تركيا تخسر رهاناتها مع استعادة سلمى وربيعة
بشرى الفروي
تتوالى الإنجازات العسكرية النوعية للجيش العربي السوري على ارض الميدان، فبعد استعادة الجيش بلدة سلمى التي كانت المعقل الأكبر للمسلحين في ريف اللاذقية الشمالي تمكَّن الجيش السوري ومجموعات الدفاع الشعبية التي تؤازره، مدعوماً بغطاءٍ جوّي روسي، من استعادة ربيعة والريحانيّة الاستراتيجيتين، ما يعني أنَّ معظم ريف اللاذقية الشمالي أصبح تحت سيطرة الجيش السوري.
معركة ربيعة، والتي تعتبر من أقسى المعارك بسبب الطبيعة الجغرافية المعقّدة و نها تطلب تكتيكات عسكرية خاصة فهي لا تقلّ أهمية عن بلدة سلمى، إذ تُعَدّ ربيعة أهم مناطق تواجد المسلحين في جبل التركمان، وواحدة من نقاط الارتباط الأساسية بين المسلحين وغرف العمليات الموجودة في الأراضي التركية، كما أنها تُعتَبر قاعدة لوجستية وتدريبية للمجموعات المسلحة، حيث تنتشر في محيطها معسكرات التدريب ومخازن الأسلحة وأماكن الاجتماعات، وباستعادة الجيش على البلدة يكون الجيش استطاع السيطرة على كامل جبل التركمان.
ومع استعادة السيطرة على سلمى وربيعة وعدد من البلدات بريف اللاذقية الشمالي وفرار المسلحين من جبهات القتال إلى الحدود التركية قام الجيش التركي بإغلاق الحدود بشكل كامل على امتدادها في جبل التركمان مانعاً المسلحين المنسحبين من دخول الأراضي التركية مما أجبرهم على التوجه نحو مناطق ريف إدلب التي تسيطر عليها جبهة النصرة.
تركيا تعيش بحالة من التخبط والإرباك مع هذه الوقائع الميدانية وأطبق عليها صمت الأموات، فقد نفّذ سلاح الجو الروسي 520 طلعة جوية و3000 صاروخ دمّرت تحصينات المسلحين وطرق إمدادهم في ربيعة، سمحت لقوات الجيش السوري والقوات الرديفة للتقدّم وتحرير أكثر من 92 كم مربعاً و 28 بلدة خلال 24 ساعة والسيطرة على نطاق 7 كيلومترات من الطرق الممتدة من بلدة ربيعة إلى الحدود التركية. وهذا يعني أن كل الطرق الرئيسية لتدفق الأسلحة والمسلحين من تركيا أصبحت تحت مرمى نيران الجيش العربي السوري، وما يمكن أن يتدفق سيكون ضمن الحدود الضيقة وبالقرب من الحدود السورية التركية ولا يستطيع الامتداد إلى داخل البلدات التي سيطر عليها الجيش السوري مؤخراً، وهذا ما يؤكد على سقوط أحلام أردوغان الشيطانية بإقامة المنطقة العازلة التي عملت تركيا على تأمين دعم كامل مالياً ولوجستياً وإعلامياً للمسلحين من أجل السيطرة على مناطق شمال اللاذقية لتكون نواة المنطقة العازلة أو اقتطاع جزء من الشمال السوري، لإقامة دولة للتنظيمات الإرهابية في تلك المنطقة، فإغلاق الحدود يعتبر اعترافاً تركياً بخسارة هذه المنطقة نهائياً.
التعزيزات العسكرية الروسية تعتبر عنصر قوة لدمشق وهذا ما عبّر عنه رئيس أركان القوات الروسية، الجنرال فاليري غيراسيموف، من أن «القوات السورية تجري أعمالاً قتالية كثيفة وتتقدّم من 10 محاور بفضل الضربات الجوية الروسية». وهو أيضاً ينضوي تحت راية تعزيز مكاسب دمشق الميدانية لصرفها على طاولة المفاوضات السياسية، بخاصةً أنها باتت تضع بين أيديها أكثر من عنصر قوة في الميدان وهو ما حتّم على القوى الغربية الرضوخ لمطلب إعادة تفعيل المفاوضات.
ومع الدعم الروسي العسكري والإنجازات النوعية للجيش السوري في محاربة الإرهاب، وبالتوازي مع الانكسارات السريعة للمسلحين توجّه سورية ضربة قوية لكل مَن يحاول عرقلة مسار الحلول السياسية وذلك مع اقتراب انعقاد مؤتمر جنيف 3 في 29 الشهر الجاري.
الميدان هو صاحب الكلمة الأولى في السياسة، فكلما تمّ الحسم العسكري اقتربنا من حل سياسي أكثر واقعية يتماشى مع تطلعات الشعب السوري وإرادته، فالجيش والقوات الرديفة فرضا معادلات جديدة نسفت مشاريع أعداء سورية ومهّدت الطريق للحلول السياسية التي توصل البلد إلى بر الأمان.