جودة: الدستور وحده يضمن حقوق جميع السوريين
حاوره سعدالله خليل
شدّد رئيس حركة البناء الوطنية أنس جودة «ضرورة وضع الخطوط العريضة لمعايير وقف إطلاق النار، بغضّ النظر عن قرار وقف إطلاق النار الذي هو غير ملزم».
ولفت جودة في حديث مشترك لصحيفة «البناء» وشبكة «توب نيوز» إلى «أنّ المطلوب حالياً هو الاتفاق على وقف إطلاق النار وليس التوصل إلى قرار». وقال: «مثل هذه القرارات خُرق في غزة ونحن في حاجة إلى قرار دولي لوقف إطلاق النار وتهدئة العمليات العسكرية ليبني المواطنون حياتهم من جديد، خصوصاً أولئك الذين هاجروا ونزحوا إلى الحدود التركية». أضاف: «لا وجود لوقف إطلاق النار حتى يتم تحديد واضح من هي المجموعات الإرهابية وغير الإرهابية وتحديد من هو الخصم. فالائتلاف قال إنّ جبهة النصرة ليست إرهابية والاتفاق صنّفها إرهابية».
وتابع: «لا نستطيع اليوم أن نقيس الإرهابيين بالمسطرة بل علينا مناقشة المجموعات التي سندخل معها في اتفاق على دورها. الحالة السورية معقدة، على المستويين الإقليمي والدولي، والمعيار هو قبول الفئة أو المسلح أو المجموعة بمعيار سياسي جدّي لا يفرضون فيه شروطهم على الآخرين ولا يمسّون شكل الدولة السورية العلمانية. عليهم أن يقبلوا بمسار سياسي انتقالي في سورية، وإذا رفضوا فيجب محاربتهم».
لا تفاهم مع «النصرة» و»داعش»
وأكد جودة «استحالة الحديث مع تنظيمي النصرة وداعش بهذه التسويات بل مع باقي الفرقاء السوريين ودعوة هؤلاء إلى القبول بحلّ سياسي لبناء سورية الحديثة». وقال: «المشكلة اليوم تتمثل بإعادة تشكيل هذه المجموعات وتنسيقها والقبول بتمثيل سياسي لها وقد أخطأت السلطة في الآونة الأخيرة عندما اعتبرت أنّ الحديث مع المسلحين، في إطار المصالحات، أفضل من التحدُّث مع المدنيين، فالمطلوب تقديم نموذج سياسي جدّي وحقيقي لاستقطاب الجميع من الداخل والخارج».
واعتبر جودة «أنّ النقطة المهمّة في القرار السياسي بوقف إطلاق النار تتمثل بوقف الإمداد بالسلاح عبر الحدود من السعودية وتركيا وهذا الأمر مطلوب من الولايات المتحدة الأميركية، أما المطلوب من روسيا فهو التعاون مع الجيش العربي السوري والتنسيق مع الولايات المتحدة». وأضاف: «لا يجب التوقف عند الحلّ العسكري بل التمدُّد في الحلّ السياسي بالتزامن مع الحلّ العسكري».
ورأى «أنّ التهديدات السعودية والتركية بشنّ عدوان البري أو استهداف تركيا للأكراد ليست جدية في وجود التحالف الدولي، كما أنّ الاتفاق الروسي ـ الأميركي يجعل الحديث عن أعمال عسكرية برية في سورية غير مقبول، ولا يمكن حدوث هذه الأعمال في ظلّ وجود هذا التحالف الذي لا يمكن له القيام بأي عمل عسكري برّي في سورية من دون التنسيق مع الجانب الروسي».
واعتبر «أنّ السعودية وتركيا تحاولان رفع السقف سياسياً وهما الآن خارج اللعبة، لكنّ الخطر الأكبر يكمن في الموقف التركي لأنه خرج خاسراً على كلّ الجبهات مع حساسيات الموقف الكردي»، مشيراً إلى «أنّ الحكومة التركية هي حكومة إيديولوجية لا تحمل براغماتية للتخلص من المجموعات الإرهابية النائمة داخلها».
العبرة في «فيينا» و»ميونيخ»
وحول المسار السياسي التفاوضي، رأى جودة «أنّ مسار جنيف 3 ليس بالمهم بل هو إظهار للصورة فقط، فما حدث في فيينا وميونيخ هو المسار الجدي وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعد محادثات فيينا بأنّ السعودية وقعت، على مضض، على الاتفاق ما يعني التزامها بالوثيقة».
وبالرغم من قرار وقف إطلاق النار والتوافقات السياسية، أكد جودة «أنّ الحلّ الذي يضمن استقرار سورية طويل وبعيد المدى»، معتبراً «أنّ هناك فرصة جدية اليوم للتهدئة مع ذهاب الولايات المتحدة إلى الانتخابات بهدوء وتفويض الروسي الذي هو حليف استراتيجي لسورية مع الموقف الكردي المتقدم الذي هو محلّ توافق روسي ـ أميركي، بالإضافة إلى الجيش السوري وحلفائه وهو الأمر الذي يُمكن أن ينتهي بحالة استقرار لا يمكن لها الاستمرار إلا إذا كان هناك عمل سياسي متوازٍ معها يُعيد الثقة وهو ما يجب استغلاله».
ولفت جودة إلى ما يجري في المخيمات من تحضير لجيوش الأطفال في تركيا والأردن، متزامناً مع تغذية اللاجئين بالأفكار الحاقدة التي يمكن لها أن تتسبَّب بحرب أخرى إذا لم يتم استيعابها خلال السنوات القادمة».
الأكراد جزء من النسيج الوطني
أما في ما يتعلق بالأكراد، فأكد جودة «أن الأكراد اليوم محلّ دعم من القوى الكبرى ولا تستطيع السعودية ولا تركيا التأثير في هذا المكان». وقال: «يجب النظر سورياً إلى هذا الموضوع وكيفية التعامل معه في ظلّ التأكيد المستمر على سوريتهم». وأضاف: «الاتفاق مع هيثم مناع جيد ويعطي بُعداً سورياً للتحالفات الكردية».
وحول تصريحات صالح مسلّم عن سيطرة «قوات سورية الديمقراطية» التي تشكل وحدات الحماية العصب الرئيسي لها على 20 في المئة من مساحة سورية وما تقدمه من ضمانات، قال جودة: «الدستور هو الوحيد الذي يضمن حقوق جميع السوريين لا السلاح، فالحديث عن معادلات السيطرة النسبية على الأرض خاطئة، والمقياس حقوق المواطنة للجميع والدستور والمشاركة هي التي تحفظ حقوق الجميع في الوطن. أما المقاربة التي جاء بها الأكراد عن نسبة 20 في المئة من الأراضي السورية فهي خاطئة. فماذا لو انخفضت النسبة أو ارتفعت»؟
وأضاف: «تركيا الساعية إلى ضرب أي مشروع كردي في المنطقة، بحجة الأمن الوطني، يُقابلها عدم رغبة كردية في التأثير على تركيا داخلياً يكشف أنّ مشروع تركيا يهدف إلى التدخل في المنطقة».
حراك مجتمعي
وتحدث جودة عن حركة البناء الوطني والخطوط العريضة لبرنامج عملها، مشدِّداً على «أنّ نقطة العمل الرئيسة التي تنطلق منها الحركة هي الهوية السورية وطريقة ترميمها وبنائها وصقلها». وقال: «نشاطنا اليوم مدني وليس سياسياً، فالعمل السياسي الحالي يندرج عبر الانتخابات ودعم المجتمع المدني الذي نحاول الدخول إليه، وسيكون لنا لقاء موسّع قريباً مع فعاليات المجتمع المدني الذي أصرّت الدولة السورية على وصفه بالمجتمع الأهلي، وهو ما نعمل على تكريسه ونجد أنه يعبّر عن العمل السياسي في الإطار العام».
ونوّه «بحداثة العمل السياسي في سورية التي تُعتبر أداة لتطوير الهيكلية الخدمية واستصدار قوانين تطويرية». وقال: «الجميع في المعارضة يتحدث عن مرحلة انتقالية أو حكومة وحدة وطنية ولكن هناك تساؤلاً مطروح حول برنامجها السياسي في حال شكلت».
وعن احتمال المشاركة والتحالف مع أحزاب أخرى في الانتخابات المقبلة، قال: «لا يمكن العمل في سورية على أساس قانون يحمل الأغلبية بل النسبية واللوائح المفتوحة للسماح للقوائم الصغيرة بالمشاركة».
لا علاقة للحركة بتيار بناء الدولة
وعن علاقة الحركة بتيار بناء الدولة، أكد جودة أن «لا علاقة للحركة بالتيار، والأشخاص الذين يعملون في الداخل السوري هم الأحقّ بحمل اسم وعرف التيار، أما اللذين خرجوا فهم من غيّروا السياسة التي كنا نعمل عليها سابقاً، واليوم نحن في حركة البناء لا نُعتبر منصّة ناجزة فنحن نعمل على التحالف والتشارك للتوسع، والتحالفات الانتخابية تختلف عن تحالفات برامج العمل، فنحن نرى أنفسنا أقرب إلى تحالفات المجتمع المدني، لكن لا يوجد من يحمل برنامجاً واضح الرؤية حتى الآن، ونحن نتحالف مع الجميع في الداخل ومع الوطنيين في الخارج».
وختم جودة معتبراً «أنّ المصالحات الوطنية الجزئية توصل إلى المُصالحات الكلية التي لا يجب أن تتحول لاستهلاك المصطلحات، فمشوار المصالحات طويل في سورية».