تقرير
كتب بوعز بسموت في صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية:
أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، علّمنا درساً في علم السلوك في خطابه منذ أيام قليلة في مجلس الأمن التابع للـمم المتحدة. فبعدما قال في نقاش حول الشرق الأوسط إنه يعارض البناء في المستوطنات، أضاف أنه «من طبيعة الإنسان» مقاومة الاحتلال. في هذه الأيام المجنونة التي يُطعن ويُقتل فيها المواطنون «الإسرائيليون» منذ أكثر من أربعة أشهر في موجة إرهاب جديدة، لم يبق لنا أيّ مجال للتساؤل إذا كانت هذه أيضاً «طبيعة الأمم المتحدة» في أن تمنح الإرهابيين الفلسطينيين الشرعية للقتل. «خيبة الأمل الفلسطينية تزداد تحت ضغط الاحتلال الذي يستمر منذ نصف قرن، والجمود في عملية السلام. هذه حقيقة لا يمكن النقاش فيها لماذا؟ فقد أثبت الواقع العكس . مع ذلك، كما تصرّفت الشعوب المقموعة على مرّ الأجيال، فإنّ الطبيعة الإنسانية تردّ على الاحتلال وبشكل متطرّف أحياناً»، قال أمين عام الأمم المتحدة.
لقد ندّد الأمين العام بالعنف حينما تطرّق إلى الإرهاب الفلسطيني. ولكن بالنظر إلى تصريحاته الاستفزازية التي تمنح الغطاء للإرهاب، لم يبقَ أمامنا سوى القول إن بان كي مون ندّد وبرّر، برّر وندّد بالإرهاب. هذا مخجل وخطير ووقح ـ لكنه يؤكد أيضاً على مدى الجهل أو التلوّن أو كلاهما معاً.
عند إعادة التفكير، قد يفسر ذلك لماذا نجد الشرق الأوسط اليوم في هذا الوضع المتردي والمفكك. المجتمع الدولي ومن يقف على رأسه لا يفهمون «طبيعة الشرق الأوسط»، أو ببساطة لا يريدون أن يفهموا. لا يفهمون قواعد اللعب وجذور الصراع، ولا يريدون أن يفهموا إلى أيّ حدّ تفرض الجغرافيا والتاريخ كتابة المستقبل. والدين أيضاً. السطر الأخير واضح/ التلوّن في تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة هو أن الدولة اليهودية هي التي تتلقى الضربات، أيضاً في الاسبوع الذي يتم فيه إحياء ذكرى الكارثة الدولية. فما الجديد؟
بالنسبة إلى آلبير كامو، الحائز على جائزة نوبل للأدب، فإن الإرهاب هو الإرهاب، هو الإرهاب، بغضّ النظر عمّن ينفّذه وأين. لا تبرير للإرهاب. وقد استغل كامو العرض المسرحي الخاص به «الصادقون» من أجل أن ينقل وبشكل لافت مسألة الإرهاب والشرعية له إلى فلسفته الإنسانية.
العرض نفسه يتأثر بحدث تاريخي حقيقي وهو التعرض لحياة الدوق الأكبر في موسكو في 1905 حيث خطّط أربعة من الثوار لإلقاء قنبلة على العربة التي أقلت الدوق الأكبر سيرج إلى المسرح. وكان سبب العملية ايديولوجيا ـ الثورة الشيوعية والقيصر الذي يسيطر على المدينة من خلال القمع، حيث يقوم بقمع أبناء شعبه. العرض يناقش إذا كان مسموحاً ومن الجدير التعرّض لحياة إنسان، حيث يوجد أيضاً أولاد في المحيط ويمكن أن يلحق بهم الضرر ـ في هذه الحالة كان شقيقا القيصر، الشاب ديمتري وأخته فابلونا. ويحدث جدل بين المنفّذين: كاليئيف يرفض إلقاء القنبلة وقتل الأولاد لأنه لا يوجد ما يبرّر قتل أولاد وأبرياء ، أما شريكه ستيفان فيعتقد أنه يمكن قتل الولدين من أجل إنقاذ ملايين الأولاد الآخرين من الجوع. وفي النهاية تنفّذ العملية، لكن في وقت متأخر يقول كامو: لقد تمّ إنقاذ الأولاد.
يا ليت آلبير كامو يكتب قصتنا أيضاً. فربما ستكون شولاميت كريغمان من بين الأحياء.