«سرايا عابدين»… العالم العربيّ مجتمعاً في «المحروسة»

مريم جبة

كثر اللغط حول مسلسل «سرايا عابدين» فالبعض قال إنه دراما اجتماعية، والبعض وصفه بأنه عمل فانتازي بامتياز، وقلة قالت إنه عمل تاريخي رغم أنه يصوّر أهم مرحلة تاريخية عاشتها مصر في عهد الخديوي اسماعيل، هذا الرجل الذي شهدت «المحروسة» في عهده الكثير من الإيجابيات على صعد جمّة. يقدم المسلسل مشهداً عن القطار الذي وجد في مصر في تلك المرحلة، ويؤكد بطل المسلسل قصي خولي الذي يؤدي شخصية الخديوي اسماعيل لولديه: توفيق وفؤاد أن هذا القطار والسكة الحديد موجودان في بريطانيا ومصر فحسب.

كانت ثمة حالة نهضوية بحتة في تلك المرحلة، وذاك ما قيل ويقال عن الخديوي اسماعيل الذي درس في الغرب وكان منفتحاً إلى حد كبير، وما كان يسمع شيء حالة في دول الغرب يمكن أن يرتقي بـ «المحروسة» ويجعلها في مصاف الدول الراقية إلاّ عمل على تحقيقه فوراً.

يظهر في «سرايا عابدين» الكثير ممن قرأنا عنهم في التاريخ، رغم اختيار كاتبة المسلسل هبة مشاري حمادة وتركيزها على مسألة «الجواري» والنساء في حياة الخديوي، إلا أنها تشدّد على شخصية تاريخية كان لها دور بارز في نهضة مصر في تلك المرحلة، ورغم كثرة النساء وانشغال الخديوي اسماعيل بهن إلا أنه كان على تماس مباشر مع مشاكل «المحروسة» وهموم نهضتها، ونستعيد هنا مشهداً للخديوي اسماعيل في الحلقة الرابعة عشرة مع الجارية «شمس» تؤدي الشخصية ببراعة غادة عادل قائلاً لها: «تعرفي يا شمس، حكم المحروسة أسهل بكتير من إدارة السرايا!».

مهما قيل حول هذا العمل، إلا أنه حاز مشاهدة واسعة على مستوى العالم العربي. وميز العمل أيضاً أنه خلق «وحدة عربية» نفتقدها في الواقع المر الذي نعيشه، فالكاتبة من الخليج والمخرج من مصر أما الممثلون فهم من مختلف الأنحاء، من لبنان وسورية ومصر والسودان… علماً أن بعض الممثلين السوريين فشل في إجاة اللهجة الخمصرية مثل عبد الحكيم قطيفان وسوسن أرشيد، إلا أن بطله، النجم السوري قصي خولي أجاد هذه اللهجة بالكثير من الاجتهاد، رغم بعض الهفوات البسيطة التي لا تُذكر. أما النجمة الكبيرة يسرا فهي بارعة إلى حد لا يوصف في شخصية «هوشيار» وجمعت في هذا الدور خميرة أعمالها على المدى الطويل، وهي حاضرة وبارعة وجذابة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى