اعتراف غربي نادر
حميدي العبدالله
في تعليق على نتائج «جنيف 3» أكدت صحيفة «وول ستريت جورنال» في تقرير لها تعليقاً على تأجيل انطلاق «جنيف 3» إلى 25 من الشهر الحالي أنّ «المملكة العربية السعودية وتركيا أجبرتا المعارضة السورية على ترك المحادثات»، ولعلها من المرات النادرة أن تقرّ واحدة من كبرى الصحف الأميركية بالحقيقة. ولكن ما ذهبت إليه صحيفة «وول ستريت جورنال» يتنافى مع التصريحات الرسمية التي أدلى بها وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري ولحقه إلى الإدلاء بتصريحات مماثلة وزيرا خارجية فرنسا وبريطانيا اللذان حمّلا وفد الجمهورية العربية السورية مسؤولية الفشل، كما يتعارض مع بعض ما جاء في إفادة المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا أمام مجلس الأمن عندما زعم أنّ التصعيد العسكري هو الذي أدّى إلى فشل المفاوضات.
معروف أنّ وفد معارضة الرياض كان لا يرغب بالمجيء إلى «جنيف 3»، ولو لم يتصل وزير خارجية الولايات المتحدة بنظيره السعودي لما ذهب وفد الرياض الذي وصل متأخراً عن الموعد الذي حدّده المبعوث الدولي لبدء اجتماعات «جنيف 3»، لكن من الواضح أنّ الرياض وأنقرة كانتا تبحثان عن أيّ ذريعة للانسحاب من «جنيف 3»، ولهذا وضعتا في البداية شروطاً مسبقة للمشاركة متجاهلتين أنّ تفاهمات فيينا وكذلك قرار مجلس الأمن 2254 يرفضان أيّ شروط مسبقة، وفي النهاية اهتديتا إلى ذريعة التصعيد العسكري، حيث طالب وفد الرياض بوقف مطلق للأعمال العسكرية، علماً أنّ قرار مجلس الأمن يستثني من أيّ وقف لإطلاق النار يمكن التوصل إليه في حوار «جنيف 3» العمليات الهجومية والدفاعية التي تستهدف «داعش» و«جبهة النصرة» وتنظيمات «القاعدة» الأخرى.
لكن الآن في ضوء اعتراف صحيفة «وول ستريت جورنال» بأنّ أنقرة والرياض ضغطتا على وفد المعارضة للانسحاب، يتأكد من جديد أنّ ما يجري على الأرض السورية ليس قتالاً بين السوريين أنفسهم، بل إنّ قوى دولية وإقليمية تشنّ حرباً على سورية لتحقيق أهداف وأجندة ليس للسوريين أيّ علاقة بها، والدول التي تموّل هذه الحرب هي المسؤولة عن سيل الدماء السورية وعن هجرة الملايين وعن الخراب الذي حلّ بسورية، وهي المسؤولة أيضاً عن تعطيل أيّ حلّ سياسي للأزمة في سورية ينهي هذه الحرب.