طهران: حقنا في التخصيب «نهائيّ وأبديّ»
انطلقت بعد ظهر أمس في فيينا، جولة جديدة من المحادثات النووية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومجموعة «5 1» على مستوى الخبراء، عشية الجولة الثالثة من المفاوضات النهائية الشاملة بين الطرفين، التي ستجرى في فيينا في 8- 9 نيسان الجاري، على أن يسبقها يوم 7 نيسان عشاء عمل بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومنسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، لإجراء التنسيقات المبدئية لهذه الجولة من المفاوضات.
وترأس الوفد الإيراني في هذه الجولة التي ستستمرّ 3 أيام، المدير العام للدائرة السياسية والدولية بوزارة الخارجية حميد بعيدي نجاد، وناقش الجانبان الاتفاقية النهائية الشاملة، بهدف إغلاق الملف النووي الإيراني، وتأكيد الطابع السلمي للبرنامج النووي ورفع الحظر المفروض على طهران.
ونوقش خلال الاجتماعات، وصول إيران إلى التكنولوجيا وسوق التجارة والمصادر المصرفية وكيفية الإشراف والمراقبة للأنشطة النووية، وفترة المرحلة النهائية، والقضايا المتبقية من مفاوضات الجولة الثانية في فيينا.
وتناولت الجولة السابقة من المفاوضات النهائية الشاملة التي عقدت يومي 18 و19 آذار الماضي في فيينا، قضايا التعاون الدولي في مجال التكنولوجيا النووية السلمية، وعملية تخصيب اليورانيوم، ومفاعل الأبحاث في مدينة أراك، والحظر المفروض على إيران، وتقرّر عقد اجتماع الخبراء قبل انعقاد جولة المفاوضات الثالثة.
تاريخ البرنامج النووي الإيراني
تطورات الملف النووي الإيراني والمفاوضات الأخيرة التي أعقبت الاتفاق الشهير بين طهران ودول «5 1»، تأتي بعد تاريخ حافل جرى خلاله إطلاق برنامج إيران النووي في خمسينات القرن العشرين، بمساعدة من الولايات المتحدة كجزء من برنامج «الذرة من أجل السلام». شاركت الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية الغربية في البرنامج النووي الإيراني إلى أن قامت الثورة الإيرانية عام 1979، وأطاحت بشاه إيران.
بعد الثورة الإسلامية، أمر الإمام الخميني بحلّ أبحاث الأسلحة النووية السرية للبرنامج، إذ كان يعتبر هذه الأسلحة محظورة بموجب الأخلاق والفقه الإسلامي. ولكنّه أعاد السماح بإجراء بحوث صغيرة النطاق في الأسلحة النووية، وسمح بإعادة تشغيل البرنامج خلال الحرب الإيرانية ـ العراقية، وقد خضع البرنامج لتوسع كبير بعد وفاته عام 1989.
وقد شمل البرنامج الإيراني مواقع بحث عدة. اثنان من مناجم اليورانيوم ومفاعل أبحاث ومرافق معالجة اليورانيوم، التي تشمل محطات تخصيب اليورانيوم الثلاث المعروفة، إذ يعتبر مفاعل بوشهر أول محطة للطاقة النووية في إيران، وقد اكتمل بمساعدة كبيرة قدمتها وكالة «روساتوم» الروسية الحكومية. وافتتح رسمياً في 12 أيلول 2011.
وأعلنت إيران أنها تعمل على إنشاء مصنع جديد للطاقة النووية في دارخوين قدرته 360 ميغاوات، وقد أعلنت شركة «Atomenergoprom» الهندسية الروسية، أن محطة بوشهر للطاقة النووية ستصل إلى كامل طاقتها الإنتاجية بحلول نهاية عام 2012.
تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية
وقد تعاقبت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول البرنامج النووي الإيراني منذ عام 2003، لتبلغ أكثر من 30 تقريراً حتى شباط 2013.
في عام 2006 ذكرت الوكالة الذرية الدولية أنها غير قادرة على استنتاج أن برنامج إيران النووي، هو لأغراض سلمية تماماً، وأشارت إلى أنه يمكن استخلاص مثل هذا الاستنتاج فقط بالنسبة إلى البلدان التي لديها بروتوكول إضافي ساري المفعول. تخلّت إيران عن تنفيذه عام 2006، وتوقفت أيضاً عن جميع أشكال التعاون الأخرى مع وكالة الطاقة الذرية، متجاوزةً ما تقرّه طهران بما هو مطلوب منها لتوفير ضمانات أمنية بموجب الاتفاق الخاص بها، بعد أن قرّر مجلس محافظي الوكالة، في شباط 2006، أن تقدم إيران ضمانات لعدم امتثالها لمجلس الأمن الدولي.
وقد استند مجلس الأمن الدولي إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ثم إلى القرار رقم 1737، الذي تلتزم فيه إيران بتنفيذ البروتوكول الإضافي. وقد ذكرت إيران أن أنشطتها النووية سلمية، وأن تدخل مجلس الأمن خبيث وغير قانوني. ومنذ عام 2011، عبرت الوكالة الدولية عن قلقها المتزايد بشأن الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامج إيران النووي، وأصدرت عدداً من التقارير لتهذيب البرنامج، ففي 21 شباط 2013، أصدرت الوكالة تقريراً يبيّن تطوراً في قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم. لتاريخ 12 شباط، حيث كانت إيران قد شغّلت 12,699 جهاز طرد مركزي «IR-1» في موقع ناتانز، منها 2,255 جهازاً، شغل بعد إصدار التقرير السابق في تشرين الأول.
وقد أفادت إيران أنه من المتوقع بدء العمل في مفاعل أبحاث الماء الثقيل «»IR-40 في موقع آراك في الربع الأول من عام 2014. أثناء التفتيش على تصميم «IR-40»، لاحظ مفتشو الوكالة أن تركيب أنابيب دائرة التبريد والتوجيه قد اكتمل تقريباً، ويشار هنا إلى أن هذه الوحدة قد ذُكرت في تقرير سابق.
غالبية الإيرانيين يؤيدون البرنامج النووي
أظهرت المقابلات والاستطلاعات المتلاحقة أن غالبية الإيرانيين من جميع الفئات العمرية، تؤيد البرنامج النووي لبلادهم، ففي عام 2008 أظهرت الاستطلاعات أن الغالبية تريد لإيران تطوير الطاقة النووية، و90 في المئة منهم يعتقدون أنه مهم 81 في المئة من هؤلاء يعتقدون أنه مهم جداً .
ووجد استطلاع للرأي في 2010 من قبل المعهد الدولي للسلام أن 71 في المئة من الإيرانيين، يفضلون تطوير أسلحة نووية، وهو ارتفاع حاد خلال الانتخابات السابقة من قبل الوكالة ذاتها. ومع ذلك، في 2012، وجد استطلاع على وسائل الإعلام الإيرانية أن 2 3 من الإيرانيين يؤيدون وقف تخصيب اليورانيوم في مقابل تخفيف تدريجي للعقوبات.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية شرحت لماذا تركت برنامجها لتخصيب اليورانيوم غير معلن للوكالة الدولية، مشيرة إلى أنه على مدى السنوات الأربع والعشرين الماضية قد «خضعت لسلسلة من أشد العقوبات والقيود المفروضة على تصدير المواد والتكنولوجيا المخصصة لأغراض التكنولوجيا النووية السلمية، لذلك فإن بعض عناصر برنامجها كان ينبغي القيام به سراً وبشكل متقطع. وقالت إيران: إن نية الولايات المتحدة «ليست سوى جعله مُحرماً» في حين أنه من حق إيران وغير قابل للتصرف أو التخلي عن تكنولوجيا التخصيب «نهائياً وأبدياً»، والولايات المتحدة صامتة تماماً على التخصيب النووي «الإسرائيلي» وبرنامج الأسلحة.