تمثيل الأكراد عقدة لا يمكن تخطيها

حميدي العبدالله

من بين العقبات التي تعترض تشكيل وفد المعارضة الموحد الذي سيقابل الوفد السوري الحكومي في «جنيف 3» مسألة تمثيل الأكراد. المعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام المختلفة تتحدّث عن أنّ تركيا رفضت أيّ تمثيل لحزب الاتحاد الديمقراطي ممثل وحدات الحماية الكردية، وربطت تعاونها مع الولايات المتحدة في محاربة «داعش» بموافقة الولايات المتحدة على استبعاد مشاركة الأكراد في وفد المعارضة. وقد نجحت تركيا في الحصول على دعم المملكة العربية السعودية، وبديهي دعم دولة قطر، وبالتالي بات من الصعب على الولايات المتحدة تجاوز هذه العقدة.

لكن في المقابل تدرك الولايات المتحدة أنّ التضامن مع موقف تركيا ستترتب عليه عواقب وخيمة على نفوذ ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وفي هذه اللحظة، وفي مواجهة تنظيم «داعش» فإنّ الولايات المتحدة تحتاج إلى الأكراد أكثر من حاجتها إلى تركيا. فإذا ما وافقت الولايات المتحدة على الشروط التركية، وقرّرت التضامن مع أنقرة في استبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي فهذا يعني أولاً، احتمال قطع الأكراد علاقاتهم وتعاونهم الميداني مع الولايات المتحدة، لا سيما أنّ هناك بديلاً يتمثل بالتعاون مع روسيا وسورية، ومن شأن ذلك أن يجعل واشنطن تفتقر إلى وجود أيّ قوة على الأرض داخل الأراضي السورية، وتحديداً بعد صدور قرارات مجلس الأمن التي تؤكد على ضرورة محاربة التنظيمات الإرهابية، وتجريم أيّ دولة تسعى إلى التعاون مع هذه التنظيمات سراً أو علناً، وثانياً روسيا لن تقبل بانعقاد «جنيف 3» من دون مشاركة الأكراد، وإذا ما أخر انعقاد المؤتمر أشهراً طويلة فإنّ معطيات الميدان، بعد الإسهام الروسي الفاعل في الحرب على الإرهاب، واستعداد روسيا لتوجيه ضربات لأيّ تحرك جدّي يقيّد حربها على الإرهاب في سورية، من شأن هذه المعطيات أن تخلق واقعاً في غير مصلحة الولايات المتحدة، وإذا ما أخذ بعين الاعتبار تضافر هذين العاملين، فإنّ الولايات المتحدة ستواجه وضعاً صعباً يؤثر بعمق على مصالحها في المنطقة كلها.

هذه الأسباب والمعطيات تدفع الإدارة الأميركية للقيام بتحرك عبر نائب الرئيس الأميركي جون بايدن الذي زار تركيا وأجرى مباحثات مع المسؤولين فيها هيمنت القضية السورية عليها، وعبر وزير الخارجية جون كيري الذي زار الرياض في محاولة لتذليل العقد التي تعترض تشكيل وفد المعارضة، ولا سيما المشاركة الكردية في هذا الوفد.

إذا كان من الصعب التنبّؤ بنتائج الجهود الأميركية لإقناع حلفاء الولايات المتحدة بتغيير موقفهم، على الأقلّ من تمثيل الأكراد في وفد المعارضة، فإنه من المؤكد أنّ تمثيل الأكراد عقدة لا يمكن تخطيها، لا من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، ولا من قبل روسيا، فلا «جنيف 3» من دون مشاركة الأكراد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى