«حياتي زورقٌ مثقوب»

عن منشورات «المتوسط» ميلانو ـ إيطاليا ، صدرت للشاعر السوري عماد الدين موسى مجموعته الشعرية الثالثة، بعنوان «حياتي زورق مثقوب». المجموعة تتألف من 72 صفحة تتوزّع على 29 قصيدة نثرية، ثلاث منها بلا عنوان. ويغلب عليها التغنّي بالطبيعة والذات، والترنّم بعذاب الإنسان الضائع الذي يبحث عن مرفأ له في العالم. يقول في قصيدة بعنوان «المرفأ»:

«أيتها الموجة

أيتها الموجة

التي ربما

دفعتها الريح لارتكاب حماقة كهذه

ها أنا ذا أغرق

وكذلك أنت

وما من مرفأ»!

يعتني عماد بتركيب النصّ والمقطع الشعريّ، فاللغة المركّبة بشكل مختلف ومختزل، عنصر مهمّ في بناء القصيدة لديه، لذلك يمكن تسميتها بالقصيدة الماهرة أو الذكية لأنها منحوتة بعناية في زحمة مشهد الشعر اليوم، إنها عناية اشتهر بها عماد في كتبه السابقة وهي سِمة ميّزت نصوصه كلّها تقريباً:

«الفتاة التي تعرج في الحبّ

الفتاة التي تعرج في

الفتاة التي تعرج

الفتاة التي

الفتاة»!

كما يحاول الشاعر الوصول إلى مرافئ مستقرّة لنصوص ما زالت تعشق الإبحار، ففي وقت تغرق نصوص اليوم بالسرد والهوامش والابتعاد عن الأعماق، يصرّ عماد على وضع علامات ضوئية على جزره التي يبحر صوبها في كلّ سفر أو استكشاف، تلك العلامات تؤكّد شغله الدائم على موضوع الاختلاف في النص. ميزة تظهر بثقة في نصوص المجموعة كلّها.

الشاعر عماد الدين موسى من مواليد عامودا في سورية. وقد أسّس مجلة «أبابيل» المتخصّصة بالشعرين العربي والعالمي وترأس مجلس تحريرها.

«مخمل»

أصدرت الفلسطينية حزامة حبايب روايتها الثالثة بعنوان «مخمل»، وهي عبارة عن رحلة البحث في دهاليز المخيّم الفلسطيني، لالتقاط الهموم الصغيرة التي يعيشها الناس في يوميّاتهم من البؤس والشقاء والصراع من أجل البقاء.

وتقدّم الكاتبة في هذه الرواية، الصادرة عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» في بيروت ومكتبة «كل شيء» في حيفا، المخيم الفلسطيني عارياً تماماً على نحو غير مسبوق في تعاطي السرد الفلسطيني مع ثيمة المخيم وعوالمه.

وبعيداً عن الخطابات التنظيرية الكبرى حول الهمّ الوطني والقضية الكبرى والمركزية، ترصد حزامة حبايب الهموم الاجتماعية والاقتصادية وحتى الثقافية لأهل المخيم، من خلال شخصية «حوّا» وعدد كبير من الشخصيات الروائية.

عبر تلك الشخصيات، تختزل حزامة حبايب حياة المخيّم الفلسطيني على نحو مكثّف ومفصّل في الآن ذاته، بأسلوب ينقل المشاعر والأحاسيس، وينقل القارئ بحساسية فائقة إلى ما يجري في عتمات البيوت.

في «مخمل»، تعتمل مشاعر الحبّ والقهر والعناق والانتهاك، لتشكيل مشهد موغل في الواقعية، لكنه يكتسي أحياناً كثيرة بصبغة الحلم الفانتازيا، ضمن بناء سرديّ غنيّ يزخر بلحظات مذهلة وصادمة.

وكانت الكاتبة قد أصدرت «أصل الهوى» بطبعتين 2007، 2009 و«قبل أن تنام الملكة» 2011 ، اللتين كرّستاها كواحد من أبرز الأصوات الروائية في المشهد السردي العربي. وإلى جانب أعمالها الروائية، ألّفت حزامة حبايب أربع مجموعات قصصية، إضافة إلى مجموعة نصوص شعرية.

«أحلام مستعصية»

رواية جديدة للأديب المهجري طلعت العبد الله ـ رئيس رابطة الكتّاب والمثقفين المغتربين اللبنانين ـ صدرت عن «دار الفارابي» في بيروت، بعنوان «أحلام مستعصية» وهي عبارة عن روايتين قصيرتين ومجموعة قصص.

وكان العبد الله قد أصدر روايتين، الأولى بعنوان «يوم من خريف العمر»، والثانية بعنوان «عذاب الذاكرة» التي ترجمت إلى الفرنسية، وأهداها إلى الرئيس الكونغولي سانيونغسو، وإلى الحكومة والشعب الكونغوليين، عربون وفاء من المؤلف الذي قضى في الكونغو أكثر من ثلاثة عقود.

«جدران تونس»

كتب الأستاذ التونسي في جامعة روما ـ إيطاليا عزّ الدين عناية: حازت الثورة التونسية موضع مركز الثقل وسط حراك كوني، هزّ أطرافاً عدّة من عالمنا الراهن، وفق توصيف أستاذة التاريخ السياسي في جامعة روما لاورا غواتزوني. فالاستثناء التونسي جديرٌ بالتمعّن بعين فاحصة، داخل خصوصية التاريخ السياسي والاجتماعي لهذا البلد، وداخل الإطار الجيوسياسي الذي تدور في فلكه تونس.

يندرج كتاب المستعربة الإيطالية لوتشي لاكوانيتي المعنون بـ«جدران تونس» والصادر عن «منشورات إيكسورما» في روما، ضمن هذا التملّي في الاستثناء التونسي، من خلال التأريخ لفنّ الشوارع العفوي «فنّ الغرافيتي» الذي اجتاح البلاد، والذي تحوّلت بموجبه الجدران الصامتة إلى صفحات ناطقة لكتابة خواطر الناس. فالكتاب عبارة عن تقرير فنّي عبر جدران تونس وشوارعها، خلال الفترة المتراوحة بين 2011 و2014، تستعيد عبره لوتشي أصوات الحالمين في الأرض. فثورة تونس هي ثورة لفنّ البسطاء أيضاً، ولأحلام الناس الذين طالما كُمِّمت أفواههم.

كنتُ قد عرفتُ لوتشي لاكوانيتي منذ سنوات، حين كانت طالبة تتردّد على محاضراتي في كلّية الدراسات الشرقية في روما، وقد لمحتُ فيها شغفاً بالدارجة التونسية إلى جانب الفصحى، حتى أني كلّما لاقيتها أترك الإيطالية جانباً لأتحادث مع تونسية. أيقظتْ في داخلي شجناً إلى أزقّة تونس وساحاتها، حين حدّثتني عن مخطّط بحثها، الذي ليس حشداً لرسوم وشعارات، بل هو تدوينٌ بالنصّ والصورة لسنوات لاهبة في تاريخ هذا البلد، قبل الثورة وبعدها. وهو بالفعل ما تبيّن لي عقب صدور الكتاب في 176 صفحة، فقد وجدتُ المؤلَّف رصداً فنّياً نبيهاً لتحفّز تونس لبناء كتلتها التاريخية ـ بالمفهوم الغرامشوي ـ أملاً في النجاة، في ظلّ بحرٍ لجّي عربي يغشاه موج من فوقه موج. حيث تبني تونس نموذجها بحكمة وبصيرة لتسوية تلك الإشكالية المزمنة، بين الإسلام السياسي والدولة المدنية، وهي المشكلة التي ضلَّت طريقها في بلاد عربية أدمنت التعاطي اللاعقلاني مع الظواهر الدينية.

فاللافت في كتاب لوتشي لاكوانيتي أنه توثيق مزدوج بالكلمة والصورة للتحوّل الذي شهدته تونس، كما خربشت وقائعه أنامل محترفة وأخرى مبتدئة، لعقول مسيّسة وقلوب حالمة. يأخذك فيها الكتاب من سحر الشابي في «وأطلَّ الصباح من وراء القرون» إلى حكمة القول الشعبي «الجوع كافر بالله».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى