تقرير
تطرّقت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية إلى موضوع حشد تركيا قواتها في مناطق الحدود مع سورية، مشيرة إلى أنّ الخبراء لا يستبعدون غزو سورية بحجة ملاحقة الأكراد والإرهابيين.
وجاء في المقال: أشارت مصادر عسكرية ـ دبلوماسية روسية إلى حشد تركيا قواتها العسكرية على مقربة من الحدود الشمالية والشمالية ـ الشرقية مع سورية، وهي لا تستبعد قيامها بغزو سورية بحجّة ملاحقة مجموعات حزب «العمال الكردستاني» والإرهابيين.
ويستنتج المحلّلون العسكريون من هذا احتمال إنشاء تركيا قاعدة عسكرية لها على غرار القاعدة الأميركية في محافظة الحسكة. كما لا يستبعدون أن تكون هذه المسألة أحد أهداف زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أنقرة مؤخراً. تشير إلى هذا بصورة غير مباشرة التصريحات الأخيرة لوزير خارجية تركيا مولود تشافوش أوغلو، الذي أعلن أنهم خلال زيارة بايدن الأخيرة ناقشوا كيفية توحيد الجهود لمكافحة «داعش».
وكان ممثل وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف قد أعلن يوم الاثنين الماضي عن حشد تركيا قوات عسكرية كبيرة في منطقة القامشلي. كما أن وسائل الإعلام التركية مستمرّة في نشر مواضيع معزّزة بالصوَر عن كيفية تخندق القوات في هذه المنطقة.
من جانب آخر، تنشر وسائل الإعلام الروسية والعربية معلومات عن مخاوف أنقرة من تنامي نفوذ الأكراد في منطقة الحدود، لذلك تحضّر منطقة عازلة بين مدينتَي جرابلس وأعزاز السوريتين، وإن هذا يتم بحجة رغبة الأتراك في استقبال اللاجئين السوريين في هذه المنطقة.
يمكن اعتبار هذه الأنباء بمثابة افتراض أو تكهّنات. ولكن تركيا في الفترة الأخيرة زادت من نشاطها العسكري في المناطق الحدودية المحاذية لسورية، وأشارت الأنباء الصحافية إلى أن مواقع القوات السورية التي استعادت سيطرتها على بلدة ربيعة الواقعة شمال ـ شرق مدينة اللاذقية على مقربة من الحدود التركية، تتعرّض لنيران المدفعية التركية. كما تؤكد مصادر صحافية أخرى إرسال تركيا منظومات صاروخية محمولة مضادة للجوّ عبر الحدود إلى المجموعات الإرهابية المتمركزة في المنطقة. وهذا يعني ازدياد الخطر على الطائرات الحربية الروسية. كما تشير المصادر نفسها إلى وصول قافلة شاحنات من تركيا إلى منطقة حيان السورية، محملة بالأسلحة والذخائر لـ«جبهة النصرة» التي تخطّط لمهاجمة منطقة دير الزور، حيث حقول النفط.
كل هذا يشير إلى أن تركيا تتعاون بنشاط مع المسلحين الذين يقاتلون ضدّ القوات الحكومية. ولكن هذا لن يكفي لتحقيق الأهداف العسكرية ـ السياسية والاقتصادية التركية في سورية. لأن الدعم الروسي لقوات بشار الأسد غيّر الوضع في منطقة الحدود التركية، حيث تمكّنت قوات الأسد من تحرير معظم مناطق اللاذقية. كما أن الميليشيات الكردية العاملة كقوة موحدة في تركيا وسورية لا تخفي نيّتها السيطرة على طول الحدود مع تركيا من أجل الحصول على حكم ذاتي كالذي حصل عليه أكراد العراق.
هذه الأهداف تدعمها بقوّة الولايات المتحدة و«إسرائيل». وروسيا من جانبها تدعم نشاط الميليشيات الكردية الموجّه ضدّ المجموعات الإرهابية. ولكن تركيا ورئيسها أردوغان يعارضون هذا بقوة. لذلك سيبذلون كلّ ما في وسعهم لمنع الأكراد من تحقيق طموحاتهم والسيطرة على الحدود السورية ـ التركية.
يشير الخبير العسكري الجنرال يوري نيتكاتشيف إلى أنّ تركيا بدأت عملياً بغزو سورية، بحسب ما تنشره وسائل الإعلام العربية مشيرة إلى أن القوات الخاصة التركية تحارب إلى جانب تركمان سورية في اللاذقية. ويتساءل الخبير: وإلا كيف تمكّنوا بتلك السهولة من إسقاط القاذفة الروسية «سو 24» في تشرين الثاني الماضي؟».
لذلك، لا يستبعد الجنرال الروسي الغزو التركي بحجة ملاحقة الإرهابيين، «خصوصاً أنّ نشاط هذه القوّات يلاحظ بوضوح على مقربة من ساحل البحر الأبيض المتوسط والمنطقة الصحراوية الغنية بالنفط، التي يسيطر عليها داعش، ومنها كان ينقل النفط الخام إلى تركيا. ولكن هذا لم يعد ممكناً حالياً. لذلك فإن غالبية الصهاريج تدخل العراق أولاً ثم إلى تركيا عبر منطقة كردستان العراق».
أما الجنرال آلِكسندر غوركوف، فيقول إن هناك احتمال دخول لاعبين آخرين إلى الساحة، لذلك يجب أخذ مسألة المضادات الجوّية في سورية على محمل الجدّ. فلضمان الحماية الجوّية الكاملة في الأجواء السورية من الضروري، بحسب قوله، وجود منظومتَي «أس 400 و«3 ـ 4»، ومنظومات «أس 300» لتغطية كامل الأجواء السورية.