سلام يؤكد الالتزام بالبيان الوزاري وسياسة النأي والإجماع العربي وباسيل يردّ: ننحاز إلى الوحدة الوطنية والضجّة المُفتعلة هدفها رخيص وداخلي
لا تزال تداعيات القرار السعودي بإيقاف المساعدات المُخصّصة لتسليح وتجهيز الجيش والقوى الأمنية تُرخي بظلالها على المشهد السياسي العام.
ستُّ ساعات استغرقت الجلسة الاستثنائية التي عُقدت في السراي الحكومية أمس والتي تمخضت عن بيان مقتضب تلاه رئيس الحكومة تمام سلام الذي أكد «وقوف لبنان الدائم إلى جانب إخوانه العرب والتمسّك بالإجماع العربي في القضايا المشتركة التي حرص عليها»، في وقت أعلن وزير الخارجية والمغتربين جبران خلال مؤتمر صحافي «أننا ننحاز إلى الوحدة الوطنية إذا خيّرنا بين الإجماع العربي والوحدة»، معتبراً أنّ «الصرخة السياسية المُفتعلة التي تلت الموقف السعودي بوقف الهبة للبنان هدفها رخيص وداخلي».
وفي المقابل، أوضح رئيس الحكومة في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي «أنّ بيان مجلس الوزراء صدر اليوم أمس بإجماع الوزراء المشاركين في الاجتماع بمن فيهم الوزير باسيل نفسه، وأي خروج عن هذا النصّ هو من قبيل الاجتهاد الشخصي ولا يعبِّر عن موقف لبنان الرسمي».
نصّ البيان
بعد الجلسة المطوّلة خلص مجلس الوزراء إلى بيان تلاه الرئيس سلام جاء فيه:
«أولاً: انطلاقاً من نصّ الدستور القائل إنّ لبنان عربي الهوية والانتماء، وعضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها، وانطلاقاً من العلاقات الأخوية التاريخية التي تربطه بالأخوة العرب ومن الحرص على المصلحة العليا للجمهورية اللبنانية بما يصون الوحدة الوطنية اللبنانية، فإننا نؤكد وقوفنا الدائم إلى جانب إخواننا العرب، وتمسكنا بالإجماع العربي في القضايا المشتركة الذي حرص عليه لبنان دائماً.
ثانياً: إنّ مجلس الوزراء يجدّد تمسكه بما ورد في البيان الوزاري لحكومة «المصلحة الوطنية» من أنّ علينا، في هذه الأوقات العصيبة التي تمرّ بها منطقتنا، أن نسعى إلى تقليل خسائرنا قدر المستطاع، فنلتزم سياسة النأي بالنفس ونحصّن بلدنا تجاه الأزمات المجاورة ولا نعرّض سلمه الأهلي وأمانه ولقمة عيش أبنائه للخطر.
ثالثاً: إنّ لبنان لن ينسى للمملكة رعاية مؤتمر الطائف الذي أنهى الحرب في لبنان، ومساهمتها الكبيرة في عملية إعمار ما هدمته الحرب، ودعمها الدائم في أوقات السلم لمؤسساته النقدية والاقتصادية والعسكرية والأمنية. كما لن ينسى أنّ المملكة، وباقي دول الخليج العربي والدول الشقيقة والصديقة، احتضنت ولا تزال مئات الآلاف من اللبنانيين من كلّ الطوائف والمذاهب، الذين يساهمون بجهودهم في نهضة هذه المنطقة العزيزة من عالمنا العربي وينعمون بالأمان والاستقرار في ربوعها.
رابعاً: إنّ مجلس الوزراء يعتبر أنّ من الضروري تصويب العلاقة بين لبنان وأشقائه وإزالة أيّ شوائب قد تكون ظهرت في الآونة الأخيرة.
خامساً: تمنّى مجلس الوزراء على رئيسه إجراء الاتصالات اللازمة مع قادة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي تمهيداً للقيام بجولة خليجية على رأس وفد وزاري لبناني لهذه الغاية».
باسيل: ندفع ثمن سياسة استقلالية لتحييد لبنان
واعتبر وزير الخارجية جبران باسيل، من جهته، أنّ «الصرخة السياسية المُفتعلة التي تلت الموقف السعودي بوقف الهبة للبنان هدفها رخيص وداخلي».
وقال خلال مؤتمر صحافي عقده في الوزارة بعد صدور البيان: «إننا ننحاز إلى الوحدة الوطنية إذا خيّرنا بين الإجماع العربي والوحدة»، مشيراً إلى أنّ «الحكومة قامت على فكرة تفهّم البلدان العربية لأهمية الوحدة الوطنية اللبنانية، ونحن أمام مشكلة كبيرة إذا لم تتفهّم الدول العربية موقفنا وتركيبة لبنان». أضاف: «مواقفنا لم تحد أبداً عن الخط البياني المرسوم في البيان الوزاري والمشكلة أنّ هناك من يطالبنا بأكثر من ذلك سواء كانت إيران أو السعودية».
ولفت إلى أنّ «مواقف الخارجية متقدّمة أكثر من البيان الذي صدر اليوم أمس في موضوع التضامن مع السعودية، لأننا أكدنا إدانتنا للتعرّض للسفارة السعودية في طهران منذ اللحظة الأولى، إلا أننا رفضنا البيان الذي يدين حزب الله كونه مكوناً داخلياً، وذلك سيحدث توتراً في الداخل اللبناني».
وأوضح باسيل أنّ «الإجحاف الذي نتعرّض له هو ثمن ندفعه لتكريس سياسة استقلالية تحييدية للبنان»، مشدّداً على أنه «بين الإجماع العربي والوحدة الوطنية ننحاز إلى الوحدة الوطنية».
وتابع: «إنّ بيان مجلس الوزراء حسم الموقف من موضوع الإجماع العربي، ونحن نقوم بواجباتنا في هذا المجال، لكننا في صراع محتدم ومتصاعد، إلا أننا لن نكون مع أحد، لأنّ مصلحة لبنان ومواقفنا تنحاز للحق وفق المواثيق والنصوص الدولية».
وأمل باسيل أن «تتفهّم الدول العربية موقفنا لأنّ جيشنا يحتاج إلى السلاح فهو لا يدافع فقط عن لبنان بل عن الجميع ضدّ الإرهاب»، مشيراً إلى أنه «في حال تشكيل وفد وزاري برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام من الطبيعي أن نشارك لشرح موقف لبنان علماً أنّ الوزارة تقوم بدورها في هذا المجال منذ البداية».
وختم: «نحن أكثر من حريصين على اللبنانيين في الخارج ولا نريد التدخل بشؤون الدول ولكن نطلب تفهمنا».
وفي المقابل، أصدر المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة تمام سلام بياناً ردّ فيه على ما جاء في مؤتمر الوزير باسيل، جاء فيه: «عطفاً على التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمره الصحافي الذي أعقب جلسة مجلس الوزراء يهمّ، المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء أن يوضح أنّ عناوين السياسة الخارجية للبنان، وخصوصاً ما يتعلق منها بالعلاقات مع الدول العربية الشقيقة، حدّدت بوضوح لا لبس فيه في البيان الصادر عن الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء وتلاه رئيس مجلس الوزراء بوصفه المتحدث باسم الحكومة وفقاً لما ينصّ عليه الدستور».
أضاف: «إنّ بيان مجلس الوزراء صدر اليوم أمس بإجماع الوزراء المشاركين في الاجتماع بمن فيهم الوزير باسيل نفسه، وأي خروج عن هذا النصّ هو من قبيل الاجتهاد الشخصي ولا يعبِّر عن موقف لبنان الرسمي».