مشروع فلسطين وليس المشروع الفلسطيني

بلال شرارة

القيامة الفلسطينية الراهنة ستستمرّ، هي لن تسأل عن نتائج اجتماعات القاهرة بين حركتَيْ فتح وحماس بين عزام الأحمد وخالد مشعل ، وهذه القيامة لن تقع تحت تأثير تصريحات موسى أبو مرزوق ومحاولة استبعاده أدوار فتح، وهي سوف لن تقع تحت تأثير محاولة عسكرة صورة المشهد الفلسطيني على وقع العملية العسكرية قرب رام الله، وهي القيامة الفلسطينية سوف لا تنتظر نتائج مؤتمر بيروت بعنوان: رسم استراتيجية وطنية فلسطينية للمرحلة المقبلة.

أعتقد أنّ السلطة الوطنية الفلسطينية ومعارضتها الرسمية في غزة أيّ الإخوة والإخوان سوف لا يمكنهما الاستمرار في إخضاع المستقبل الفلسطيني لإرادتهما وإدارتهما ومصالحهما طبعاً، ومما لا شك فيه أنّ الفصائل الفلسطينية لديها تاريخها، خبرتها، شهداؤها، أنفاقها ومسلحوها واستشهاديوها، ولكن ليس لديها الوقت للاستمرار بالتصرف بالشأن الفلسطيني إلى ما لا نهاية فيما يطغى الاستيطان «الإسرائيلي» على كلّ ما عداه، وتواصل «إسرائيل» نشر الأطواق الاستيطانية وجدار الفصل العنصري وتهوّد القدس وتصدر قوانين لتشريع عمليات قتل راشقي الحجارة أو كلّ مَن يُحتمل أنه يحمل سكين مطبخ، وصولاً إلى قرار عنصري بتعرية الكنيست من أيّ ثنائية قومية عربية .

أنا، أصدق، أننا نحن، أنتم، أقصد الفصائل الرسمية الفلسطينية المعروفة فصائل المنظمة وكذلك فصائل التحالف ومعهم الأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية العربية وبالتأكيد كلّ أنماط السلطات العربية القائمة والمدحورة والتي أسقطتها أو يريد من يريد إسقاطها – نحن- نمثل الماضي الفلسطيني المهزوم الذي فشل استراتيجياً في تحقيق الحلم الفلسطيني في إنشاء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، ولم يقتنع مع الشاعر الفلسطيني محمود درويش بما ورد في متن ديوانه: مديح الظلّ العالي ، من أنّ الفكرة أكبر من الدولة وقبلنا باستبدال مشروع فلسطين بمشروع الوهم الفلسطيني في اوسلو – التي سبق للرئيس حافظ الأسد رحمه الله – أن حذّر من أنّ كلّ نقطة فيه الاتفاق تحتاج إلى اتفاق – ولن نستغرب غداً إذا ما قبل مشروع فلسطيني آخر بميناء عائم مشاطئ لغزة مقابل الاعتراف، وكذلك إذا ما بقيت السلطة الفلسطينية متمسكة بالتنسيق الأمني بيد وخرج أحد منها وهو يحمل باليد الأخرى بيانات المسؤولية عن الانتفاضة الثالثة ونعى 172 شهيداً في وقت ترى فيه سلطات الاحتلال أنها تخضع الواقع الفلسطيني إلى شروط أشعيا الثلاثة دفعة واحدة: الاستسلام، الانتحار أو الفرار وهي تعتبر أنّ ما هو قائم مجرّد هياكل لمناطق أمنية وسلطة لا حول لها ولا طول تحتفظ بها «إسرائيل» keep it أيّ أنها تحتفظ بمجرد متحف بري للثورة السابقة وعاصمتها الكمب تؤدي وظيفة إدارة الشؤون الفلسطينية في الضفة حكم ذاتي وهي «إسرائيل» – في أنموذجها الثاني تحتلّ قطاع غزة من الخارج وتخضعه بالنار، وقد قامت بتصفية فكرة المقاومة السابقة وكلّ تعبيرات المقاومة عبر الحروب الصغيرة والكبيرة واجتياح المناطق والمخيمات الفلسطينية في فلسطين، واجتياحات لبنان وصولاً إلى اجتياح عام 1982 وتشريد الثورة الفلسطينية بحراً، وفي استكمالنا ما تريده «إسرائيل» بأيدينا عبر تدمير المخيمات الفلسطينية في الشتات الفلسطيني.

ربما أتحدث بسلبية مطلقة، رغم أنّ التاريخ الفلسطيني مليء بالمرارات، وكذلك بالمفاجآت، وفيه الكثير من الإحباطات والكثير من الاندفاعات، ولكن كنا دائماً نمشي خطوة إلى الأمام ونعود خطوتين إلى الخلف وأنا اكتشفت أنّ المشكلة هي في إدارة المشروع – بصراحة – في القيادة. اليوم لا احد يستطيع أن يمسك بمشاعر الغضب الفلسطينية. لا الصديق ولا العدو. لا قيادة العمل الفلسطيني سواء الوطنية أو الإسلامية، ولا مخطط يهودية الكيان وتهويد القدس وترانسفير عرب النقب أو أهل قطاع غزة المنكوب في الحرب «الإسرائيلية» الأخيرة على القطاع جراء تدمير أو تضرّر نحو 34000 ألف وحدة سكنية الآن.

أجزم أنّ القيامة الفلسطينية ستستمرّ بالحجر والشبرية، إذ لا حاجة إلى أيّ سلاح ناري ولن يتمكن أحد من استيعاب وامتصاص الهبّة أو الانتفاضة الثالثة لأنها أكبر من هذا الوصف وهي فوق الخيال والتوقع.

هل تراني أتوهّم أو أحلم؟ أنا لست كذلك، أنا أقرأ في كتاب الحقيقة الفلسطينية وكتاب مشروع فلسطين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى