هكذا تكلّم الأسد… خطاب رجل دولة للتاريخ

علي البقاعي

واثقاً مشى، شامخ الرأس، عالي الجبين، يحمل آمال أمّة وطموحات أجيال آمنت بنهجه فجدّدت الثقة بقيادته. أميناً كان في قسمه، صادقاً في كلمته أمام الشعب السوري بجميع أطيافه وتكويناته وانتماءاته وأماكن وجوده في الوطن والمغتربات ومخيمات النزوح.

بكلمات مباشرة من القلب سمّى الرئيس بشار الأسد الأمور بأسمائها، بشفافية رجل الدولة صاحب الرؤيا الصادق. حدّد الصديق والعدوّ، الوطني والعميل، الصادق والمنافق، وأوضح للسوريين أين تقف سورية اليوم في وجه أفظع مؤامرة في التاريخ المعاصر.

لم يتبدّل ولم يبدّل كلماته التي خاطب بها الشعب السوري منذ بداية الأزمة قبل أربعين شهراً بأنّ المؤامرة كبيرة، وبأنّه لن يتراجع ولن يستسلم لأنّه مؤتمن على وحدة سورية وعزّتها، وبأنّه لن يساوم على القضايا القومية والوطنية، وبأنّه مؤمن بالنصر، وبأنّ من لا يحمي وطنه ويدافع عنه ويحافظ عليه لا يستحقه ولا يستحق العيش فيه.

وقف أسداً في وجه العالم فأسمعه صوت شعب سورية، رغم كل محاولات الكذب والتضليل والتزوير، كاشفاً حقيقة «الربيع العربي» الكاذب التي جهد ثعالب العرب وتركيا وثعابينهم وخفافيشهم لإخفائها، فهزم مؤامرات أصحاب العنتريات والبندريات.

تحدث عن خط الزلازل الذي حذّر منه مع بداية المؤامرة وما سيؤدي إليه من ارتدادات لن تتوقف في سورية، بل سيتجاوزها إلى الدول الداعمة للإرهاب فاتهمه قادة الديمقراطية الكذبة نتيجة قصور رؤيتهم السياسية وجهلهم المطبق بأنه «يهدد العالم»، حفاظاً على مصالحهم في أكثر دول المنطقة تخلّفاً وممارسة للقمع والاستبداد والاستعباد، «تلك الدول التي كانت وراء كل نكبة أصابت هذه الأمّة ووراء كل حرب ضدّها ووراء انحرافها الفكري والديني وانحدارها الأخلاقي».

مثل الجبل الشامخ على جنبات قاسيون وقف لا يتزحزح، إذ يعرف أن شعب سورية معه في وجه ثورة ربيع كاذبة تتغيّر مسمّيات فصائلها بحسب الجهة الداعمة وتتبدّل أسماء قادتها بحسب لغة أو لهجة الدول الراعية، والتي كان إنجازها الأكبر التدمير الممنهج لما بناه شعب سورية على مدى خمسة عقود في البنى التحتية والمصانع والطرق ومحطات القطارات ومحطات توليد الكهرباء ونهب حقول النفط والغاز التي بناها السوريون بعرق جبينهم ودماء أجيالهم.

باسم شعب سورية وحماة ديارها تحدى الرئيس الأسد الجبناء أكلة الأكباد، مؤمناً بالمستقبل المشرق، متحمّلاً المسؤولية بجرأة تامة، مبشّراً بالنصر، واعداً أعداء سورية بأنّهم «لن يقدروا على هزيمتنا»، فالسوريون «سوا» أحرار في زمن التبعية وأسياد في زمن الأجراء، متمسكون بوطنهم في وجه شعارات كاذبة باسم الله والدين رفعها المنافقون، «فكان الله أكبر من أعداء سورية ومن وقف معهم لأن الله مع الحق والحق مع شعب سورية»، واضعاً إعادة إعمار سورية وبناء ما تهدم ودحر الإرهاب ومكافحة الفساد بالقوانين والأخلاق وتعزيز العمل المؤسساتي في الأولويّات.

أثبت الرئيس الأسد أنه ابن أمّة عظيمة لا يهاب التحدي بل يهواه، كاشفاً سطحية تفكير أعداء سورية وجهلهم التي، كما قال، ستبحث مراكز التحليل والدراسات لسنوات عن أجوبة شافية لوقفة العز، غير مدركين أنهم يواجهون رئيساً أخذ من تراث أمته وحضارتها ومجدها وعراقتها وعمقها التاريخي مفاهيم الشرف والسيادة والحرية والكرامة والعزة، رئيساً يستمدّ قوته من ثقة شعبه به، بينما هم، أعداء سورية، فلا يعرفون التعامل إلاّ مع الخانعين أصحاب النفوس الذليلة والضعيفة من حكام مرتهنين و»ثوار» شياطين، وهؤلاء مجتمعون مع إرهابهم وإرهابييهم بمختلف مسمّياتهم و»أبواتهم» وتزويرهم الواقع والحقيقة والتاريخ.

لم ينس الرئيس الأسد في كلمته أن يحيّي كل جندي ومواطن ومواطنة وأب وأم ضحوا لأجل سورية، ولم ينس كذلك تذكير العالم بأنّ فلسطين، رغم كل ما تكابده سورية، ستبقى القضية المركزية والبوصلة، متضامناً مع شعب غزة، متناسياً الجروح التي سبّبها غدر بعض ناكري الجميل، مبدياً شكره الكبيرلأبطال المقاومة اللبنانية حلفاء سورية، ومعلناً تضامنه مع العراق.

شعب سورية العظيم لن يخذل رئيساً ينتمي إليه، يسير معه، يستدلّ برأيه ويستنير بوعيه. وحماة الديار بوحداتهم وفرقهم كافة لن يبخلوا بدمائهم وأرواحهم، يحمون ثغور سورية وجبالها وسواحلها وجبالها بعزيمة لا تكلّ وإرادة لا حدود لها كي تبقى سورية شامخة قوية صامدة عصية على الغرباء.

تحيّة لرئيس يؤمن بأمته وشعبه رغم كل الصعاب. تحية لقائد عاهد فصدق ووعد فأوفى، معيداً توجيه البوصلة، ومعلناً رسميّاً وفاة ما سمي زوراً وبهتاناً بـ«الربيع العربي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى