لهذه البطاقة الجديدة وهو تقصير مدة طلب اللجوء، وعلاوة على ذلك فإن هذه البطاقة الجديدة تسهّل عملية توزيع اللاجئين في ألمانيا، بحسب ما يفيد المكتب الاتحادي الألماني لشؤون الهجرة واللاجئين.
وفي سجلات بيانات طالبي اللجوء يتم أيضاً تحديد المؤسسة الألمانية المسؤولة عن طالب اللجوء، وهذا يعني تحديد مكان إقامته في ألمانيا، علماً بأن توزيع اللاجئين على مختلف المناطق الألمانية يتم وفق ما تسمى بـ «صيغة كونيغ شتاين» المحددة لحصة كل ولاية ألمانية من أموال الضرائب العامة.
ولكن، ليس كل طالبي اللجوء يلتزمون بأماكن إقامتهم، بل إن منهم من يرحلون عن الأرياف والقرى، التي كانوا قد وزعوا إليها، لأنهم يفضلون المدن الكبيرة والتجمعات المدنية الحضرية، والبطاقة الجديدة تحد من ذلك، بحسب ما ذكر وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير، فطالب اللجوء لن يحصل على هذه البطاقة إلا في مكان الإقامة المحدد الذي يتم إرسال طالب اللجوء إليه.
وستكون البطاقة الجديدة هي الوحيدة التي تخول طالب اللجوء الحصول على مساعدات مالية، والحاسم في هذه البطاقة هو أن طالبي اللجوء لن يتمكنوا من الحصول على مساعدات اجتماعية، ولن ينظر في طلبات اللجوء الخاصة بهم، إلا إذا كانوا يمتلكون هذه البطاقة، فيما سيتم حرمان المستنكفين عن تسلم بطاقته من المؤسسة الألمانية المعنية في المناطق المحددة لذلك من المساعدات المالية ولن تكون لديه إمكانية التقدم بطلب اللجوء.
وبهذا تريد السلطات تحفيز طالبي اللجوء غير المسجلين على أن يذهبوا إلى محلات تدوين بياناتهم، فلا مساعدات اجتماعية من دون بطاقة هوية.
لكن توجد انتقادات إزاء هذا الشرط القاضي بإلزام طالب اللجوء بمكان إقامة محدد، ففي هذه الحالة قد يسكن بعض اللاجئين في أماكن ليس فيها نشاطات اقتصادية أو أعمال ووظائف شاغرة، بحسب انتقادات منظمة مساعدة اللاجئين، وبذلك يكون اندماج اللاجئين في المجتمع وفي سوق العمل صعباً.
وبحسب الداخلية الألمانية، فإن المخابرات الألمانية الداخلية «هيئة حماية الدستور الألماني»، لن يكون من حقها معرفة معلومات المتقدمين بطلب اللجوء، لكن السلطات الأمنية الألمانية ترجو أن تساعدها بطاقة الهوية الجديدة أو ما يسمى بـ «إثبات الوصول إلى ألمانيا» في معرفة معلومات طالبي اللجوء، ومن المقرر أن يبدأ إصدار البطاقات الجديدة ابتداءً من شهر شباط 2016، وبحلول فصل الصيف من المقرر أن يكون قد تم تعميم هذا النظام على جميع مناطق ألمانيا.
الى ذلك، أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أن لا مكان «للمعادين للسامية» و«إسرائيل» في ألمانيا، موجهة بذلك كلامها إلى اللاجئين.
وقالت ميركل في كلمتها الأسبوعية إن «معاداة السامية أكثر تفشياً مما نتصور، لذلك يتعين علينا القيام بتحركات كثيفة لدرئها»، داعية إلى أخذ الهواجس التي عبر عنها أواخر تشرين الثاني رئيس المركز المركزي لليهود في ألمانيا، يوسف شوستر «على محمل الجد».
وشددت على أنه «يجب أن نولي هذه المسألة اهتمامنا، وبالتحديد لدى الشبان المنحدرين من بلدان تتفشى فيها الكراهية لإسرائيل واليهود». وتابعت: «نلاحظ في بعض المدارس وفي بعض المراكز مظاهر معادية للسامية يقوم بها شبان، ويتعين على كل راشد التصدي لها».
وأضافت المستشارة الألمانية: «يتعين علينا أيضاً أن نشجع التلامذة الذين لا يفكّرون بهذه الطريقة، حتى نجعلهم قادرين على أن يقولوا بصراحة إن ذلك يجب ألا يحصل».
وخلصت إلى القول: «يمكن دائماً البحث عن ذرائع وحجج، لكن يجب أن يكون واضحاً أيضاً، لا مكان في مجتمعنا لمعاداة السامية… يجب بكل بساطة أن يكون هذا الأمر واضحاً».