كم أتمنّى؟!
قالت له: أنظر إلى عينيّ ولا تهرب بنظراتك إلى حيث لا أريد أنا، أنظر ولا تتكلم ففي صمتك بوح أصدق وأجمل.
قال لها: وممّا تظنين أنني أهرب؟
قالت له: الظنّ ليس من عاداتي، إنّما أنتَ من تغيّر. وما أطلبه ليس إلا يقيناً بأن هناك شيئاً غادرك، وسافرت به من دون أن تحجز لي مكاناً قربك.
قال لها: وهل برأيك أنني أستطيع رؤية أنثى غيرك أنتِ، وأنا من فقدت خيارات التنقّل منذ التقيت بك، وصارت عيناك محطّتي الوحيدة واستراحتي، وصار الشوق إليكِ عذاباً حتى وإن كنت قربي؟
قالت له: حبّي لك وحده من أملك، والجدل في غيره مستحيل أن يثمر. فأنا لا أستطيع أن أكون حارسةً لأراقب مشاعرك إلى أين ترحل. حبّي لك خياري، والقرار مُلكك أنتَ. ولكن، إن بحثتَ عن غيري، لا تقبل بمن هي أقلّ منّي قدراً كي لا أراك بمستوى من رحلت إليها. فيسقط حبّك من قلبي، وتتكسّر أسطورتك في مخيّلتي أسفاً، وتضيق أحلامي حتى تتلاشى ألماً، فلن تجدني عندما تنتهي من لهوك. إنّي أحببتك بشغف يا سيّدي، فأرجوك لا تقتل تلك الحماسة التي لازمت مشاعري منذ سمعت همس صوتك.
قال لها: لم أكن أعرف أنكِ بهذا الذكاء حتّى تعرفي ما يجول من حولي، وتلمّحي لأمور لم ترها عيناك. فكم أكون مجنوناً إن غادرتك، وإن كان ذلك مجرّد لهو ولعب.
قالت له: لا تسأل عن إحساسي وأنت تعرف كم هو صادق، وأنت معبودي فكيف لا أشعر بما يجري من حولك؟ ولكنني، آه يا حبيبي كم أتمنّى لو أنّني لا أعرف!
ولا تعنيني أبعاد الكلام والصوَر. وكم أتمنّى ألّا ترى عيناي الأشياء بما ترمز، لما هلكت روحي في متاهات الغموض، وغرق قلبي في أعماق هائجة تعصف نبضاته بجنون، ولَكنت اكتفيتُ بحضنك الحنون!
سناء أسعد