بري من بروكسل: الحكومة باقية وحزب الله مقاومة ولا يسيطر على القرار اللبناني
استهلّ رئيس مجلس النواب نبيه بري زيارته لبلجيكا والبرلمان الأوروبي باستقبال نائب رئيس الحكومة وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز في مقرّ إقامته، في حضور الدكتور محود بري والسفير اللبناني رامي مرتضى.
كما حلّ ضيف شرف لدى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب البلجيكي برئاسة رئيسها ديرك فان مالن، وفي حضور عدد من أعضائها.
وألقى بري كلمة استهلها بشكر بلجيكا لاستضافتها الجالية اللبنانية وعلى مشاركتها في قوات «يونيفيل» ودعم عملية السلام والأمن على الحدود الجنوبية للبنان.
كما جدّد «إدانة لبنان الشديدة للتهديدات الإرهابية لأوروبا ولبلدكم بشكل خاص»، داعياً «إلى عمل مشترك بين أجهزة الاتحاد الأوروبي والأجهزة الأمنية اللبنانية».
الحوار الداخلي وملف النازحين
وتطرق بري إلى موضوع النازحين السوريين، مشيراً إلى «أنّ قرارات مؤتمر لندن لا يمكنها أن تغطي إلا ثلث ما يحتاجه بلدنا الذي يقع عليه كلّ هذا الوزر، خصوصاً السكن في أماكن الانتشار الباردة وتأمين الطبابة وشبكات الكهرباء والماء والمواصلات والبيئة النظيفة».
وأضاف: «سياسياً كسبنا عدم انزلاق لبنان إلى وقائع دامية، إلا أنّ ذلك يستدعي أدوار ودعم الأشقاء والأصدقاء لصياغة حلّ سياسي للحوار. إننا في لبنان اعتمدنا سياسة الحوار الوطني حول القضايا الخلافية الاساسية والحوار الثنائي بين المستقبل وحزب الله حول المسائل الداخلية المتوترة ونوازع الفتنة بما مكن لبنان من عبور الكثير من الاستحقاقات، وآخرها استحقاق الأمس بالنسبة إلى الحكومة».
وإذ ذكّر بموعد إنجاز الانتخابات البلدية في أيار المقبل، شدّد بري على «أنّ ذلك لا يمثل أبداً تعويضاً عن إنجاز الاستحقاق الأساسي وهو انتخاب رئيس جمهورية للبنان».
وتابع: «على المستوى السياسي العربي والإقليمي فإننا اذ نؤكد دعمنا لمقرّرات فيينا ولمقرّرات جنيف، ونرى أنه حتى مع بداية وقف النار في سورية الذي أُعلن عنه أمس، لا بدّ من بناء قناعة حول إيجابية علاقة الجوار العربية ـ الإيرانية كما الجوار الأوروبي لأنّ إعادة بناء الثقة في هذه العلاقات، خصوصاً السعودية ـ الإيرانية سيدعم دون شك الحلول السياسية للمشكلات اللبنانية والسورية واليمنية والعراقية والبحرانية وغيرها».
القضية الفلسطينية
وأكد «أنّ قضية الشرق الأوسط الأساسية التي تشكل أمّ القضايا هي الحلّ العادل والشامل للقضية الفلسطينية إذ إنّ الاستيطان وجدار العزل وعنصرية الدولة وإرهابها كلها أمور كما تؤكد الوقائع تزيد من تنامي شعور الغضب والانتفاضات ولا حلّ في الأساس إلا بمنح الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية. وقد بدأت بلجيكا ولو في خطوات وإنْ خجولة في مجال الاعتراف».
وختم، بري بالدعوة «إلى جعل العلاقات البرلمانية اللبنانية البلجيكية أنموذجاً لعلاقات الحوار البرلمانية العربية ـ الأوروبية وإلى إعطاء زخم للديبلوماسية البرلمانية لما فيه مصلحة شعوبنا وتطوير العلاقة بين برلمانكم والبرلمان في لبنان».
وردّاً على سؤال حول استقالة وزير العدل أشرف ريفي، أجاب: «هذه ليست المرة الأولى تحصل فيها استقالات في حكومات لبنان وأعتقد أنّ الحكومة لا تقف عند هذه الاستقالة مع احترامي لها، اولاً الوزير المستقيل لا ينتمي إلى كتلة نيابية، فهو قال إنه خارج إطار الكتلة، وقبل مجيئي إلى بلجيكا تكلمت مع الرئيس الحريري، لعله بعد حلّ مشكلة الحكومة من الأفضل أن يعود الوزير عن استقالته وإلا يُعيّن وزير آخر وفقاً للدستور. وفي كلّ الحالات هذا الموضوع لا يؤثر على بقاء الحكومة».
أضاف: «الحكومة ستبقى وهي استطاعت حيال موضوع حساس أن تقف موقفاً موحداً، ولا يوجد خطر إيقافها».
ورأى بري أنّ المساعدات الدولية للنازحين في لبنان «هي عبارة عن أسبيرين لمرض لا يقلّ عن السرطان مهما بلغ حجمها»، مؤكداً «أنّ الحلّ المطلوب هو الحلّ السياسي الذي ينهي موضوع اللاجئين ويعيد الاستقرار إلى سورية، بل يؤثر على العراق ولبنان وسواه. لا ننسى أنّ سورية الآن هي في خطر التقسيم لأكثر من دولتين، وهناك مخططات حول هذا الموضوع. وأيّ تقسيم سيؤثر على المنطقة عموماً، كما أنّ العراق يواجه هذا الخطر». وقال: «لقد سبق وتقدّمت باقتراح على غرار ما جرى بين الغرب وإيران في حلّ الـ 5+1، وبدلاً من هذه الصيغة لماذا لا يكون 6+1، دولتان كبريان ودولتان إقليميتان ودولتان عربيتان والاتحاد الأوروبي يكون المقرّ لإجراء هذه المحادثات. إذا جرى فرض حلّ وفقاً للأصول يمكن الوصول إلى نتيجة ولدينا تجربة لبنان».
الحوار السوري ـ السوري
وقال: «لست ضدّ الحوار بين السوريين ولكن الحوار مع من. نفهم أنّ هناك فريقاً النظام ولكن من هو الفريق الآخر. المعارضة المعتدلة أمر جيد، ولكننا كلنا نعلم أنّ الأرض ممسوكة الآن من الإرهابيين وهم غير مستعدّين للحوار. في القرآن توجد آية لولادة المسيح ولا توجد آية لولادة النبي محمد، والإسلام طبعاً يؤمن بالمسيح وموسى، لكنّ الإرهابيين يكفّرون المسيحي واليهودي والمسلم الشيعي والمسلم السني. إذا لم يكن مؤمناً بما يؤمنون به، وهم طبعاً لا يمثلون الإسلام».
وعن اتهام حزب الله بأنه يصادر القرار في لبنان، قال: «علينا أن نفصل بين ما يقوله بعض الإعلام وبين موضوع المقاومة. من دخل أراضي الآخر، نحن أم إسرائيل؟ هي التي شرّدت الشعب الفلسطيني، وبذريعة وجود الفلسطينيين اجتاحت لبنان عام 1978، وفي حينه ماذا فعل لبنان؟ هل كانت توجد مقاومة. لقد ذهبنا إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن وصدر القرار 425 بناء لمشروع أميركي، وبدلاً من أن ينسحب شارون قام بعد أربع سنوات باجتياح العاصمة بيروت، الأمر الذي أجبر الشعب اللبناني على أن يقاوم وكانت هذه المقاومة من أطراف عدة، والآن يحمل رايتها حزب الله، وهو لا يهدف إلى السيطرة على القرار اللبناني. حزب الله يحرص تماماً على الصيغة اللبنانية كما أنا وسعد الحريري وأيّ لبناني آخر».
وعن الموقف السعودي الأخير، قال: «في الحقيقة، إنّ السعودية هي دولة عربية، ونحن أيضاً دولة عربية، وليس هناك من مصلحة على الإطلاق في أن يكون هناك خلاف بين لبنان وأي دولة عربية، وما حصل هو نتيجة معادلات سواء في سورية أو العراق. نحن لدينا في لبنان أطراف وأحزاب ونتمتع بحرية الرأي، وما حصل أنّ السعودية تأثرت وأوقفت الهبة، وقد جرت معالجة الأمر في الحكومة وخرجنا بصيغة واحدة لتلافي أي خلاف مع أي بلد عربي، فنحن بلد عربي ونؤكد هذا الموضوع».
الدور الأوروبي في مواجهة الإرهاب
وحلّ بري أيضاً ضيف شرف على البرلمان الأوروبي، حيث تحدّث عن الوضع الراهن في لبنان والمنطقة في اجتماع لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان برئاسة المار بروك وبمشاركة رؤساء لجان الشؤون الخارجية في برلمانات دول الاتحاد الأوروبي وحشد من البرلمانيين والمهتمّين.
وطالب المجتمعين «بالضغط على حكوماتكم من أجل خفض سقف التوترات في الشرق الأوسط وتحديد الهدف فقط بالقضاء على الإرهاب من دون زيادة التوجهات، لأنّ هذه التجربة فشلت، ولأنّ إقامة النظام مهمّة الشعوب». وقال: «أكدت التدخلات الأجنبية في شؤون غير بلد عربي وآسيوي وإفريقي أنّ التدخلات ذات الطابع السياسي لم تحلّ أزمة العلاقة بين النظام والشعب، حيث لا يمكن للديمقراطية إلا أن تكون كلها أو جزء كبير منها صناعة وطنية. ويجب أن تتحقق لكلّ شعوب منطقتنا، غير أنّ اللعب بالنار لا يجعل النار لعبة».