عن استقالة أشرف ريفي…

علي جانبين

أعلن وزير العدل اللبناني أشرف ريفي بشكل مفاجئ عن نيّته بالاستقالة من مهامّه، فرفعها إلى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، والأخير اليوم في طور إعداد مرسوم بقبول هذه الاستقالة وفقاً للأصول.

لا أحد يريد أن يردّ ريفي عن خياره، ولم يجعل أحد من هذه الاستقالة مناسبة لرأب الصّدع الذي نشأ إثر تغريدات أبناء البيت الواحد المتشنّجة، فبينما يؤكّد ريفي عدم تسليمه بالأمر الواقع، وعدم ارتياحه إلّا بعد أن يقتصّ من المجرمين، برأيه. يردّ الحريري عليه بأن لا يزايدنّ علينا أحد… الكلّ مسلّم بأنّ قرار الاستقالة هو خيار ريفي الشخصي، وهنا بيت القصيد.

لا يأبه الحريري كثيراً لما آلت إليه الأمور، ولا يبدو متأثّراً جداً بفرط عقد وزراء تياره في الحكومة وخسارة مقعد محسوب عليه في ظروف يصعب تعيين بديل منه، فإلامَ يرمي ريفي؟ هل هي بداية استقلال؟ هل لهذا الاستقلال أفق الاستمرار في ظلّ علاقة الحريري الحصرية بالسعودية؟ أم أنّ ريفي يستند إلى شيء ما في السعودية أيضاً؟

تتوضّح ملابسات الاستقالة، فلا يبدو أنّ ريفي استقال برضى الحريري، بدليل تسليم الحريري بحريّة الخيار، هذا داخلياً، أمّا خارج حسابات الحدود، فتبدو علاقة السعودية بالحريري مُريبة في وقت تتكشّف يوماً بعد يوم علاقة ريفي الجيّدة بالرياض، خصوصاً في ظلّ خلاف الحريري مع المحمّدين بن نايف وبن سلمان . وبالتناغم، إذا كانت السعودية تبعث رسائل تصعيد نحو لبنان، فإنّها تحتاج من دون شكّ إلى مثل ريفي لما يشكّله من شخصية تصعيدية في الشمال أهمّ من الحريري «الأنيق والدقيق» في بيروت.

تؤسّس السعودية على رصيد ريفي عند المجموعات المسلحة التي موّل جماعات المحاور فيها وسلّحها، ولديه ما يشبه تنظيماً ممتدّاً من الشمال إلى البقاع وبيروت، ترفع صوره منذ سنتين وأكثر، وتدور في الشوارع عند كلّ استحقاق ومناسبة. تلك الصورة التي خسرها الحريري وأُسقطت من على أسطح الأبنية والشوارع، فهل يكون هذا التمويل إلّا سعودياً؟

واضح أنّ الحريري قد فشل في إمساك شارع والده، وواضح أيضاً أنّ 14 آذار تفكّكت، فلمََ لا تكون السعودية قد بدأت تبحث في توزيع كعكة الزعامة في البلاد؟ واضح أيضاً أنّ هذا زمن المواجهات الذي لم ينتهِ، فهل يبقى رجال الحرب إلى زمن السلام بالنسبة لريفي، وهل يضمن الحريري أن يكون هو رجل زمن السلام؟

لا شك أنّ قرار أشرف ريفي بتقديم استقالته في هذا التوقيت بالذات ما هو إلّا نتيجة تسرّعه واستفراده في اتّخاذ القرارات المستندة على أُسُس وأهداف تخالف السّرب الذي ينتمي إليه، أو ربما غير المضطلع عليه حتى الساعة.

من هنا، إنّ اتخاذه قرار الاستقالة هو دليل إضافي على تنصيب نفسه زعيماً في طرابلس وعلى أهلها، رجل العدل السابق الحريص كلّ الحرص على أبناء الشمال الذين قضوا إثر مؤامرات سماحة المفترضة، التي لم يُفلح ريفي بإثباتها وهو على رأس سلطة العدالة.

كلّ هذا قد يرسم خطوه متقدّمة نحو الانتخابات المقبلة، خاصة بعد اصطفافه المتقن مع المملكه العربية السعودية، وربط إلغاء المساعده للجيش اللبناني بتجاوزات حزب الله على المملكة، وتحميل حزب الله المسؤولية الكاملة عن كلّ ما يحصل.

يطفو التسابق ما بين قيادات تيار المستقبل لنيل رضى المملكة، وتسابق من نوع آخر يؤسّس عليه ريفي لتثبيت موقع جديد لدى المملكة التي تغيّرت صورتها وحساباتها منذ خمس سنوات مع بدء شرارة الأزمة السورية، فمملكة الاعتدال انتقلت نحو التطرّف. وما استقالة ريفي إلّا تحرير له من قيود تفرضها الوزارة، وصفته الرسمية، وتمنعه من التموضع والتقدّم في ما تطلبه الرياض من تنفيذ لمخططها المجهول والمعلوم بنفس الوقت في لبنان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى