المساعدات «الإنسانية» وقرار مجلس الأمن

عامر نعيم الياس

صوّت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرار إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية من دون الحصول على «موافقة الحكومة السورية» لكن مع وجوب «إبلاغها». ويفرض القرار على حركة عبور الحدود «آلية مراقبة» من الأمم المتحدة على «طبيعة الشحنات الإنسانية»، حيث سيُعيّن فريق من المراقبين الأمميين لمدة 180 يوماً لمراقبة تنفيذ القرار. وستمر القوافل عبر أربع نقاط حدودية، منها اثنتان في تركيا هما باب السلام وباب الهوا، ونقطة في العراق هي اليعربية، ونقطة في الأردن هي الرمثا. وبحسب «لوموند» الفرنسية فإن القرار الجديد «يختلف عمّا سبقه من قرارات بالتلويح بتدابير إضافية في حال عدم امتثال أي طرف من الأطراف السورية له»، فهل يختلف القرار فعلاً عن ذاك الذي صدر في نيسان الماضي حول المساعدات الإنسانية أيضاً، أم أنه يبقى مجرد حبرٍ على ورق كالذي سبقه؟

في المبدأ فإنّ أيّ قرار صادر عن مجلس الأمن يعتبر خطوةً إضافية في مسار تدويل القضية السورية عبر المؤسسات الدولية وتوسيع تشعّبات هذه القضية أممياً، ابتداءً من المستوى السياسي وليس انتهاءً بالمستوى الإنساني الذي يمثّل أحد أهمّ أدوات التدخل الغربي في الشؤون الداخلية للدول الخارجة عن سيطرة السياسات الأميركية. لكن هذا القرار الذي استمرت مناقشته أكثر من خمسة أسابيع خضع لتعديلات جوهرية عدة تحدّ من آثاره السلبية التي تخص النقطة الأساس التي ركز عليها الإعلام الغربي والخليجي وهي «دون موافقة الحكومة السورية»، وأبرز هذه التعديلات:

القرار لم يشمل «الحرية التامة لنقل المساعدات» التي كانت تسعى إليها الدول الغربية، فالدولة السورية لها الحق في تفتيش الشحنات التي تشك بها في المناطق التي تسيطر عليها.

شمل نص القرار «آلية للمراقبة» عبر لجنة أممية من المراقبين، وبالتالي لا بد لهذه اللجنة من أن تراعي توازن القوى داخل مجلس الأمن على الأقل لناحية تشكيلها وهيكليتها، خصوصاً لجهة تمثيل القوى الخمس الكبرى، وبالتالي فإن وجود روسيا والصين من شأنه أن يحبط أي محاولة لتلغيم المساعدات الإنسانية بمساعدات غير إنسانية.

القرار لا يأتي تحت الفصل السابع الذي يجيز استخدام جميع الإجراءات المناسبة تلقائياً في حال عدم امتثال الأطراف للقرار الأممي، وعلى رغم أن «لوموند» رأت في القرار تطوراً عن السابق في ما يخص «التدابير الإضافية» في حال عدم تنفيذ القرار، فإن هذه التدابير بحاجة إلى اجتماع مجلس الأمن مرة أخرى، وهنا تقول «لوموند»: «تستطيع روسيا تعطيل أي قرار مرة أخرى كما فعلت في أربع مرات سابقة هي والصين».

ركّز الإعلام على أن القرار سيساعد في إيصال المساعدات الإنسانية «بما في ذلك المواد الطبية والجراحية إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها عبر أقرب الطرق» خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، لكن أليس هناك مناطق محاصرة من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية، وبالتالي يشملها القرار كمدينتي نبّل والزهراء؟

إن وجود نقاط إيجابية في نص القرار الأممي تفرغه من مضمونه، لا تجعل القرار بهذه الخطورة، لكن المؤكد أن القرار الذي جاء بعد تمدد الدولة الإسلامية لا سيما في المناطق الحدودية، والرهان الغربي على جبهة الجنوب في سورية، من شأنه أن يطيل أمد الأزمة ويصب مباشرة في تدعيم إدارة حرب الاستنزاف الغربي على سورية في المدى المنظور.

كاتب سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى