فرنجية تلقف إيجاباً كلام نصرالله وحوّله مبادرة سياسية… والترشيح مستمرّ جنبلاط وجعجع يصرّان على السجال وتحدّي حضور الجلسات… والراعي يؤيّد
كتب المحرر السياسي
ينطلق مسار الأشهر الستة التي سيعبرها الحوار السوري السوري في جنيف، هذا اليوم بلقاء مطوّل بين المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا والوفد المرافق له من جهة، والوفد السوري الرسمي الذي يترأسه السفير بشار الجعفري من جهة مقابلة، في ظلّ ضبابية تتصل بصورة استكمال هذا الحوار وآليته، مع تشتّت وفود المعارضة وسط إصرار جماعة الرياض على حصرية التمثيل بها، ووسط وجود تمثيل لتنظيمات إرهابية بين صفوفها، بينما كانت تتعالى أصوات السعودية وجماعة الرياض وتحاول تغطية المشاركة بالصراخ حول أولوية ما تسمّيه شروطاً لانطلاق التفاوض، مثل الشؤون الإغاثية ووقف النار وفكّ الحصار، لتبييض صفحتها المليئة بأعمال يندى لها جبين الإنسانية، أقلّها تاريخ «جيش الإسلام» ودوره في ما يعرف بمحرقة عدرا العمالية، وحرق عائلات بكاملها في أفران الصهر، وتجميعه الرهائن من نساء وأطفال مختطفين ووضعهم في أقفاص ينشرها في أحياء دوما وشوارعها وخصوصاً الأبنية التي يسكنها قادته.
مصادر متابعة لمسار جنيف توقفت أمام تطوّرين، الأول ما تحدّث عنه الجعفري من فشل سعودي في ترتيب وفد معارض يراعي معايير القرار 2254 بأن يكون شاملاً وممثلاً لكلّ أطياف المعارضات المتعدّدة، وخصوصاً مؤتمرات القاهرة وموسكو ودمشق للقوى المعارضة إضافة لفريق الائتلاف، وفي المقابل فشل الأردن بالتكامل مع الفشل السعودي في إصدار لائحة بالتنظيمات الإرهابية، تتمّ عملية تشكيل الوفود المعارضة بمراعاتها من جهة، وتتحدّد القوى المعنية بفقرة وقف إطلاق النار التي نصّ عليها القرار الأممي على أساس استثناء التنظيمات الإرهابية منها من جهة ثانية، وما يعنيه كلام الجعفري، هو أنّ الكرة في الملعب الأممي والدولي، وربما سينتظر لقاء ميونيخ لمجموعة الدعم الدولية لسورية التي تضمّ دول مسار فيينا، في الحادي عشر من الشهر الحالي، حيث بعدها يصير ممكناً تشكيل وفد معارض جامع لا مكان للإرهاب فيه، ويصير ممكناً البدء بترتيبات وقف النار والانطلاق في الحوار السياسي.
المصادر المتابعة توقفت من جهة ثانية أمام ما قاله مشاركون في وفد جماعة الرياض وكرّره قادة في الائتلاف عن الدعوة للعودة إلى الدستور السوري القديم، والقصد الدعوة لتوافق على تعديل دستوري يعيد توزيع الصلاحيات بين رئيس الجمهورية والحكومة، وقالت المصادر إنّ الأمر الدستوري وفقاً لتسلسل القرار الأممي لاحق لتشكيل الحكومة الموحّدة، وليس وقته الآن أبداً، ليصير المبرّر الوحيد لتناوله هو محاولة جماعة الرياض التأقلم مع القرار الأممي وما حسمه التوافق الدولي على وضع الحديث عن مستقبل الرئاسة السورية جانباً والتصرّف على قاعدة أنّ الرئيس السوري بشار الأسد باقٍ، ومحاولة استباق هذا التسليم بالدعوة لإعادة توزيع الصلاحيات الدستورية أو التبشير بها لمرحلة مقبلة.
في قلب هذه الثنائية تنعقد لقاءات جنيف من دون وضوح لفرص إحداث أيّ اختراق جدّي بانتظار لقاء ميونيخ للدول المشاركة في مسار فيينا، بينما كان التفجير الإرهابي في دمشق قرب مقام السيدة زينب الحدث الأمني الأبرز الذي حصد عشرات الشهداء والجرحى وأعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عنه.
لبنانياً توزّع تلقّي كلام الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله على مستويين، الأول والأهمّ كان للوزير السابق النائب سليمان فرنجية، الذي تابع بعد تغريدته الفورية تعليقاً على كلام السيّد نصرالله، بقوله «سيد الكلّ السيد نصرالله»، برسم ثنائية سياسية تقارب المبادرة عملياً، بتلقفها لمضمون خطاب السيّد، فقال فرنجية، إنه يربط انتخابه رئيساً بمشاركة حزب الله، بقوله لن أنزل إذا لم ينزل حزب الله إلى المجلس النيابي، ومن جهة مقابلة، ربط سحب ترشيحه بإعلان الرئيس سعد الحريري تبنّي ترشيح العماد ميشال عون، وهذا عملياً يعني ترجمة كلام السيّد نصرالله بجعل الترشيح مشروطاً بدعم حزب الله والانسحاب مشروطاً بتفاهم الحريري وعون، وبهذا يُعيد فرنجية ترسيم ترشيحه على حدود منح كلام نصرالله الداعم لترشيح عون فرصة نيل تأييد الحريري التي بدت مطلباً لدى حزب الله لاكتمال فرص نجاح الترشيح، مكرّراً ما قاله السيّد نصرالله رداً على دعوات النزول لانتخاب عون، بقوله «لو انسحب فرنجية يفترض ضمان مشاركة الحريري وموافقته ليتمّ انتخاب عون».
دعوات النزول إلى المجلس، لم تتوقف رغم عدم امتلاكها خارطة طريق لإنتاج رئيس، استمرت لمساجلة كلام السيّد نصرالله، خصوصاً بردود من النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات سمير جعجع، بينما تلاقى معها من موقع آخر مختلف البطريرك بشارة الراعي.
فرنجية: إذا رشّح الحريري عون فسأنسحب
لا تزال مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تلقي بظلالها على المشهد الداخلي، وبقيت في دائرة تحليل وقراءة ومحور مواقف مختلف الأطراف في الشأن الرئاسي، بينما يشهد الأسبوع الطالع جلسة لمجلس الوزراء الثلثاء المقبل لاستكمال جدول الأعمال ومناقشة إحالة قضية الوزير السابق ميشال سماحة وتفجيرَيْ برج البراجنة الإرهابيين إلى المجلس العدلي بعد تخطي عقبة التعيينات في المجلس العسكري.
وبعد أول تعليق له على كلام السيد نصرالله، بأن «السيد نصرالله هو سيد الكل»، شدّد رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية في حديث للـ»أن بي أن» أنه لن يتنازل لرئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون إلا إذا تأمنت إمكانية فوزه برئاسة الجمهورية.
ورأى فرنجية، أن «المهم أن لا أخسر ترشيحي من دون ربح ترشيح عون». وكشف فرنجية: «قلت لقيادة حزب الله أنه إذا رفضتم ورقة التفاهم بيني وبين الرئيس سعد الحريري سأمزقها، فطلبت مني الكلام مع عون». وأشار إلى أنه «متى قرّر الرئيس الحريري دعم العماد عون سأسحب ترشيحي».
موفد الحريري في بنشعي
وبعد ساعات من مواقف السيد نصرالله، برزت زيارة مستشار الرئيس سعد الحريري الوزير السابق غطاس خوري إلى بنشعي، حيث عقد لقاء مع الوزير فرنجية الذي استبقاه إلى مائدة الغداء، وتمّ البحث في ما حمله خطاب نصرالله والمستجدات السياسية ذات الصلة.
خيار الحريري الأخير…
وأكدت مصادر المردة لـ«البناء» أن «اللقاء بين فرنجية وخوري ليس الأول، بل سبقته العديد من اللقاءات بين فرنجية وخوري، كموفد من الحريري، للتنسيق في الشأن الرئاسي»، ولفتت المصادر إلى أن «أجواء اللقاء كانت جيدة ونقل خوري لفرنجية أن الحريري لا يزال على موقفه من ترشيح فرنجية وأن طرحه جديّ».
وإذ لفتت إلى أن الواقع الحالي لا يشي بقرب انتخاب الرئيس في هذه المرحلة، أكدت المصادر أن «فرنجية مستمر بترشحه ولكل مرشح الحق بأن يحصّن ترشيحه ويعمل للوصول إلى الرئاسة ولا يعني ذلك الخلاف السياسي أو الخصومة مع أحد».
ونفت المصادر أي تواصل مع التيار الوطني الحر في هذه المرحلة، وأوضحت أن «فريق 8 آذار متماسك وسيبقى وهناك حرص من جميع مكوناته على ذلك، لكن هذا لا يمنع التنافس السياسي على أحد الملفات التي لا تؤثر في الخطوط الاستراتيجية لهذا الفريق السياسي».
واعتبرت مصادر «المردة» أن «كلام السيد نصرالله ترك ارتياحاً كبيراً لدى فرنجية نفسه ولدى أوساط وجمهور المردة، فالسيد أظهر الجانب العاطفي الذي يجمعه بفرنجية والذي يحمل دلالات سياسية على متانة التحالف بينهما».
وأضافت أن «ترشيح فرنجية بات الخيار الأخير لدى الحريري بعدما فشلت قوى 14 آذار في إيصال مرشحها رئيس القوات سميع جعجع إلى الرئاسة»، وأكدت أن «فرنجية يملك مقبولية من الفريق الأكثر نفوذاً في السعودية، فيما هناك فريق آخر في السعودية لا يفضله بسبب صداقته مع الرئيس السوري بشار الأسد وانتمائه لمحور المقاومة».
حوري لـ«البناء»: مبادرة الحريري قائمة
وفضل عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري عدم التعليق على أجواء اللقاء بين فرنجية وخوري، وأكد لـ«البناء» أن «الواقع بعد كلام السيد نصرالله هو لا انتخابات رئاسية على قاعدة إما عون أو لا أحد»، وعن احتمال ترشيح الحريري لفرنجية رسمياً في ذكرى 14 شباط قال حوري: «فرنجية أعلن ترشيحه وليس من الضروري أن يرشحه الحريري رسمياً ونحن لا زلنا على موقفنا المتمثل بطرح ترشيح فرنجية»، موضحاً أن «جزءاً من مشهدية معراب يتعلق بالملف الرئاسي وجزءاً آخر مصالحة بين حزبين، لكن بين الحريري وفرنجية الوضع مختلف، حيث لم يحصل بينهما أي حرب أو عداء».
وعلق حوري على كلام فرنجية بأن «السيد نصرالله سيد الكل» وأنه ملتزم بما تقوله قيادة حزب الله في جلسة 8 شباط: «نحن نعرف مواقف فرنجية السياسية وتحالفه مع حزب الله ولا جديد في كلامه ومبادرة الحريري قائمة». وأكد أن «نواب المستقبل سيحضرون في جلسة 8 شباط ولكن لن يتأمَّن النصاب بسبب مقاطعة كتلتَيْ حزب الله والتيار الوطني الحر وكتل أخرى».
ويذكر أن وزير السياحة ميشال فرعون غادر إلى السعودية أمس للقاء الرئيس سعد الحريري ومناقشة الملف الرئاسي إضافة إلى ملفات أخرى، وأكد فرعون أن «لا جديد في الملف الرئاسي وأن الحريري منفتح على الحوار مع جميع الأطراف».
جنبلاط: هنيئاً لـ8 آذار بالمرشحَيْن
وفي ردّه على كلام السيد نصرالله، سأل رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في حديث لجريدة «الأنباء»: «إذا كانت إيران فعلاً لا تعطل الانتخابات الرئاسية اللبنانية كما تقولون، فيحقّ لأي مواطن أن يسأل عن الأسباب الحقيقية التي تمنع تأمين النصاب في مجلس النواب لانتخاب رئيس لبناني جديد طالما أن 8 آذار تفاخر بأن المرشحَيْن الرئاسيين ينتميان إلى خطها السياسي وهنيئاً لها بذلك؟».
جعجع: جاهزون لانتخاب عون غداً
أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فقال «إذا كان السيد نصرالله يعتبر أن فريقه حقق ربحاً سياسياً في الترشيحات الرئاسية، فلماذا لا ينزل إلى جلسة 8 شباط ويترجم هذا الربح السياسي». وتابع عبر «تويتر»: «أما قوله بأنه إذا انعقد مجلس النواب غداً لانتخاب عون، فنحن جاهزون للمشاركة، هذا أمر يتعلّق بهم، لأن المرشح الآخر للرئاسة من صفوفهم، والذي أكد البارحة تحديداً أن السيد نصرالله هو سيد الكلّ».
الراعي: نبارك المصالحة
وبارك البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المصالحة السياسية بين «القوات اللبنانية» والتيار الوطني الحر، آملاً أن تكون مدخلاً لمصالحة تشمل جميع فئات المجتمع اللبناني والكتل السياسية والنيابية، من أجل خير الجميع وخلاص الوطن.
وأضاف الراعي: «ليس من مبرر واحد، بعد إعلان المرشحين للرئاسة الأولى، لتعطيل الجلسات الانتخابية التي يجب عقدها وفقاً للنظام الديمقراطي والدستور والميثاق الوطني، بعد سنة وثمانية أشهر من الفراغ في سدّة الرئاسة، وقد نتج عن هذا الفراغ غير المبرر شرعاً تعطيل عمل المؤسسات الدستورية، وقهر المواطنين بالفقر والحرمان، وإقحام شبابنا الطالع وخيرة قوانا الحية إلى الهجرة».
جلسة حكومية غداً
حكومياً، بعد الاتفاق على تفعيل العمل الحكومي في جلسة الحوار الوطني الأخيرة وإنجاز تسوية التعيينات في جلسة الخميس الماضي، يبدو أن قطار عمل الحكومة قد انطلق، ومن المتوقع أن يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية صباح غدٍ الثلاثاء المقبل لاستكمال البحث في جدول الأعمال الذي قارب المئة بند، فضلاً عن إحالة قضية الوزير سماحة إلى المجلس العدلي محطّ نقاش ساخن بين الأطراف في الجلسة.
وأكدت مصادر رئيس الحكومة لـ«البناء» أن «قضية الوزير سماحة مدرجة على جدول أعمال الجلسة وستخضع للنقاش بين جميع المكوّنات وأي قرار سيتخذ بإحالة القضية إلى المجلس العدلي يحتاج إلى توافق، وستبقى القضية في إطار الحوار والنقاش ولن تؤثر على مناخ التوافق الذي ساد في الجلسة الأخيرة».
وعن ملف النفايات قالت المصادر: «هذا الملف غير مدرَج على جدول الأعمال، لكن ربما يطرح في الجلسة من خارج الجدول»، وأوضحت «أن رئيس الحكومة غير مرتاح لمسار هذا الملف، وهو متمسك بإزالة النفايات من الشوارع بمعزل عن طبيعة الحل أو نوعه، لكنه يفضل خيار الترحيل بعد عدم توافق الأطراف السياسية على خيار إنشاء المطامر».
خليل: اعتمادات الاستحقاق البلدي مؤمّنة
وأعلن وزير المال علي حسن خليل «أننا أنجزنا تأمين الاعتمادات المالية لإنجاز استحقاق الانتخابات البلدية بمواعيده». وأضاف: «على مستوى حركة أمل نحن مع إجراء هذا الاستحقاق ونحن على ثقة بأهلنا، وملتزمون بتحالفاتنا التي خضنا الانتخابات البلدية الأخيرة على أساسها، ونقول للجميع إننا في حركة أمل وحلفاءنا مستعدّون جيداً ولسنا محرَجين أبداً من خوض هذا الاستحقاق».
استمرار الاشتباكات بين «داعش» و«النصرة»
أمنياً استمرت الاشتباكات المسلحة بين تنظيمَي «داعش» و«النصرة» في جرود عرسال وسط معلومات عن سقوط قتلى وجرحى وأسرى من الطرفين، وعلمت «البناء» أن «داعش رفض وساطة لإنهاء الاقتتال مع النصرة في جرود عرسال، مهدداً بذبح أسرى للنصرة لديه ما لم تسلمه النصرة عناصره»، كما علمت أن «داعش نجح بالسيطرة على مواقع ونقاط النصرة في سرج العجرم وخربة الحمام ما بين وادي حميد وسهل العجرم».
على صعيد آخر، وصل قائد الجيش العماد جان قهوجي إلى الولايات المتحدة الأميركية ضمن زيارة رسمية تمتد أياماً عدة.
تعزيزات للاحتلال في مزارع شبعا
أمنياً أيضاً، شهدت منطقة زبدين وبسطرا في مزارع شبعا استنفاراً لقوات العدو «الإسرائيلي» التي استقدمت تعزيزات عسكرية، فيما حلّق الطيران الحربي «الإسرائيلي» وطائرات الاستطلاع في أجواء المنطقة، على خلفية اعتصام نفّذه أهالي منطقة العرقوب يتقدّمهم النائب قاسم هاشم احتجاجاً على إقدام القوات «الإسرائيلية» على جرف مساحات واسعة من الأشجار في منطقة المزارع».