النفي التركي والنفي السعودي لإرسال قوات برية
حميدي العبدالله
في أقلّ من 24 ساعة على التقارير التي تحدّثت عن قرب قيام كلّ من السعودية وتركيا بإرسال قوات برية إلى سورية، صدر توضيحان من الدولتين المعنيتين بهذه الأخبار. التوضيح الأول، صدر عن أكثر من مسؤول سعودي، التوضيح أشار إلى وصول طائرات سعودية إلى قاعدة أنجرليك في تركيا ولم يكن مصحوباً بقوات برية، والتوضيح السعودي الثاني أكد على أنّ إرسال قوات برية منوط بقرار جماعي من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، أيّ أنّ البت بإرسال قوات برية إلى سورية ليس قراراً سعودياً.
واضح أنّ وصول طائرات سعودية إلى قاعدة أنجرليك لا يعني شيئاً، لأنه من المفروض أنّ السعودية تشارك في التحالف الدولي الذي أنشأته الولايات المتحدة قبل أكثر من عام ونصف العام في سورية لمحاربة داعش، وأنّ طائراتها تشارك في الغارات الجوية التي يشنّها التحالف الدولي ضدّ مواقع «داعش» في الرقة ومناطق أخرى في المحافظات الشرقية في سورية، وبالتالي فإنّ الإعلان عن وجود طائرات سعودية في قاعدة أنجرليك، وعدد هذه الطائرات هدفه سياسي لا عسكري، ومعنوي أكثر من أيّ شيء آخر، ولعلّ هذا الإعلان هدفه تفعيل التصريحات التي تريد التهويل على الدولة السورية وحلفائها ومنعهم من تحقيق المزيد من المكاسب.
وبعد مرور ساعات قليلة على التوضيحات السعودية صدرت توضيحات على لسان وزير الدفاع التركي، أعلن فيها بوضوح أنّ الجيش التركي لن يقوم بعملية برية داخل الأراضي السورية.
بعد هذه التصريحات لم يعد ثمة من يتساءل عما إذا كانت ثمة عملية برية أم لا. وبمعزل عما إذا كانت هذه التوضيحات جاءت بمبادرة من الحكومتين السعودية والتركية، أو نتيجة لاعتراض حلفائهما على الانفراد بالإعلان عن عمل بري، حيث عارضت كلّ من واشنطن وباريس والقاهرة قيام عملية برية في سورية، فإنّ النتيجة واحدة، وهي أنّ عملية التهويل بعملية برية لوقف عملية الجيش السوري، وتقدّم وحدات الحماية الكردية إلى معاقل التنظيمات المرتبطة بتركيا والسعودية وعلى رأسها «جبهة النصرة»، لم تنجح، فالجيش السوري يواصل تحرير المدن في ريف حلب الشرقي والشمالي، ووحدات الحماية الكردية تواصل توسيع نطاق سيطرتها في محيط عفرين، حيث الغالبية الكردية.
لا شك أنّ التصريحات عن إرسال قوات برية لم تكن من قبل أنقرة والرياض مجرد عملية تهويل، بل كانت أقرب إلى جسّ نبض الولايات المتحدة والحكومات الغربية للتعرّف على المدى الذي سوف تذهب إليه هذه الدول في مساندة تركيا والسعودية إذا ما قرّرتا القيام بعملية برية، أو شكل من أشكال الضغط على الولايات المتحدة لإرغامها على القيام بما رفضت القيام به حتى الآن في سورية، أيّ دعم عملية عسكرية بقوات برية كبيرة، وواضح أنهما فشلتا الآن كما فشلتا في السابق.