أزمة النفايات إلى المربع الأول بعد تعثّر الترحيل باعتذار «شينوك» عن تقديم المستندات المطلوبة من روسيا

فيما اعتذرت شركة «شينوك» البريطانية، عن تقديم مستندات تُبرز فيها موافقة روسيا على استقبال نفايات لبنان، ضمن المهلة التي حدّدتها الحكومة اللبنانية وانتهت عند العاشرة من صباح أمس، تفاعلت أمس أزمة النفايات على المستوى السياسي والشعبي مع التحضير لتحركات ميدانية للضغط على الحكومة من أجل معالجة هذه الأزمة.

ومن المقرّر أن تبحث اللجنة الوزارية المختصة هذا الموضوع خلال اجتماعها في السراي اليوم، برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، علماً أنّ الحلّ البديل يُرجّح أن يتمثّل بالعودة إلى خطة المطامر الصحية، بناء على ما تمّ التوافق عليه خلال جلسة مجلس الوزراء أول من أمس.

وكان مجلس الإنماء والإعمار أعلن في بيان أمس، أنّه «عطفاً على المهلة التي أُعطيت لشركة شينوك لتقديم المستندات التي تثبت قبول روسيا استقبال النفايات من لبنان مصدّقة حسب الأصول، والتي انتهت عند الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة في 19/2/2016، قدَّمت الشركة كتاباً إلى مجلس الإنماء والإعمار اليوم أمس ، اعتذرت فيه عن عدم تمكّنها من تقديم المستندات المطلوبة ضمن المهلة المحدّدة. وبالتالي، فإنّ مجلس الإنماء والإعمار سيتّخذ الإجراءات الإدارية اللّازمة، ولا سيّما لجهة إبلاغ هذه الشركة اعتبار الموافقة المبدئية لاغية وكأنها لم تكن، ومصادرة الكفالة المصرفية التي قدّمتها الشركة لضمان تقديم المستندات المطلوبة».

من جهته، قرر وزير الزراعة أكرم شهيّب المكلف متابعة ملف النفايات، التخلّي عن المهمة التي أُنيطت به منذ أشهر، وأكّد أمس أنّه أعاد «الأمانة» إلى مجلس الوزراء، وقال «أعتذر عن عدم التوصل إلى حل لأزمة النفايات للأسباب المعلومة».

بدوره، أوضح السفير الروسي ألكسندر زاسيبكين، أنّ «الكلام الذي نُسب إلى الجانب الروسي والسفير الروسي في لبنان، عن تورّط الدكتور حليم أبو فخر الدين في ملف شركة شينوك ليس له أي أساس من الصحة، ولم يصدر عن السفير الروسي أيّ كلام من هذا القبيل».

وقال زاسيبكين، «لدينا علاقة احترام متبادل وصداقة قديمة تربطنا مع أبو فخر الدين والحزب الاشتراكي، ونأسف لاستغلال الزيارات للسفارة الروسية للكلام عن شيء لم يكن موجوداً من الجانب الروسي».

مواقف

وفي المواقف من تطورات أزمة النفايات، رأى رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط في تصريح، أنه «بعدما تعثّر مجدّداً حل أزمة النفايات من خلال سقوط خيار الترحيل، لا مفرّ من العودة إلى الخطة الأساسية، أي خطة المطامر الصحية التي كان تمّ اقتراحها لرفع الضرر المتفاقم على المستويين الصحي والبيئي».

وأكّد أنّ «المطلوب أكثر من أي وقت مضى أن تتحمّل كل القوى السياسية من دون استثناء، والمجتمع الأهلي والبلديات واتحاد البلديات، مسؤولياتها بشكل كامل في هذا الملف، لأنّ الأضرار والأكلاف الاقتصادية والبيئية والنفسية على اللبنانيين كبيرة جداً».

من جهته، اعتبر وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور أنّ الوزير شهيّب «قام بأكثر من واجباته في مسألة النفايات، وحاول تجاوز كل «الاستعصاءات» والصعوبات التي نشأت للوصول إلى حل».

ورأى في مؤتمر صحافي عقده في «مركز كمال جنبلاط الثقافي الاجتماعي» في راشيا، أنّ «قرار الترحيل اتّخذه مجلس الوزراء، وحتى لو تنصّل أو ادّعى البعض عدم مسؤوليته، وقال إنّه لم يوافق شكلياً في مجلس الوزراء»، وأضاف: «ليس هناك بين القوى السياسية مَن هو بريء من دم هذا الخيار، لأنّ كل القوى السياسية مسؤولة عنه، وإذا كان البعض اليوم يريد أن يقفز من المركب حماية لسمعته، أو رغبة في بعض الشعبوية أو المزايدات، فهذا لا يعفيه أو يعفي غيره من المسؤولية، لأنّ ما قاد إلى خيار الترحيل هو استعصاء إقرار المطامر، وما أدّى إلى استعصاء إقرار المطامر هو تنازل القوى السياسية وتخلّيها عن مسؤولياتها».

وقال، إنّ «سقوط خيار الترحيل يعني العودة إلى المربع الأول»، محذّراً من «أنّنا مقبلون على كارثة صحية إذا لم نكن قد أصبحنا في نصف هذه الكارثة وجوفها».

بدوره، أكّد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب سيمون أبي رميا في تصريح، «وجوب العودة إلى خيار المطامر الصحية لمعالجة أزمة النفايات بشكل سريع»، وقال: «الآن، وقد سقط منطق ترحيل النفايات الذي يشكّل ضرب جنون من الناحية المالية، ويُظهر فشل الدولة في إدارة الملفات الحياتية الأساسية لمواطنيها، يتوجّب علينا إيجاد حل سريع للخروج من هذه الأزمة».

واعتبر أنّه «يمكننا أن نجعل من ملف النفايات مدخلاً للّامركزية الإدارية الموسعة، حيث تهتمّ كل بلدية أو اتحاد بلديات بالنفايات الخاصة بنطاقهما الجغرافي، إنّما هذا الحل يتطلّب عنصرين، هما: أولاً، تحرير أموال البلديات للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، وهي أصلاً ضمن صلاحياتها، وثانياً إشراف وزارة البيئة على أعمال البلديات لتكون الحلول المعتمدة مطابقة للمواصفات العالمية حفاظاً على الصحة العامة».

ورأى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، أنّ «إخفاق الحكومة في حل أزمة النفايات، وتقاذف التّهم بين المسؤولين، وتنصّل العديد منهم عن تحمّل المسؤولية، يُغرق دولتنا في مستنقع الفشل»، مؤكّداً أنّ «لبنان يحتاج إلى هبّة إصلاحية ينخرط فيها كل اللبنانيين لمحاربة الفساد والفوضى، لأننا نريد أن يطمئن المواطن ويستقر الوطن ويزدهر، ويعود لبنان وطن المحبة والتعاون».

وسأل الشيخ نصر الدين الغريب، في تصريح «هل أصبح لبنان اليوم موقعاً للنفايات والأوبئة القاتلة بعد أن كان موئلاً للسياحة العالمية؟».

وتوجّه إلى المسؤولين بالقول: «ماذا تريدون من شعب يعاني منكم ومن صفقاتكم بالبيع والشراء، فمشكلتكم هي أمران: الطمر والترحيل، فبدلاً عن ترحيل النفايات اخترتم ترحيل اللبنانيين إلى الخارج من دون العودة إلى وطن نخجل أن نكون فيه لبنانيين».

وسأل، «هل من مبرّر لبقائكم في السلطة وتحمّلكم للمسؤولية عندما يصبح لبنان أرضاً بلا شعب، وشعباً بلا حقوق، وأناساً بلا كرامة؟ فأنتم تقتلون البشر بسياستكم، فهل يبقى إلّا الحجر لتحكموه؟».

وأكّد الغريب أنّ «الحق سينتصر يوماً، ولكن بعد غيبة بعض الوجوه التي لم تُغدق علينا إلّا المصائب والمشقّات».

من ناحيته، دعا «تجمّع العلماء المسلمين» التجمّع إلى «وضع اليد على ملف النفايات من قِبل القضاء، ومحاسبة كل من أساء للّبنانيين من خلال الاحتيال والتزوير، وكشف المتورطين مهما علا شأنهم»، معتبراً «أنّ إغلاق الملف بإلغاء العقد ليس كافياً، بل هو دليل على أنّ هناك في الدولة من يحمي هؤلاء المرتكبين، ولا بدّ من كشفهم ومحاسبتهم».

غصن

واعتبر رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، أنّ «مشكلة النفايات في لبنان تشكّل أحد مظاهر الفشل الكلّي للدولة والسلطة السياسية في إنتاج الحلول للمشكلة المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر».

وقال: «في ظل هذا الفشل، لا بدّ من مواجهة الأمر بيقظة شعب متجرّدة من كل الانتماءات التي تعبر الطوائف والحزبيات الضيّقة، لتطال كل مواطن يشعر بالخيبة من هذه الطبقة التي تغرقه بالنفايات وتهدّد صحته وبيئته، لتصل إلى تحرّك ميداني شعبي قبل 24 شباط الجاري، وهو التاريخ الذي حدّدته إحدى الشركات، حيث لا تعود بعده تتمكّن من جمع النفايات في بيروت لعدم توفّر أماكن تخزين شاغرة، وإلّا سنكون في الشارع في 24 الجاري إذا لم تجد هذه الطبقة الحل للأزمة المستعصية».

بدنا نحاسب

من جهتها، عقدت حملة «بدنا نحاسب» مؤتمراً صحافياً في ساحة رياض الصلح تناولت فيه المستجدات في «صفقة ترحيل النفايات المشبوهة»، كما سمّتها، وتلت نعمت بدر الدين بياناً، جاء فيه «انتهت صفقة الترحيل المشبوهة الموسومة بالعمالة، والتي زوّرت أوراقاً رسمية باسم الدولة الروسية، لكن ما لم ينته وقد بدأ للتو، هو فتح تحقيق رسمي من قِبل الدولة اللبنانية، واستدعاء ممثّلي شركة شينوك: السيد فراس الزلط وكل من تظهره التحقيقات على خلفية الإخبارات التي قدّمتها حملة «بدنا نحاسب»، وحملة «الحراك الديمقراطي»، و«حملة الشعب يريد إصلاح النظام» في ما يخص علاقة الشركة بالعميل الإسرائيلي محمد علي عجمي، والإخبارات المتعلّقة بالتزوير علناً».

وحملت على رئيس الحكومة تمام سلام لـ«دفاعه غير المفهوم عن شركة شينوك بدل التحقيق في أوضاعها»، وتحدّته أن «يثبت أنّ شركة شينوك أورباين ماينينغ إنترناشيونال مسجّلة أصلاً في بريطانيا ليكون لديها معامل أو منشآت في لندن» معتبرةً أنّه «عندما تُثار شبهة عمالة على أحد مالكي الشركة، فالرد يأتي من الأجهزة الأمنية أو القضائية حصراً».

وعن تنحّي الوزير شهيّب، قالت: «لقد فشل الوزير شهّيب باجتراح الحلول/ الصفقات التي حاول تمريرها خلسة، فضاعت ملايين الدولارات من المكاسب الموزّعة بين أركان هذه الصفقة».

وطالبت الحكومة «بالبدء بخطة الفرز من المصدر، الإفراج عن أموال البلديات، العودة إلى اللامركزية في معالجة النفايات، الإعلان عن مناقصات علانية وشفافة في هيئة إدارة المناقصات لبناء معامل للفرز والمعالجة، نموذج معمل بعذران: تكلفة تجهيز معمل الفرز 61000 دولار، معدّات 25000 دولار، الهنغار: 31000 دولار، 3 بيك أب و 1 بوبكات، يفرز ما بين 15 و20 طناً يومياً، ويتطلّب بناء المعمل ما يقارب الشهرين».

ودعت إلى المشاركة في الاعتصام اليوم السبت الساعة الثالثة بعد الظهر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى