قلق «إسرائيلي» من المستقبل الآتي…

جاك خزمو

يُخطئ كل من يعتقد أو يصدّق بأنّ «اسرائيل» لا تتابع عن كثب الانتصارات الميدانية النوعية التي يُحققها الجيش العربي السوري في تصدّيه ومحاربته للإرهاب والإرهابيين، ويرتكب خطيئة كبيرة كلّ من يعتقد بأنّ «إسرائيل» غير قلقة من هذه الإنجازات، وخاصة في الجنوب السوري، أيّ في الجبهة على حدود الجولان المحتلّ والأردن.

فـ»إسرائيل» تستعدّ للمستقبل الساخن الآتي، وفي الوقت نفسه تتمنّى سقوط الدولة السورية، حتى تُقسّم وتُجَزَّأ، فهي تأمل وترجو أن تصبح سورية ضعيفة حتى لا تشكل خطراً أمنياً عليها، وحتى تتجنّب المستقبل المرعب الآتي.

قلق «إسرائيل» هو من المستقبل، إذ يتساءل بعض قادتها السياسيين والعسكريين: ماذا بعد القضاء على الإرهاب؟ وما هو المتوقع من القيادة السورية؟

هناك داخل «إسرائيل» تخوّف ورعب من نجاح الرئيس الأسد في تصدّيه للإرهاب، لأنّ هذا الانتصار، سيشجعه على المطالبة الفعلية والجدية بانسحاب «إسرائيل» من الجولان المحتلّ. وحتماً فإنّ قادة «إسرائيل» سيرفضون ذلك، وبالتالي ليس أمام سورية سوى استعادة الجولان بالقوّة، أيّ أنّ سورية ستدخل حرباً ضروساً مع «إسرائيل»، وستنتصر فيها لأسباب عدة أهمّها:

ـ «إسرائيل» لن تستطيع الصمود أمام ضربات صاروخية موجعة، وسيكون هناك دمار كبير، وهروب سكاني للخارج!

ـ الجيش السوري اكتسب خبرة قتالية جيّدة، وقادر على التصدّي لـ«إسرائيل»، وستكون المعارك قاسية وضارية.

ـ ليس لدى سورية ما تخسره بعد كلّ معاناتها من الإرهاب وما خلّفه من دمار وخراب.

ـ هذه الحرب ستحشد الجماهير العربية وخاصة السورية إلى جانب الرئيس الدكتور بشار الأسد.

وإذا لم يقُم الرئيس الأسد بهذه الخطوة لأسباب وظروف ومعطيات دولية وإقليمية، فإنه قد يفتح جبهة الجولان أمام المقاومة، وهذا أمر صعب وكأس مريرة ستتجرّعها «إسرائيل» لأنّ مثل هذه المواجهة مع المقاومة ستكون متواصلة مع خسائر يومية بشرية ومادية… وهذه الجبهة ستجمع الآلاف من الشبان ليلتحقوا بركب مقاومة الاحتلال ومحاربة «إسرائيل». وكذلك ستحوّل كلّ الأنظار نحو الاحتلال «الإسرائيلي» للأراضي العربية، وستعيد فتح ملف قرارات دولية عدّة تفرض على «إسرائيل» الانسحاب من هذه الأراضي المحتلة.

أيّ أنّ «إسرائيل» قلقة من المستقبل، من انتصار سورية على الإرهاب، ومن تصميمها على تحرير الجولان بعد تنظيف سورية من الإرهابيين، ولذلك فهي منذ الآن تخطط وتستعدّ لذلك عبر خطوات عدة، أهمّها:

ـ الاستعداد العسكري لكلّ السيناريوات العسكرية المتوقعة، ولذلك تجري العديد من المناورات لتدريب جيشها على مواجهة ما هو غير متوقع.

ـ محاولة الضغط على سورية من اليوم، عبر المجتمع الدولي لعدم اللجوء إلى أيّ خطوة قد تؤدّي إلى حرب مدمّرة في المنطقة.

ـ العمل، ومن وراء الكواليس، على دعم أيّ جهد لإبقاء الصراع في سورية محتدماً، وهذا يعني تشجيع وتحريض الدول الداعمة للمجموعات الإرهابية على الاستمرار في هذا الدعم، ولربما التشجيع أيضاً على التدخل العسكري «البري»، أيّ جرّ بعض الدول العربية إلى حرب مع سورية بذرائع مكشوفة مثل «إسقاط النظام» و«وقف سفك الدماء البريئة»، وغيرها من الذرائع المرفوضة، وذلك لمنع سورية من شنّ حرب مستقبلاً على «إسرائيل».

ـ إفشال كلّ الجهود التي قد تُبذل لحلّ الأزمة السورية سياسياً من خلال تحريض «المعارضة» المرتمية في أحضان الخارج، وخاصة المعارضة المدعومة سعودياً، على عرقلة هذه الجهود.

ـ إبقاء العلاقة مع روسيا قوية جداً والعمل على تعزيزها حتى تكون وسيطاً وراعياً لأيّ جهود سياسية لحلّ قضية احتلال الجولان!

انطلاقاً مما ذكر، فإنّ «إسرائيل» مهتمة جداً بما يجري في سورية، ولها يد فيه، وتخطط وتستعدّ للمستقبل، الذي سيكون قاسياً جداً عليها ومرعباً، لأنها تعرف أنها ستدفع الثمن غالياً، وستحرّر الأرض العربية آجلاً أو عاجلاً.

رئيس تحرير البيادر ــــ القدس

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى