تقرير
حرب السايبر ضد المواقع الإلكترونية «الإسرائيلية» على شبكة الإنترنت، تتواصل وتتعاظم، رغم كل الإجراءات التي تعلن «إسرائيل» أنها تتخذها للحؤول دون ذلك، وفي هذا السياق، قال ضابط رفيع المستوى في الجيش «الإسرائيلي» إنه في السنة الماضية، سجل عدد أقل من الهجمات الإلكترونية في مجال حرب السايبر ضد الدولة العبرية، معرباً عن اعتقاده أن مرد ذلك يعود إلى توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول العظمى، حيث قرر اللاعبون تهدئة الوضع، على حد تعبيره.
مع ذلك، كشف الضابط «الإسرائيلي»، كما أفادت صحيفة «هاآرتس» العبرية، كشف النقاب عن أنه في نهاية السنة المنصرمة تعرضت «إسرائيل» لهجمتين، ملمحاً إلى أن الهجمات جاءت من قبل دولتين عظمتين هما روسيا والولايات المتحدة الأميركية، وهاتان الدولتان بحسبه، قادرتان على اختراق الحواسيب السرّية جداً في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش «الإسرائيلي» «أمان».
وأضاف قائلاً إن الوحدات المختصّة في مجال الحرب الإلكترونية بدأت تلاحظ في الفترة الأخيرة زيادة كبيرة في محاولات اقتحام الحواسيب التابعة للجيش «الإسرائيلي» وللأجهزة الأمنية، وأنها، أي «إسرائيل»، تعمل بكل ما لديها من قوةٍ من أجل إحباط هذه الهجمات بهدف منع الأضرار التي قد تسببها للمنظومة الأمنية في الدولة العبرية، والكشف عن أسرارها الدفينة، على حدّ تعبيره.
وتابع قائلاً إن «إسرائيل» ستنتقل من مرحلة الدفاع في مجال السايبر إلى مجال الهجوم واستخدام الإحباط الممركز للهجمات قبل وصولها إلى الحواسيب «الإسرائيلية» السرّية، حسبما ذكر للصحيفة العبرية.
وتابع قائلاً إن الجيش جنّد ما يقارب 300 من خبراء الحواسيب، بعضهم من كبار الخبراء في هذا المجال، مضيفاً أن هذه الخطوة جاءت بسبب مخاوف من تهديدات متنامية على الشبكات «الإسرائيلية» سواء المدينة أو العسكرية. وسيخدم الجنود الجدد في الاستخبارات العسكرية، في فرع مسؤول عن الحرب الإلكترونية، وسيتولّون المسؤولية عن تشفير وفك رموز الشيفرات في شبكات الجيش وجهازي «شاباك» و«موساد»، وكذلك حماية الشركات الوطنية مثل الكهرباء والمياه والهاتف، وسيتولّى قيادة المجموعة عقيد سابق في الجيش «الإسرائيلي». هذا ويعكس القرار الذي اتخذه الجيش «الإسرائيلي» قبل فترةٍ وجيزةٍ، والقاضي بتدشين ذراع عسكرية مستقلة مختصة بالحرب الإلكترونية، تحوّلاً على طابع الرهانات التي تعلقها القيادة العسكرية في «تل أبيب» على توظيف الفضاء الإلكتروني في الجهد الحربي. إذ لم يعد ينحصر دور الحرب الإلكترونية في تهيئة الظروف أمام أذرع المشاة والجو والبحرية في حسم المواجهات والحروب، بل بات منوطاً بالفضاء الإلكتروني لعب دور مركزي في حسم الحروب والمواجهة المستقبلية بشكل يفوق دور غيره من الأذرع.
ومن الأهمية بمكان في هذا السياق التشديد على أن وزير الأمن موشيه يعالون، أشار إلى الرهان بشكلٍ واضحٍ حيث قال إن «إسرائيل» باتت تراهن على أن تساهم قدراتها الكبيرة في مجال الحرب الإلكترونية في حسم أيّ حرب مستقبلية. وخلال كلمته أمام «مؤتمر الحرب الإلكترونية الدولي»، كما أفاد موقع «إسرائيل ديفينس»، المختص بالشؤون الأمنية والعسكرية، والذي نظّم في «تل أبيب»، أوضح يعلون أن «إسرائيل» تمكّنت بالفعل من المس بمرافق استراتيجية لأعدائها أكثر من مرة، مشيراً إلى أن الجيش «الإسرائيلي» يشنّ هجمات إلكترونية بشكلٍ يومي، على حدّ تعبيره.
وأشار الوزير «الإسرائيلي» أيضاً إلى أن الدولة العبرية تعرّضت لهجمات إلكترونية شنّتها إيران وقراصنة، مستدركاً أن هذه الهجمات لم تسفر عن أضرار تذكر بسبب الاستعدادات والاحتياطات التي اتخذتها «تل أبيب» مسبقاً. ومع ذلك، فقد بدا غير واثق من قدرة «إسرائيل» على مواجهة الهجمات الإلكترونية مستقبلاً، لافتاً إلى أن شخصاً ما بإمكانه أن يوظف إمكانيات متواضعة ويتسبب في إلحاق أضرار كبيرة بدولة كاملة عبر شن هجمات إلكترونية. واعتبر يعالون أن الاستخبارات «الإسرائيلية» مطالبة بجمع معلومات حول القدرات الإلكترونية لأعدائها لوضع استراتيجية في مواجهتهم. وشدّد على أن «إسرائيل» لم تعد مطالبة فقط بمواجهة الهجمات الإلكترونية ذات الأغراض العسكرية والتي تشنّها أطراف معادية، بل عليها أيضاً التصدّي لما سمّاه «الإجرام الإلكتروني»، والذي باتت الخسائر الناجمة عنه تفوق بكثير الخسائر الناجمة عن الاتجار بالمخدّرات، على حد تعبيره.
الجدير ذكره أن رئيس شعبة التخطيط في الجيش «الإسرائيلي» الجنرال نمرود شيفر، كان قد صرّح بأن التغييرات البنيوية التي تم إقرارها في الجيش، وضمنها تشكيل ذراع الحرب الإلكترونية المستقلة، يهدف إلى الحفاظ على مكانة «إسرائيل» كدولة رائدة في مجال الحرب الإلكترونية، حسبما ذكر.
علاوة على ذلك، أوضح شيفر أن تشكيل الذراع الجديدة يأتي لقطع الطريق على أيّ دولة أو جهة معادية تحاول منافسة «إسرائيل» في هذا المجال.
في السياق عينه، قال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، آلِكس فيشمان، إن الإيرانيين يملكون سجلاً حافلاً من الانجازات في مجال الحرب الإلكترونية، حيث تمكّنوا من تحقيق إنجاز وصفه بالمذهل، تمثّل في إبطال عمل هيئة القيادة التي تتحكّم في تشغيل وتوجيهها الطائرات من دون طيار الأميركية العاملة في العراق، مع العلم أن مقرّ هذه الهيئة موجود في قاعدة عسكرية داخل الولايات المتحدة الأميركية.
أما الجنرال في الاحتياط إسحق بن يسرائيل، رئيس «المجلس الوطني للبحث والتطوير»، فلفت إلى وجود فجوة في «إسرائيل» بين الاحتياطات الدفاعية عن البنى التحتية الأمنية، وبين الدفاع عن بنى تحتية مدنية حساسة ومهمة ضدّ هجمات في الفضاء الإلكتروني. وأضاف قائلاً إن الهجمات في الفضاء الإلكتروني تحدث يومياً وأنها ليست جزءاً من الخيال العلمي بل هي حقيقة واقعة، على حدّ تعبيره.