أن تكون سعودياً …ويحك!!

هاني الحلبي

تبوّأت المملكة العربية السعودية مجداً لا يُدانى ولا تقرب منه مملكة أو دولة حتى تفرّدت به.

لعله أخطأ مَن وصفها مملكة الرمال. ففي الرمال وتثنيّاتها جمالٌ بهيٌّ يبقى مثالاً للفن، موحياً للنحت، يفضح ريشة الريح وعبقريتها.

عيبُ المملكة العربية السعودية الوحيد أن تكون سعودية فتَصِم مَن سَعْوَدَتْهُم بسعوديَّتها. فيختزلهم آلٌ لم يحكمهم إلا بالسيف والمطوّع والفتوى الجاهلة. ولم يسُدْ عليهم إلا بإبادة كبارهم حتى ذُلّوا.

فأن تكون سعودياً وتقبل بحكم آل أبديّ، لم يتسنّم ظهرك إلا بالإبادة!

أن تكون سعودياً وتبتزّ أهلك بذممهم ويحكم القومَ أمراء كلّ ميزتهم أنّ جدّهم كان سفاحاً!

أن تكون سعودياً ومعنى الحياة عندك مواخير لندن وحانات باريس ووو..!

أن تكون سعودياً ويُكمُّ فمُك بالخوف ويُقطَّب بالسلاسل!

أن تكون سعودياً وتُدعى لـ«جهاد» فتَلِغ في دم أهلك طمعاً بأربعين وهماً قيل لك إنهن عذاراك منتظرات قدومك إلى عرس جنة! وألا تكون الجنة المنشودة منك سوى حانة أخرى طالما صرفت أيامك على أعتابها وتُهت فيها ورُفعت عن أرضها شلواً تتداولك الأيدي حتى الصباح!

أن تكون سعودياً وتُبتلى ببلاد تكبّر باسم ملك وتفتح عينيها على بيعته وتغمضهما على استقبالاته وترضاه مصيراً قدراً وكان الله يحب الخانعين!

أن تكون سعودياً وتقتل العلماء العزّل سوى من كلمة الحق يقولونها ضدّ ملك جائر ولا يهابون غير حساب خالق صمد!

أن تكون سعودياً عاقاً بلبنان. تستهين عدالته وتفرّط بأمنه وتتقاذف سياسيّيه المنتفِعين منك أوراقَ لعب على طاولة التسويات المذلّة التي أوقعتَ نفسك فيها!

أن تكون سعودياً وتقبل أن تشحن في حقائبك بدلاً من زهور لبنان وهوائه الفريد أطنان كبتاغون لتدمير إنسانك وشبابك وفتيان العالم، ولمّا تُسأل في تحقيق تبرّر بعذر أقبح من جريمة: إنها لاستعمالك الشخصي! وكلّ شياطين الجحيم لا تستهلك ما شحنت!

أن تكون سعودياً وتُشعل فتنة في بلاد التاريخ والحضارة، سورية والعراق، حيث كلّ شيء ابتدأ هناك، في جنوبه سومر، وكاد يكتمل، بذريعة مظلومية سنيّة يفتعلها أتباع الأميركي الذين ثأروا من طغيان زائل بطغيان أعمى منه. وكلّ طغيان إلى زوال يقرّره وعي وطني وشعب يتخذ القرار.

أن تقبل، أيّها السعودي، أن تهيّج العراقيين ضدّ أبنائهم الميامين في حشدٍ شعبي قدّم آلاف الشهداء والجرحى دفاعاً عن بيوت العراقيين وأعراضهم ونسائهم، فاستعادوا الكرامة التي هدرْتَها بمسوخك المستقدَمين من أقاصي الأرض إلى بغداد المستنصر لتكون قاعاً صفصفاً تقيم عليها «خلافة» لم تنته فتنُها بعدَ زوالها بقرون، لتستعيد فتنة الأمين والمأمون، فتحوّل كلّ بيت مجزرة، لتستعيد بسلاجقتك حصار الخليفة وبالتُّرك حراسة السلطان، وتقول: ها نحن قبيل آخر الزمان كلٌّ إلى سيفه! ألم تعِ للآن أنّ الله تعالى أجلّ من أن يكون منتقماً!

حوّلت بيوت الأيزيديين إلى سوق نخاسة وبعت سيداتهم بثلاثين من تنكِ وصفيح، وهجّرت أسرهم بأطفالها عراة جياعاً إلى جبال الصقيع، تظنّ أنك بدأتَ قيامتهم وحصتُّهم ثلاجة الكون لا نار جهنّم!

أن تكون سعودياً وترجم اليمن بلهبٍ رجيمٍ أشهراً عدة وتكابر بأنك تصدّ تدخلاً إيرانياً يتسلل تحت لبوس حوثي ليطوّق جزيرة العرب بالعرب، ولو كنت صادقاً لاعتنيت بعرب الربع الخالي ورفعت من رفاهيتهم لعلّهم يتذكّرون عروبتهم بعد ما جعلتها ورقة توت تذلّ أبناءها وتفرّق بينهم وتؤبّدهم في أسفل انحطاط لما صرتَ مرجعَهم. تستعبدهم بالنفط، تسترقّهم بالدولار، تسترضيهم بهبات زائفة لتسلح جيوشهم عبر وكلائك وكلفة أعلاها أقلّ من ليلة عري ملكي.

أن تكون سعودياً فمبتلى بما أنت حتى تقرّر أن تكون!

اكشحْهم عنك. انفضْهم عن مروءتك. استعِدْ عروبتك قدسية ونبلاً وشهامة وتضحية كانت مثالاً للعالمين. شُدَّ عزمك لتكون سيد البلاد. يا عربياً فقدتك الميادين، أنت الأحق بالثروة فهي لك. أنت سيد القرار والشريك العتيد في مصيرك. لا تقبل مسوخَهم «الأمراء» بدلاء عنك في مجلس شورى وفي مجلس أمة ولا في مجلس أعيان… كلّ مجلس لا تباركه قدمك يبقى الهجين!

كفاك ذلاً أنّ «جُبَيْرَك» هو الوزير!

ناشر موقع حرمون

Haramoon.org/ar

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى