الجبير بين انتظار الجمهوريين وانتظار المفآجات…

لم تعد خافية كمية العناد والمكابرة السعودية اللتي ظهرت منذ اندلاع الأزمة السورية لجهة التعنّت والإصرار على تنفيذ مخطط التغيير الذي تراه السعودية مناسباً لوضعها في المستقبل، فكان أن تبنّت السعي إلى إسقاط الرئيس السوري بشار الاسد، حتى تعقّد المشهد أكثر، وحققت المجموعات المسلحة المدعومة من السعودية بعض التقدّم الميداني، حتى استردّ الجيش السوري المبادرة ودخل حزب الله الحرب الى جانب النظام، وبعده الدخول العسكري الروسي الذي أحدث انقلاباً وتسريعاً بوتيرة العمليات..

هنا بات على السعودية محاربة حزب الله ايضاً بمرحلة اولى، فحاولت استهدافه داخل لبنان على اعتبار انّ لها نفوذاً فيه وقادرة على إحداث خرق في هذا المجال الذي ربما فشل «الاسرائيلي» بدخوله، فالرياض لديها حلفاء في الداخل اللبناني يتمتعون بنفوذ قوي في السلطة.

تمكنت السعودية من رعاية كبرى التفجيرات في لبنان، أبرزها تفجير السفارة الإيرانية، وقبلها وبعدها سلسلة تفجيرات بالمدنيين العزل في مناطق يقطنها جمهور حزب الله مثل الضاحية الجنوبية التي تعرّضت لأكثر من تفجير إرهابي…

لم تفلح السعودية في إحباط عزيمة الحزب، رغم أنها أوعزت لجماعتها بمحاولة عزله داخلياً، لكن الحزب عايش مرحلة عدم الموافقة على المشاركة وإياه في الحكومة حتى أتى اليوم الذي تغيّر فيه كلّ شيء.

أرادت السعودية محاربة روسيا أيضاً بكلّ ما أوتيت من قدرات، ففي مرحلة استهدفت روسيا بتفجيرات أو عمليات إرهابية محدّدة، وهناك من لعب على وتر تحريك المعارضة الداخلية الروسية ايضاً في وقت مبكر من الأزمة السورية، من ثم الاختبار الكبير في أزمة القرم حيث أظهرت روسيا نوعاً حاسماً من السلوك الغير متوقع فدخلت القرم عسكرياً.

اليد السعودية الداعمة لكلّ ما من شأنه إرباك روسيا كانت حاضرة، والمفاجأة انّ روسيا قرّرت المشاركة العسكرية في سورية أيضاً فانقلبت الطاولة رأساً على عقب…

اللافت سعودياً حتى الساعة التوجه نحو الانتحار السياسي والأمني والمعنوي، فهي لا تزال تراهن على إيجاد فرصة تحقق فيها نصراً في سورية، وفي هذا الاطار لم تقتصر على مساعيها محاربة حزب الله وروسيا، بل ايضاً فتحت استفزازات ومعارك كبرى مع إيران في حرب وحشية على اليمن استهدفت فيها حلفاءها ولا تزال، إضافة إلى أزمات أخرى عديدة مثل كارثة حجاج منى وإعدامها الشيخ الشهيد نمر باقر النمر.

اليوم تبدو السعودية مربكة وتحاول استغلال ما تبقى من فرص علّها تعيد بعض الأمل في الحضور بقوة السياسة على طاولة المفاوضات التي توجهت ووجهت مجموعتها اليها، لكن من دون الاستسلام من إمكانية ابتكار أساليب ضغط جديدة على تغيّر الأحداث، وهنا يلفت الوضع الجيد والجديد الذي يجمع السعودية وتركيا سوياً بعدما كادت تندلع ازمة كبرى بينهما منذ بداية أحداث المنطقة بعد اكتساح «الإخوان المسلمين» السلطات في مصر وتونس، واليوم تبدو هذه العقبة قد طويت.

يضاف الى كلّ هذا حديث سعودي يشرح أسباب التعنّت، ومفاده انتظار وصول الجمهوريين إلى البيت الأبيض في أميركا، وهنا بيت القصيد… فهل ستدعم الرياض حملات انتخابية اميركية بصفقات مسبقة مع مرشحين بإطالة عمر الأزمة السورية بعد حتى لا يعلن عن هزيمتها؟

اذا كان ذلك ممكناً فكيف تتجاهل الرياض العمل العسكري الروسي من اليوم حتى موعد انتخاب الرئيس الاميركي؟ التقديرات تفيد انّ فترة من هذا القبيل من شأنها إضعاف قدرة المعارضة على البقاء، بل ستشهد اكتساحاً عسكرياً روسيا سورية، ايّ انّ فرصة كسب سياسي للمعارضة قد تتضاءل، فهل تحسب الرياض هذا الحساب جيداً وتستمع لنصائح جون كيري بالانضواء تحت معادلة التفاوض اليوم قبل ان تفرض انتصارات الميدان عزلها؟

المملكة بين انتظارات وخيارات سقوط تلو الآخر.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى