القريحة «الإسرائيلية» تجود وواشنطن والرياض تصادقان…
د. محمد بكر
ساعات معدودة مضت على ما تناقلته وسائل إعلام «إسرائيلية» لجهة ما يتنامى في المشهد من انفتاح عربي «إسرائيلي» لمواجهة التحديات في المنطقة، حتى بدأت الترجمة العملية لذلك على الأرض تتكاثر، لتتبدّى جلياً طبيعة العلاقة التي تجمع الكيان الصهيوني مع جملة من الحلفاء في المنطقة، وكيفية توظيفها لمواجهة تحديات مشتركة للجهات المتحالفة.
لم يجد وزير الأمن الصهيوني موشي يعالون أيّ حرج في تظهير ملامحها ومضمونها عندما فضّل «داعش» على إيران، ووجد في الأخيرة الخطر الرئيس في المنطقة، كذلك حذا مركز أبحاث الأمن القومي «الإسرائيلي» الحذو ذاته لكن بصورة تفصيلية مهمة ومن خلال تقريره الاستراتيجي الاستخباري لعام 2016 لجهة تعزيز أسلوب مواجهة الأبعاد غير النووية للنشاطات الإيرانية في المنطقة، إذ وجد التقرير أنّ سورية تمثل القناة الإيرانية في العالم العربي، وعبرها تحافظ على التواصل، وتعزيز قدرات حزب الله ومجموعات فلسطينية متطرفة، بحسب تعبير التقرير الذي اعتبر «أنّ اقتلاع نظام الأسد مصلحة «إسرائيلية» واضحة، ويشكل الردّ القاسي على إيران»، ومضى التقرير في تحليلاته مضيفاً: «إنّ على «إسرائيل» أن تجد طريقاً لدعم مسارات تؤدّي في نهاية المطاف إلى أن لا يكون نظام الرئيس بشار الأسد مهيمناً، وذلك في موازاة الامتناع عن تعزيز تيارات سنية متطرفة»، ولتحقيق ذلك فـ»إنّ على «إسرائيل» أن تطوّر أدوات جديدة وإبداعية أكثر فعالية، عبر التعاون مع الحلفاء في واشنطن وتركيا والسعودية»، إذ عدّ التقدير «أنّ كلاً من السعودية وتركيا هي من الدول البراغماتية والرئيسة في منظومة الكتل السنية، التي يجب التحالف معها»، ومن هنا نفهم ما أعلنه موشي يعالون نفسه وبصراحة تتضح مدلولاتها كوضوح الشمس عندما أكد «أن السعودية تشكل رأس محور مهم في المنطقة، والتعاون معه أهمّ من كلّ اتفاقات السلام».
قد لا يبدو الطرح «الإسرائيلي» وتفنيداته طرحاً جديد المعالم والتشكيل، فتلازم الرؤى «الإسرائيلية» السعودية، و»الإسرائيلية» الخليجية حيال النظرة إلى إيران وحلفائها ليس بالجديد على الإطلاق، لكن اللافت هو توقيت الطرح، ولا سيما في فترة تتحضّر فيها الجهات الدولية والإقليمية لإطلاق عملية سياسية سورية عبر «جنيف 3»، وكذلك تتابع الإدلاء بذات التصريحات وحرفيتها، ففي اليوم نفسه الذي نشر فيه مركز أبحاث الأمن القومي «الإسرائيلي» تقريره، أعلن وزير الخارجية السعودية عادل الجبير في تصريح لشبكة «سي أن أن» الأميركية أنّ بلاده تدرس «إمكانية إرسال قوات سعودية إلى سورية، وأنّ مفتاح إلحاق الهزيمة بـ»داعش» هو تغيير نظام الأسد، وتطبيق الإصلاحات في العراق المتفق عليها قبل عام ونصف العام والتي تضمن توزيعاً عادلاً للسلطات بين الطوائف».
كذلك فعل نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في اليوم التالي، ومن تركيا «شدّ الأزر» الإسرائيلي السعودي وأتمّ الرسالة، عندما أعلن أنّ بلاده «ستلجأ إلى القوة العسكرية في سورية إذا فشلت السياسة».
كلام بايدن قد لا ينتج أيّ حضور أميركي مادي على الأرض، ولا سيما بعد إعلان أوباما أنّ عودة بلاده إلى سياسة التدخل المباشر في المنطقة تتجاوز قدرات واشنظن الواقعية، لكن المؤكد أنّ بايدن بمدلولات كلامه الزمانية والمكانية، وما شكله من مظلة جامعة وداعمة لإرادة الحلفاء، قد بعث برسالة شديدة اللهجة، ولا سيما إلى الروسي المستمرّ في لعبة التحدّي، والحاضر بزخم في يوميات السياسة والميدان السوريين، والقائل للتوّ إنّ المبادرة الاستراتيجية في الميدان هي بيد الجيش السوري، هذه الرسالة التي مفادها أننا نحن أيضاً حاضرون ومستعدون لصياغة كلّ عوامل الإيلام والإفشال.
كاتب صحافي فلسطيني – ألمانيا
Dr.mbkr83 gmail.com