شباب فلسطين لمحمد عسّاف… يا حيف!
أثار التجهيز للعرض الافتتاحي لفيلم «يا طير الطاير» الذي يجسّد قصة حياة الفنان الفلسطيني الحائز مؤخّراً على لقب «محبوب العرب» محمد عساف في محافظة رام الله، تساؤلات عدّة أبرزها مشاركة ممثل فلسطيني سبق أن جسّد فيلم «عرب راقصون»، وتجمعه صُوَرٌ بأحد أبرز المسؤولين المباشرين عن المجازر التي ارتُكبت بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني، ألا وهو المجرم شمعون بيريز. إضافةً إلى الضجة الكبيرة والتجهيز ليوم الافتتاح والإنفاق باهظ الثمن وارتفاع ثمن تذكرة الحضور في وقتٍ يعاني المجتمع الفلسطيني أسوأ هجمة صهيونية مبرمجة عصفت بالقطاعات الأساسية كافة، وشلّت اقتصاد البلد وأدّت إلى ارتفاع نسب البطالة.
الشعب الفلسطيني يقود هبّة جماهيرية واسعة شملت الوسط العربي في الداخل الفلسطيني المحتل، وارتكب الاحتلال خلالها مجازر عدّة حتى وصلت حصيلة الشهداء إلى ما يقارب 155 شهيداً، إضافة إلى مئات الجرحى، ليتم كشف النقاب عن أن بطل فيلم محمد عساف يتمتع بعلاقات واسعة مع قادة الاحتلال ويظهر بصوَرٍ استفزّت مشاعر الفلسطينيين، وهو يتهاوى من أجل السلام على مجرم الحرب شمعون بيريز.
صورة الفنان توفيق برهوم الذي جسّد دور عساف مع مجرم الحرب شمعون بيريز كانت المشهد الأقسى على الفلسطينيين الذين يموتون يوماً بعد يوم وتعالوا على جراحهم، وأنفق فقيرهم قبل غنيّهم على التصويت لأجل نجاح الفنان محمد عساف، ووضع فلسطين على الخريطة الفنية، وحصوله على ألقاب إضافية، كان من المفترض أن يدفعه ذلك كلّه ليجسّد آلام المواطنين الذين تربى بينهم في أزقة مخيم خان يونس.
حلقة البرايم الأخير من برنامج «آراب آيدل» شهدت إصرار محبّي الفنان على حضور الحلقة الأخيرة في شارع منزله في مخيم خان يونس، حيث اصطف آلاف المواطنين أمام شاشة عملاقة على منزل أحد الجيران، عكست مشهداً سينمائياً قوياً، وأكدت أنّ الفلسطينيين لا يتقيّدون بالبرتوكولات الرسمية بقدر ما يحرصون على التقارب والتودّد والمحبة.
وتساءل النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، «فايسبوك»، و«إنستغرام» عن سبب اختيار هذا الممثل تحديداً ليجسّد شخصية محمد عساف؟ هو الذي يعكس ميوله تجاه «إسرائيل»، وفلسطين تعاني من مجازر ترتكب يومياً من قبل الصهاينة.
ناشط يتساءل عن إصرار المخرج هاني أبو أسعد بزجّ الممثل الذي يتفاخر بصُوَره مع قاتل الأطفال، ويتساءل أيضاً حول موافقة عساف على هذا الشخص بالتحديد، مشيراً إلى أن فلسطين تعجّ بالشباب الوطنيين. وأضاف: «أخشى أن يكون الفيلم مقدّمة للتطبيع مع الاحتلال».
ويرى ناشط آخر أنّ مشاركة فنان من المدن الفلسطينية المحتلة يتهاوى من أجل السلام على مرتكب مجزرة قانا، أمر خطير. بينما رأت الصحافية نسرين اسماعيل أن الجريمة تكمن في رعاية الفيلم من قبل مؤسسات وطنية رأسمالها من دم الشعب الفلسطيني، وعنت شركة «الوطنية موبايل» وشركة «فندق غراند بارك» الذي يديره المقرّب من عساف محمد زملط، والذي سبق أن رافق الفنان عساف في زيارته الثانية إلى غزّة بعد فوزه باللقب. وأشارت بحسب المعلومات الأولية، إلى أنّ زملط هو أحد المنسّقين لحفل افتتاح الفيلم.
وحول تكاليف سعر التذكرة للمشاركة في حفل افتتاح فيلم محمد عساف في رام الله، قال الكاتب والناقد رامي مهداوي أن سعر التذكرة لا يتناسب مع الأوضاع المعيشية لعامة الشعب الفلسطيني.
وأشار في نقده إلى أن الفنان محمد عساف يعتبر الأمل لعددٍ من الشباب الفلسطيني الواعد الذي قتل الاحتلال الأمل في داخله على مرّ السنوات. ولفت إلى أنّ محمد عساف انطلق من أحد مخيمات اللجوء في قطاع غزّة المحاصر، ورحلة كفاحه بالوصول إلى برنامج المواهب الشهير «آراب آيدل» كانت محفوفة بالمخاطر، وأنّ الشعب الفلسطيني ما زال يردّد كلمة والدته «نطّ عن السور يمّا» في إشارة إلى غزة المحاصرة والخروج منها ليس باليسير.
وانتقد مهداوي تسعيرة تذكرة الحضور والمشاركة في العرض الافتتاحي 100 «شيكل» ، مشيراً إلى أنها تعتبر الأعلى على المستوى الفلسطيني بفارق ثلاثة أضعاف المشاركة في العروض السينمائية الأخرى والتي تقدر بـ«30 شيكل» على الأكثر.
ولفت إلى أن الجميع عبّروا عن استيائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية من سعر التذكرة المكلف. مشيراً إلى أن المحيطين بمحمد عساف هم مَن يحاولون إبعاده عن جمهوره ومحبّيه وخلق فجوة كبيرة بينه وبينهم.
وتمنّى مهداوي لو كان العرض مجّانياً وفقاً للجماهير الفلسطينية التي هي بالأساس من صوّتت له وأوصلته إلى النجومية التي يتمتع بها الآن. وأكد أن عساف يجب ألا ينسى أنه خرج من رحم معاناة المخيمات الفلسطينية، ويعي معاناتهم تماماً ويعرف ما تمثل «100 شيكل» لأيّ أسرة فلسطينية متوسّطة الدخل.
وانتقدت لما حوراني الآلية التي تعمل الشركة فيها على عرض الفيلم، وقالت: «الحق بالأساس على محمد عساف وهاني أبو اسعد، عملوا القصة مسخرة».
وأضافت: «ريد كاربت؟! طب خلّيهم يتعلّموا من أهل الشجاعية كيف إنه الريد كاربت ممكن تكون ببلاش وبمواصفات عالمية، بس عالمنا إحنا مش عالم ما إله علاقة فينا يا حيف».
يشار إلى أنّ «يا طير الطاير»، فيلم روائي طويل مستوحى من سيرة الحائز على لقب «محبوب العرب» محمد عساف وقصة نجاحه، ومخرجه أبو أسعد حائز على جائزة «غولدن غلوب» عن فيلم «الجنة الآن ـ Paradise Now»، الذي رُشِّح لنيل «أوسكار» إضافة إلى فيلمه «عمر». وصُوّر الفيلم في قطاع غزّة ومحافظة جنين، والعاصمة الأردنية عمّان إضافة إلى البحر الميت. ويجسّد شخصية عسّاف في الفيلم، الممثل الفلسطيني الشاب توفيق برهوم، وتولّى كتابة الفيلم أبو أسعد، بمشاركة سامح الزعبي.