انهيار سياسي وعسكري لجماعات أنقرة والرياض من نُبُّل والزهراء إلى جنيف عملية نوعية للجيش اللبناني تضع بيد اللواء إبراهيم فرص المقايضة بالعسكريين
كتب المحرر السياسي
في هجوم نفسي وسياسي وعسكري متزامن نجحت سورية في قطاف نصر مزدوج، عندما شهد المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أثناء لقائه بوفد جماعة الرياض وهو يزور رئيسهم رياض حجاب ترحيباً بقدومه في الفندق الذي ينزل فيه، حال الهرج والمرج التي أصابت العناصر المئة وعشرين الذين يتشكل منهم المشاركون بالوفد ونساؤهم ومرافقوهم، وبينما يتحادث دي ميتسورا مع حجاب دخل عليه أعضاء من الوفد يحملون أوراقاً ويهمسون ويتهامسون بوجوه صفراء، حتى انفجر حجاب بحالة هستيرية، فاقداً السيطرة على نفسه، كما روى بعض المقرّبين من الوفد الأممي المرافق لدي ميستورا، الذي لم يفهم ما يجري حتى تبلّغ هو الآخر من أحد معاونيه بأنّ الجيش السوري وحلفاؤه قد نجحوا بتوجيه ضربة قاصمة لثنائي «جيش الإسلام» و»أحرار الشام» في ريف حلب الشمالي، وأنجزوا فك الحصار الذي دام قرابة الأربع سنوات على بلدتي نُبُّل والزهراء، وعندما شهد دي ميستورا توجيهات حجاب لمرافقيه بحزم الأمتعة، اقترح إجازة تفاوضية ليومين تخصّص للمشاورات، بينما الحالة الهستيرية لحجاب تتفاقم وتتصاعد، ما أصاب الحضور بالخوف من إصابته بحادث مفاجئ صحياً بحضورهم، ليخرج دي ميتسورا عائداً بسرعة إلى جمع فريقه والتشاور مع نيويورك، ونائبَيْ وزيرَيْ الخارجية الروسية غينادي غاتيلوف والأميركية آن بترسون، ويعلن تأجيل التفاوض إلى الخامس والعشرين من شباط.
حصد دي ميستورا ثمار تهاونه في تطبيق القرار الأممي 2254، سواء لجهة ارتضائه القرصنة السعودية والسطو على مهمته الأصلية بتشكيل الوفد المعارض بعد التشاور مع جميع الأطراف بصورة تضمن، كما نصّ القرار، تمثيل كلّ أطياف المعارضة، فجاء التمثيل المبتور والانتقائي بصمت من دي ميستورا ليجعل بدء المفاوضات مستحيلاً، بينما ارتضى التخلي عن مهمته بوضع لائحتين منفصلتين لكلّ من التنظيمات المعارضة والتشكيلات الإرهابية، مَن يجب إشراكه في العملية السياسية ومَن يجب خوض الحرب عليه، ليضمّ وفد جماعة الرياض تشكيلات وتنظيمات يعرف دي ميتسورا سجلها الإرهابي وتاريخها الإجرامي، ويقطف دي ميستورا الفشل الفاضح ليكون درساً يبني عليه للجولة المقبلة خطوات محسوبة ومدروسة، ينتظر أن تتولاها عن دي ميتسورا لقاءات ميونيخ التي ستعقد للدول المشاركة في مسار فيينا.
النصر العسكري النوعي للجيش السوري وحلفائه، يضع معادلة واضحة وحاسمة للعملية السياسية في جنيف، النزاهة في مقاربة تطبيق القرار 2254 وبسرعة، وإلا تسارع الإنجازات العسكرية وتدحرج الانتصارات حتى لا يبقى من الجماعات المسلحة المختلف على تمثيلها إلا بقايا الذاكرة السوداء.
في يوم الانتصارات السورية، جاء تلازم المسارين اللبناني والسوري في صناعة النصر بين الجيشين معبّراً، ومذكّراً لمن تاهت بهم الذاكرة، فنجح الجيش اللبناني في عملية نوعية جريئة ومتقنة، بإلقاء القبض على ستة عشر مسلحاً من جماعة «داعش»، بينهم مسؤولون وقادة بعدما قتل ستة غيرهم، ونفذت المجموعة المكلفة بالعملية مهمتها بدقة ونجاح وعادت إلى قواعدها سالمة، لتضع بيد المفاوض اللبناني المشرف على ملف العسكريين المخطوفين المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ورقة المقايضة الكبرى.
سلام يشارك اليوم في مؤتمر دعم سورية
يشارك رئيس الحكومة تمام سلام في مؤتمر دعم سورية والمنطقة الذي يعقد اليوم في لندن بحضور نحو 70 دولة ومنظمة دولية، بحثاً عن سبل معالجة أزمة النازحين السوريين إلى دوَل الجوار السوري وأوروبا الى حين عودتهم الى بلادهم. وتبدي مصادر وزارية قلقها وخشيتها من أداء المجتمع الدولي مع أزمة النازحين، لا سيما أنّ الغرب يريد معالجة هذه الازمة في الدول الاوروبية على حساب لبنان عبر تقديم الاموال لبقائهم فيه.
بكركي لرئيس من خارج نادي الأقطاب
وفي شأن الاتصالات التي تجريها بكركي مع المعنيين في الداخل والخارج لإنهاء الفراغ الرئاسي، التقى البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي سفراء فرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية والمانيا وايطاليا والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية وممثلين عن المملكة المتحدة والصين بحضور السفير البابوي غبريال كاتشيا والمنسق الخاص للأمم المتحدة سيغريد كاغ. ودعا المشتركون إلى أن يحضر جميع أعضاء مجلس النواب جلسة نيابية بشكل عاجل والمضي قدماً في انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن.
وأكدت مصادر بكركي لـ«البناء» نقلاً عن البطريرك الراعي «أنه في حال لم تنجح الاتصالات والتسويات والحوارات في وصول أحد الاقطاب الأربعة الى رئاسة الجمهورية، يجب انتخاب رئيس من خارج نادي هؤلاء الاربعة». واشارت المصادر إلى «أن لقاء البطريرك الراعي سفراء الدول الخمس يأتي في سياق طلب المساعدة من دولهم لدى المعنيين في لبنان للتوصل الى انتخاب رئيس». وأشارت المصادر الى «أن البطريرك الراعي يعتبر أن الرئيس القوي هو الذي يحظى بدعم من بكركي والمرجعيات السياسية والوطنية أما الحيثية المسيحية فهي تصلح للزعامة والانتخابات النيابية، وللأسف لا تصلح للانتخابات الرئاسية في لبنان».
وفي سياق متصل اعتبر مجلس المطارنة الموارنة «أن الحوارات لن تكونَ فاعلة إلا تحت قبّة المجلس النيابي وطالب الكتل النيابية بالمثول إلى المجلس النيابي لإطلاق المسار الديموقراطي، بحسب ما يقتضيه الدستور.
بري: لبنان ثمرة ناضجة
ورأى رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ على اللبنانيين الاستفادة من اللحظة القائمة لمواجهة كل الاستحقاقات وأولها انتخاب رئيس للجمهورية، مشيراً إلى «أن لبنان ثمرة ناضجة قطافها الآن أفضل قبل أن تسقط في المستقبل». ورداً على سؤال من أحد النواب حول كلام جعجع «على الأمل بلقاءٍ قريب في معراب بالذات»، قال بري «إذا كان يريد أن ينتظر فلينتظر»، مجدداً بحسب ما نقلت عنه مصادر نيابية لـ«البناء» التأكيد ان الرئاسة في الثلاجة، رغم أن بعض القوى السياسية تجري بوانتاج وتتصرّف على اساس ان نصاب لـ85 نائباً متوفراً».
ورأى ان الهجمة التي تشن على وزير المال علي حسن خليل جراء التعيينات في وزارة المال في غير محلها، وليست صحيحة»، معتبراً «أن التغيير في التشكيلات أمر ضروري، كي لا تكون المواقع في وزارة المال وغيرها باباً من أبواب الارتزاق». ورأى أن عودة الحكومة لعقد جلساتها بشكل طبيعي يستوجب استئناف جلسات مجلس النوّاب لمواكبة هذا المسار والقيام بواجبه ومسؤولياته التشريعية.
وأكد وزير المال في مؤتمر صحافي عقده في الوزارة أنه «لم يحصل أي تعيين في وزارة المال على الإطلاق»، مشدداً على أنه «في وزارة المال 4 مدراء من الطائفة المارونية يحرص عليهم»، ومشيراً الى «أن في الفئة الثالثة 244 موظفاً من الطوائف المسيحية و193 من الطوائف الإسلامية». ولفت إلى أن هناك شبكة مصالح على مستوى الوزارة وخارجها حركت موضوع التشكيلات. أنا مسؤول عن كل فرد في الوزارة بعيداً عن كل الحساسيات وأمارس العمل على هذا الأساس. لا أريد المناصفة في الوزارة بل أريد حصة وازنة للمسيحيين».
الى ذلك نقلت أوساط سياسية عن رئيس اللقاء الديمقراطي قوله لـ«البناء» «إن لا حظوظ للعماد ميشال عون في رئاسة الجمهورية طالما أن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري يضع فيتو على وصوله»، مشيراً الى «أن على فريق 8 آذار تلقف فرصة دعم الحريري لترشيح النائب سليمان فرنجية، فإذا طالت الأمور ربما لن يصل أحد من مرشحي فريق 8 آذار».
وعلى صعيد قانون الانتخاب، علمت «البناء» أن النائبين ألان عون وجورج عدوان أكدا اول امس خلال نقاشات اجتماع لجنة التواصل تمسك حزب القوات والتيار الوطني الحر بتقسيم لبنان إلى 15 دائرة على اساس النسبية، وقد لاقى هذا الامر اعتراضاً من حزب الله وحركة امل في ما خصّ تقسيم الجنوب الى ثلاث دوائر.
حزب الله والكتائب حوار بعد تواصل متقطع
هذا، ومن المرتقب أن يلتقي رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميّل كخطوة أولى لتأسيس حوار بين الطرفين. وأكدت مصادر مطلعة على اجواء لقاءات حزب الله والكتائب الأخيرة لـ«البناء» أن الكتائب وحزب الله هما منذ نحو سنتين في حالة من التواصل المتقطع لم يصل الى درجة الحوار حتى الآن». ولفتت الى ان اللقاء الذي من شأنه أن يؤسس الى حوار يأتي في سياق موسم الحوارات الثنائية الذي أقلع في البلد».
عملية عسكرية نوعية
أمنياً نفذت قوة من الجيش في محلة وادي الأرانب عرسال عملية عسكرية نظيفة تعتبر نوعية ومحترفة، بكل المعايير، وتندرج في الإطار العسكري تحت عنوان العمليات الاستباقية الاحترازية ضد مجموعة إرهابية تنتمي إلى تنظيم داعش الإرهابي، كانت تخطط لمهاجمة مراكز الجيش وخطف مواطنين في منطقة عرسال. وتمكّنت من القضاء على 6 إرهابيين مسلحين، عرف منهم القيادي الإرهابي أنس خالد زعرور، ومن مصادرة كميّات من الأسلحة والقنابل اليدوية والذخائر والأحزمة الناسفة وأجهزة كواتم للصوت وآليتين، كما دهمت قوّة أخرى من الجيش مستشفى ميدانياً يستخدمه التنظيم المذكور في المنطقة نفسها، وأوقفت 16 إرهابياً، بينهم الإرهابي الخطير أحمد نون، من دون تسجيل أي إصابات تذكر في صفوف القوى العسكرية. وعلم أن من بين الموقوفين من داعش خلال عمليات الدهم للجيش في جرود عرسال قياديين أساسيين وجميعهم من الجالية السورية.
وشددت مصادر عسكرية لـ«البناء» على «أن الجيش يطلع بمسؤولياته ويمارس مهامه الدفاعية من دون التوقف عند القرار السياسي الذي بات واضحاً أنه بإملاء من جهات خارجية، ترفض وتمنع تحرير عرسال وتطهيرها من الإرهاب، رغم أن وزير الداخلية اعترف صراحة أن هذه البلدة محتلة من الارهابيين، لكنه وبشكل مفاجئ اكد ان الدولة لن تتخذ قراراً بتحريرها، ولم تكلف الجيش بذلك، بل ترك الامر للاهالي الذين يعانون الأمرين من سيطرة الارهابيين». ولفتت المصادر إلى «أن الجيش تميّز قيادته بين العمل الهجومي الذي يتطلب قراراً سياسياً وغطاء رسمياً غير متوفر حالياً وبين العمل الدفاعي والتدابير الاحترازية والوقائية التي لا تتطلب مثل هذا القرار». وشددت المصادر على «أن الجيش لن يتوقف عند تصريحات بعض السياسيين وقام بواجباته التي تصب في خانة مهمته الدفاعية ونفّذ عملية نظيفة وحقق المبتغى ثم عاد الى مواقعه السابقة، ضمن مهمته التي يمنع عبرها تسرب المسلحين الى الداخل».
كذلك، استهدف حزب الله بصاروخ موجّه مجموعة من تنظيم داعش في منطقة الكهف بين القاع ورأس بعلبك ما أدى الى تدمير «دشمة» رشاش ثقيل من عيار 14.5 ومقتل مَن بداخلها».