أردوغان وصبرا.. و«الاتحاد الديمقراطي»
نظام مارديني
إذن إنه العبور إلى جنيف 3 هو هو كما العبور للضفة الأخرى من نهر الفرات، ما اعتبر من قبل النظام التركي خطاً أحمر، ولكن هل يدرك أردوغان ونظامه العنصري أنه رهان على جنون العقل التركي الذي فُقد مع تقدّم الجيش السوري وسيطرته على جبل التركمان ووصوله للحدود التركية.
صحيح أن لعبة الدبلوماسية لا تحتاج الى الجنون كثيراً، قدر حاجتها للعقل ولو قليلاً، إلا أن الرهان على الأوهام سيفضي إلى حماقات هذا الجنون، والى المزيد من الشطط والخسارات، وبالمقابل يكون الركون السوري للعقل دافعاً عميقاً للحماية والمنع ومراقبة العدو التركي، كما الصهيوني والوهابي، وهو ينتفخ بأوهامه.
لا شكّ في أن البحث عن حلول غير تركية لتركية يفتقد لوجود الشرط الموضوعي – كما يقول الايديولوجيون – والرهان المطلق من قبل أردوغان على ما يُسمّى بالناتو هما نوع من المقامرة ، إذ إن هذا الحلف لا يشتغل لسواد عيون النظام التركي، ولا يؤجر طائراته ومراكز تجسسه وخبراءه مجاناً، فكل شيء في هذه اللعبة غير العاقلة خاضع لحسابات وسياسات، لكن بعض المعارضة السورية المرتهنة والموهومة بعقدة الحكم تجد أنه من الضروري تقديم أضحية لأنقرة، لتضيفها إلى خسائرها الأكثر بشاعة، فماذا يعني أن يصرّح المدعو جورج صبرا، «زبرة» بلا زغرة، إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي بقيادة صالح مسلم هو ليس حزباً سياسياً معارضاً، بل امتداد لتنظيم Bkk الإرهابي!
هل هو تقديم شيك مفتوح للنظام التركي من قبل صبرا ضد حزب سياسي في بلاده؟ أم أنه وهم الضعفاء جداً في حسم الأحداث في سورية ومحاولة الوصول إلى موقع قدم على الأرض حتى لو كان ذلك على حساب شريحة كبيرة من مجتمعنا السوري؟
بهذا المعنى ينطبق توصيف الجنون على أردوغان، بعدما وضع عقله في «المزبلة» وراح يصطنع للجنون بطولات، وأوهاماً، حدّ التورط في حروب قذرة ضد بلادنا وشعبنا، ولعل آخر مبتكرات جنونه هو محاولاته التي نجحت مؤقتاً منع حزب الاتحاد الديمقراطي من المشاركة في جنيف 3 وهو يدرك أنه من الصعب جداً حساب أرباح وخسائر هذه المعركة الدبلوماسية التي ردّ عليها عاجلاً الحزب مهدّداً القوات التركية بمواجهة قاسية إذا تجاوزت الحدود السورية، والتعاطي معها بوصفها قوات غازية لا محيد من مواجهتها بالسلاح.
الرهان التركي العنصري يعصف حالياً في المنطقة التي حوّلها جماعات ومركزيات عصابية مستنفرة، في الوقت الذي باتت فيه الحداثة في الغرب خياراً عاقلاً جداً، على مستوى بناء الدولة المؤسسية والحقوقية، وعلى مستوى تكريس قيم المواطنة، وإدماج الجماعات داخل أنساقها العلنية.
هكذا تتدحرج الأردوغانية وأوهامها إلى النار بقدميها!!