لم أرك يوماً إلا متعب الوجه… مُبتسماً
غسان جواد
كنت نائماً كعادتك. نومُك الخفيف إياه، تعبك المقيم على الوجه منذ عرفتك، وتلك الندبات على الوجه، كأنها أحلامك التي لا تزول ولا تنقضي.
أدونيس، أعرف أنّ استشهادك على أرض «الشام» كان ذروة الحلم الذي عشت من أجله. لكننا خسرناك، نحن الذين كنا نعرفك جيداً، وعشنا معك أجزاء وافرة من حياتك ونضالك وتجربتك.
لقد كسرت قلبي يا صديقي، بالرغم من اعتزازي بشهادتك وانتسابي إليها. ثمّة جانبٌ إنساني يأبى أن يفارقني. أذكر كيف زرتني مع فراس ومالك منتصف الليل، واستلقيت سريعاً على الأريكة وغفوت. كنت تظلّ مُتعباً منهكاً، لأنّ الحزب حياتك وسورية القضية.
لم أرك يوماً مُرتاح الوجه، وظللت مبتسماً. تعبك الذي كان يرافقك أينما حللت، مصداق نضالك وحيويتك وصدقك ونقائك. نمتَ قليلاً قبل أن أحضّر لك الشاي، مشروبك المفضل عندي، واستيقظت تمازحنا وتقشّر البرتقال والليمون بيديك وتطعمنا. لا شيء جديداً في هذا، لقد كانت السهرة معك مشواراً طويلاً من الفكاهة والثقافة والسياسة والالتزام.
الآن في وسعي أن أُصارحك يا صديقي… «لا أحبّ إعارة الكتب وأتألم كثيراً لكلّ كتاب يذهب من مكتبتي، إلا معك…
كنت أعطيك الكتب التي تريدها بكلّ رضا وفرح وسرور». أعرف أنك قرأتها جميعها، وأنك تستحق كلّ معاني الدنيا داخل وخارج الكتب.
أنت نموذجٌ للمناضل النادر، والصديق النادر، والرفيق الشجاع. تستحق أن نبكي من أجلك، وأن نذرف الدمع ونذكرك بالعزّ والبطولة المؤيدة بصحة العقيدة عندما تنتصر سورية.
ستنتصر الشام وينتصر حزبك ويتحقق حلم الزعيم. هذا وعدٌ نقيمه مع أنفسنا أولاً، ومع دمائك الغنية الغزيرة الطاهرة النقية. وعدٌ رأيناه في عيون الرجال، حين سرنا وراء نعشك… تحيا سورية يا صديقي.