جنيف… بين الفشل السعودي والإفشال الأميركي
لؤي خليل
مداولات جنيف المتعدّدة والمتكرّرة والاستقطاب التمثيلي السعودي الأميركي حول المشاركة من عدمها، والدعوات مع الاستثناءات وأطراف المعارضات وتعدّد المراهنات على الفشل التكتيكي من عدمه، كلها أصبحت رمايات تمهيدية تسبق الحذر الأميركي الغربي من أيّ انتصار مفاجئ روسي سوري في الميدان ينهي الخطابات السعودية الرنانة من جنيف إلى الرياض.
فالفشل السعودي المتعدّد سياسياً وميدانياً سيزيح الستار قريباً عن الانهماك التخريبي لآل سعود في منطقة تصنّعت فيها المملكة قيادتها للعرب، فإذ بها تقود مؤامرات على العرب، وتمجّد الخلافات الطائفية وتتآمر والآلة الوهابية لتسعير النار التي فاقت حجم التآمر لترتدّ حرباً تحرق حدودها، ورغم كلّ هذه البنود التي أصبحت واضحة وتبيّن حجم الفشل السعودي في صناعة لوحة فنية لوجه المعارضة، أيّ الدفع بأطراف سياسية بوجوه عسكرية من التنظيمات الإرهابية التي تحارب وجه الأمم.
وتطريز هذه المجموعات بوجوه سابقة تغلغلت في الفساد الحكومي السابق، كلّ هذه الطروحات السعودية ليست إلا إفشالاً مسبقاً بحكم بعيد عن أيّ محادثات ترسم أيّ طريق للحلّ أو حتى إيقاف الاندفاعات الإرهابية للقتل والدمار بتخطيط تركي سعودي،
فهذا فشل مسبق يوازي أيّ تحرّك وتفاوض على طاولة جنيف أو غيره.
فالربط الديناميكي بين انتصارات إيران وبعدها السياسي الجديد في المنطقة والعالم، وتحرك موسكو في بحار المنطقة كلها حروف وكلمات باتت تسبق أيّ نقاش في مصالحات جنيف السورية، فهذا الربط وسواه بين حدود المناطق في جنيف الى موسكو والرياض لن يزيح الستار قريباً عن أوراق اعتماد لأيّ وفد معارض، فالتغييب المتعمّد لوجوه معارضة كانت طرفاً في بداية النزاع السياسي، واستحضار رموز إرهابية في وجه الحكومة السورية هو عصيّ سعودية بإدارة أميركية في العمق السياسي الدولي.
فالإيهام الأميركي بالدفع قدُماً في اختبارات السباق للحلّ السياسي تارة بالانعطافة مع التركي وتارة أخرى بالعصا السعودية، ومرة أخرى بالخليط القطري الإخواني، كلها رهانات في صفّ الدفاتر الغربية بانتظار قوائم الميدان السوري وخطوط التماس الجديدة التي يرسمها التحالف الروسي ـ السوري لإلغاء أيّ جمود غربي باتجاه العمق السياسي السوري والحكومي خاصة، فالحلف المقاوم ومن خلفه الروسي والعمق الاقتصادي بات مرهوناً بانتصارات الميدان ويخطط لأيّ محادثات بمعرفة تامة أنّ الخطوات الأميركية سواء بإفشال حلفائه في السعودية وتركيا، ووضع فرامل في عجلات الدعم للقوى الإرهابية التركية السعودية، أو إفشال الدفع المعارض السعودي عبر مقترحات الوفود الخاطئة أصلاً لمفاوضات يحكم عليها بالخصام المعارض لنفسه فكيف مع الطرف السياسي الآخر.
هذه المقدّمة وإنْ لم تكتف أميركا وحلفاؤها بالأطراف السعودية المعارضة لإفشال أيّ حلّ بخطوط سياسية تحفظ دماء من تبقى من السوريّين، فالمضيّ بجلسات تفاوض مشروطة بما يسمّى الانتقال السياسي الى الحلّ الموقت مسبوق بوقف إطلاق النار يخرق بزناد الأزمة السعودية المقبلة، وأخرى بانتظار حروف السياسة الأميركية وانتخاباتها التي قد تبعد أيّ حلول موقتة أو نهائية، هذا المزاج السياسي العالمي سيجمّد أيّ حلّ يتأمّله السوريون على المدى القريب بإنهاء نار القتل الوهابي عن بلادهم، وإسكات الحقد الطائفي في شوارع القهر المفروض في مدن الدمار التي بات الجيش العربي السوري على مشارفها ومعه حلفاؤه وكلهم إيمان بصكوك البراءة التي سيحرزها تحرير المناطق من زنود الإرهاب، والنجاة بأهالي البلاد الأصليين وهي قوات الجيش العربي السوري التي ستحرّر النفوس وتطفئ نار الحقد وتصنع المصالحات بأيادي وضمائر أبناء البلد ممّن تعرّفوا وعانوا من قادة الوجوه التي فرضتها الوهابية على شاشات الحقد، وتالياً في شوارع المدن السورية ممّن أتوا من كلّ بقاع الأرض.
هذه الانتصارات التي تحققها سورية وحلفاؤها ستدفع بالنصر الذي سيطفئ النار وسياسات الإفشال السعودية، لتصنع حلاً سورياً بامتياز بعيداً من أيّ فروض يرسمها الإخفاق السعودي ـ الأميركي.