من يطلق من لبنان صواريخ دعم غزة؟!
يوسف المصري ـ خاص
دفعتا الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان باتجاه فلسطين المحتلة بمناسبة العدوان «الإسرائيلي» الجديد على قطاع غزة، كانت متوقعة، وتم الاحتساب لها، وذلك انطلاقاً من وجود نظرية يعرفها حزب الله وحركة حماس، ومفادها أنّ هناك أطرافاً فلسطينية وغير فلسطينية تتذكر الكفاح المسلح فقط بمناسبة اندلاع الحرب في غزة، وهدفها من ذلك ربما كان لفت النظر أو ربما أخذ جنوب لبنان إلى معادلة تقع خارج دائرة التنسيق بين أطراف محور المقاومة في المنطقة.
وكان لافتاً في هذا السياق نفي حماس لأن تكون ذراعها العسكرية «كتائب القسام» هي التي نفذت إطلاق صواريخ ليل السبت – الأحد الفائت من منطقة صور باتجاه نهاريا.
… ويستقيم المعنى السياسي الأعمق لهذا النفي عندما يوضع في سياق كلام سياسي أدلى به ممثل حماس في لبنان أسامة حمدان قبل واقعة إطلاق الصواريخ من منطقة صور، إذ قال: إن هناك تنسيقاً أمنياً ولوجستيا بين حركة حماس وحزب الله، مضيفاً إنّ العلاقة بين الطرفين هي أفضل مما يتوقعه المتفائلون.
لا يحتاج الكلام الآنف لإيضاحات فالحدود اللبنانية وارتباطها بجبهة غزة هي محل تنسيق حتى في ظرف الخلاف الحماسي مع الحزب في شأن الملف السوري، فهذا النوع من التنسيق ذو الصلة بملف المقاومة لا يتأثر بالخلافات الأخرى وهو دائماً يحظى بمكانة اهتمام مشترك لدى الطرفين «لا يتوقعه أكثر المتفائلين» كما أشار أسامة حمدان.
بيئة الجماعة الإسلامية
وعلى رغم أن واقعة إطلاق صواريخ من جنوب لبنان، بمناسبة اشتعالات غزة البطولية، هو أمر عرضي ولا يمكنه أن يؤثر في أجندة التنسيق الفعلي والاستراتيجي القائمة بعيداً من الأضواء بين أطراف خط المقاومة في المنطقة، إلا أنه يظل هناك من وجهة نظر متابعين لهذا الملف حشرية لمعرفة طبيعة وهوية الأطراف الذين يصرون في كل مرة على تنفيذ صليات الصواريخ من لبنان، بمناسبة معارك غزة.
وتقول المعلومات الخاصة بواقعتي ليليتي الجمعة والسبت اللتين شهدتا إطلاق صواريخ من جنوب لبنان، إن التحقيقات الأولى بينت أن التحضير لإطلاقهما يشي بأن الجهة المنفذة غير محترفة وربما كانت فردية، أو أن الجهة التي طلبت منها القيام بهذا العمل لا تريد سوى إرسال رسالة صوتية.
وبحسب هذه المعلومات فإنه لأكثر من مرة يتكرر مشهد أن منفذي عمليات إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان بمناسبة حروب غزة، هم من بيئة الجماعة الاسلامية الإخوان المسلمين – لبنان . وهذه المرة كما في مرات سابقة، يعلن المنفذون خلال استجوابهم أنهم نفذوا هذه العملية بقرار فردي وليس بإيعاز من قيادة الجماعة الاسلامية.
والواقع أنه لفترة غير قصيرة كان ساد تحليل في كواليس أمنية يفيد أن عمليات قصف الصواريخ تجري بعلم من أجواء في قيادة الجماعة الإسلامية إن لم يكن كلها. وأن هذه العمليات يتم تنفيذها لمصلحة حماس. ولكن مؤخراً جرى استبعاد إمكانية أن تكون لحماس صلة بها، وبدل ذلك بات يوجد تحليل يفيد أن هناك واحداً من احتمالين بخصوص الجهة المسؤولة عن قصف الصواريخ من لبنان:
الأولى أن يكون ما يحدث هو نوع من التعبير العاطفي الحماسي من جهات ليست على دراية بنوعية إدارة المعركة الموجودة بين أطراف محور المقاومة بخصوص هذا الملف.
أما الاحتمال الثاني الذي يجري التدقيق به، فيتعلق بإمكانية أن تكون هناك جهة لا يهمها ما يجري في غزة بل كل ما تريده هو الاصطياد بهذا الحدث من أجل إرباك حزب الله أو حتى جر الوضع في جنوب لبنان للاشتعال في توقيت لم تختره المقاومة ولا أجندة التنسيق بين المقاومتين الفلسطينية واللبنانية. وتريد هذه الجهات استكمال الحرب الخليجية على حزب الله في أية ساحة تراها سانحة، بغض النظر عن أي اعتبار.
المراجع المعنية بالتحقيق والاستنتاجات السياسية والإستراتيجية، تتخطى البعد القضائي والتقني الذي يجريه المستوى الرسمي اللبناني، ليتوقف في مكان وما وشكل ما مستوى من التنسيق الاستخباري بين الجيش والمقاومة، للقول إن المعطيات تعطي الأرجحية للطابع الفردي ولا تزال لاستبعاد الاحتمال الثاني، أي الغرضية السياسية المشبوهة، وترجيحاً لكفة الخيار الأول، شباب حرّكتهم مشاعر عاطفية عربية وإسلامية للتعبير عن تضامن وقعت بين أيديهم وسائل ذات صدى لجعله أقوى من مجرد بيان سياسي.