الكلام النبيل والمواقف المشرّفة حديث في المعجزة السورية
د. فيصل المقداد
نائب وزير الخارجية السورية
لو أُلقيَت مسؤولية قيادة سورية خلال السنوات الثلاث الماضية على جبل لأصيب بالوهن وانحنى. ولو تعرّضت دولة عظمى لِما تعرّضت له سورية من ضغوط وتحديات خلال هذه السنوات لتلاشت واضمحلّت وسقطت. ولو واجه بلد كبير جزءاً يسيراً من الأسلحة الفتّاكة التي حشدتها الولايات المتحدة والسعودية وتركيا وأوروبا وأدوات هؤلاء في الأمم المتحدة وما يُسمّى بـ «الجامعة العربية» لما صمدت أياماً.
في مقابل ذلك كلّه، تحمّل الرئيس بشار الأسد مسؤوليته ولم يهمّه، ولم تسقط سورية بل صمدت وقاومت.
قدر سورية منذ الأزل أن تصمد وتقاوم، فصمودها يعني انتصار شعبها وأمّتها. ولم تتعوّد سورية أبداً خذلان أبنائها وأشقائها وأصدقائها. تحمّل هذا البلد منذ أن بارك الله أرضه بالمسيحية والإسلام، ومنذ بيزنطة وروما والحروب الصليبية والاحتلال العثماني والحربين العالميتين والاستعمار الأوروبي واغتصاب فلسطين والعدوان الثلاثي وحرب حزيران وانتصارات تشرين… تحمّل مسؤولياته في مواجهة التحديات وإنجاز الانتصارات.
واليوم تتحمّل سورية، بقيادة الرئيس الأسد، قدرها كحاضنة وضامن لكرامة العرب وشرفهم وقيمهم، لكنها أيضاً مقاوم يرفض الخضوع لإملاءات الآخرين ومصالحهم التي تتناقض ومصالحها ومصالح أمتها. وسورية اليوم رمز قوميّ وعالميّ لمكافحة الإرهاب بمختلف أشكاله وصيغه ومبرّراته، وخاصة الإرهاب الصهيوني والإرهاب المدعوم غربياً لتدمير سورية وشقيقاتها من الدول العربية الأخرى.
استذكرت كلّ ما سبق لمناسبة بدء ولاية الرئيس بشار الأسد بموجب الدستور الجديد للجمهورية العربية السورية، وبعد انتخابات رئاسية شارك فيها ملايين السوريين خارج سورية بتاريخ 28/5/2014، وبتاريخ 3/6/2014 داخل سورية. ولا أبالغ إذا قلت إنّ المعجزة السورية تكرّرت حين جاء السوريون للإدلاء بأصواتهم وسط أجواء الحرب المعلنة عليهم من أعدائهم المحليين والإقليميين والعالميين. جاؤوا وهم يحملون أطفالهم في أحضانهم ويحملون أحلامهم في قلوبهم ليشاركوا في تظاهرة ديمقراطية مشرّفة، وليؤكدوا وقوفهم إلى جانب وطنهم وقائدهم وحرصهم على التمسك بمثلهم وقيمهم. جاؤوا وهم يعرفون أنّ قنابل الجنون والحقد والإرهاب قد تصطاد حياتهم وحياة فلذات أكبادهم، بل إنّ القنابل القاتلة والسيارات المتفجّرة حصدت أرواح آخرين أمام أعينهم. ما أعظمك أيها الشعب، وما أعظمكم يا أبناء سورية شيباً ونساء ورجالاً وشباباً. قد نختلف مع البعض في تحليل أسباب ما يحدث في سورية، لكنّ سورية وحّدتنا وجعلتنا نتحدّى جميعاً الأخطار والمُحال، وذهب كلّ سوري قادر وحتى غير ذلك ليقول نعم لسورية وللإنسان الذي نثق بأنّه سيقود سورية نحو الأمام للحفاظ عليها درّة في هذا العالم بما تمثله من جمال وعطاء.
وقف القائد الأسد أمام شعبه يوم الأربعاء 16 تموز 2014 وأدى اليمين الدستورية بموجب المادة السابعة من الدستور السوري، وأقسم فيها بالله على أن يحترم الدستور والقوانين وأن يرعى مصالح الشعب وحرياته، وأن يحافظ على سيادة الوطن واستقلاله وحريته والدفاع عن سلامة أرضه، وأن يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية ووحدة الأمة العربية. وعندما نطق الرئيس الأسد بكلمات هذا القسم ذهب تفكيري بعيداً إلى أولئك الذين يقسمون أغلظ الأيمان في البعدين الوطني والشخصي وأمام شعوبهم، وبعد ذلك ينقلبون على القسم الدستوري ليخالفوه ويلتفّوا عليه.
ففي أوروبا يقدم الرؤساء والمرشحون لمناصب حكومية الكلام المعسول والوعود التي لا يمكن مقاومتها، ويقبلها الناخبون ويذهبون إلى غرف الاقتراع للإدلاء بأصواتهم على أمل تحقيق تطلعاتهم وطموحاتهم، إلاّ أنّ الكثير من ناخبي هذه الدول ينقلبون على مرشحيهم بعد أيام من أداء القسم وإلقاء الفائز بيانه الأول إذ يبدأ هذا بالتراجع عن وعوده والتنكر لها. وإلاّ، ما معنى أن تتراجع نسبة مؤيدي هؤلاء الرؤساء والمسؤولين إلى 10 في استطلاعات الرأي العام في بلدانهم، وبعد ذلك يستمرّ هؤلاء في التغني بالديمقراطية والشفافية و»احترام تطلّعات الجماهير».
الرئيس بشار الأسد ليس من هؤلاء، وليس من طينة الذين يخذلون شعبهم، هو الاستثناء. فسجلّ هذا القائد يشهد له التزامه بكلّ كلمة يقولها، ناهيك عن أنه معروف باحترام عهوده. ولا أحاول هنا تقديم كلام يعبّر عن تقديري ومحبتي لقائد بلدي، بل إنّ السنوات السابقة والأوضاع التي تمرّ بها سورية الآن تثبت أنّ الرئيس الأسد أوفى بوعوده وبقسمه. لقد احترم سيادة الرئيس دستور البلاد ومارس بخاصة مهمّاته في حماية الدستور من دون تردّد أو تهاون، رغم الإغراءات والأخطار التي يعرف أنه سيواجهها نتيجة ذلك.
لو تخلّى الرئيس الأسد عن مسؤوليته باحترام الدستور لكانت سورية قد تفتتت، ولكانت قطعان الإرهاب المتوحشة التي تسرح وتمرح هنا وهناك بدعم «إسرائيل» وغيرها من دون جيش يحميها ويذود عن شعبها وحدودها. أما في مجال المحافظة على سيادة الوطن واستقلاله وسلامة أرضه، فالرئيس الأسد بصلابته وصبره أنقذ سورية من أطماع الأعداء وقاد سياسة لا تتنازل عن حقوق ولا تتخلى عن مبادئ. فسورية التي يعتزّ أبناؤها بكرامتهم وحريتهم، يرفضون النيل من سيادتهم وعزتهم.
إنّ قواميس اللغة تُعرِّف الدولة ذات السيادة على أنها الدولة ذات الاستقلال الناجز التي تملك السلطة العليا داخل إقليمها ولا تخضع لإرادة أو سلطة دولة أخرى أكثر منها نفوذاً أو أقوى منها عسكرياً، ولا تتلقى منها الأوامر أو التوجيهات في إدارة شؤونها الداخلية والخارجية. وهي الدولة التي تملك حرية التصرّف في تسيير علاقاتها الدولية ضمن نطاق أحكام القانون الدولي والمعاهدات والمواثيق، وتملك الحرية التامة في المجال الداخلي وممارسة الاختصاصات المتعلقة بالسيادة من حيث:
– وضع دستور يتضمّن نظام الحكم فيها والمبادئ التي تسير عليها.
– وضع القوانين والقواعد التي تنظم شؤون رعاياها الخاضعين لسلطتها.
– تنظيم المرافق العامة ومراقبة سير أعمالها وإصدار الأوامر اللازمة إلى موظفي الدولة ومؤسساتها العامة.
– تأمين الدفاع عن مرافقها العامة وسلامة أراضيها بجميع الوسائل الممكنة، حتى بإعلان الحرب.
لقد تناولت هذه التفاصيل المتعلّقة بمبدأ السيادة الذي بدأت الدول بممارسته منذ القرن الثامن عشر لأنّ العدوان الذي تتعرّض له سورية يتمّ في إطار عدم تفريط الرئيس بشار الأسد بذرة من سيادتها في المجالات كافة التي أشرنا إليها أعلاه. فلا تنازلات على الإطلاق في ما يتعلق بمبدأ السيادة لمصلحة أعداء الأمّة، مهما كانت الضغوط، ومهما أظهر أعداء سورية من ابتزاز وتهديد، فمن يتنازل عن السيادة، بالنسبة إلى الرئيس الأسد، يتنازل عن الكرامة والاستقلال. هكذا يفكّر الرئيس الأسد وهكذا يمارس مسؤولياته.
لن يضع أحد الرئيس الأسد خلال المرحلة المقبلة أمام الاختبار في ما يتعلق بعناصر قسمه، لأنه قائد مجرّب تحمَّـل في سبيل الحفاظ على سيادة بلاده وترسيخها جميع هذه الضغوط والحرب المعلنة في سورية من قبل قوى عظمى وأدواتها الرخيصة في المنطقة فلم يهن ولم يتراجع.
تناول بعض الكتّاب الغربيين ما أسموه «مهزلة موقف العالم الديمقراطي» حيال سورية، وخاصّةً بعد إجراء الانتخابات الرئاسية التي وصفوها بأنّها كانتْ تاريخية بكامل أبعادها وقالوا:
إنّ الغرب الديمقراطي بدلاً من تقدير هذه الحالة الديمقراطية الحقيقية راح ينتقدها ويعلن مسبقاً رفض نتائجها، والسبب في ذلك يعود إلى إدراك ذلك الغرب حتميّة فوز الرئيس الأسد، وهي صعوبة كبيرة سيجد الغرب نفسه مجبراً على التعامل معها مستقبلاً، وستكون تكريساً جديداً لهزائم الغرب ابتداءً من فشل إرهاب أدواته القاتلة على الأرض السورية التي سقطت أمام نجاحات الجيش السوري، مروراً إلى مساعيه المفضوحة في مجلس الأمن التي أحبطت بسبب الموقفين الروسي والصيني.
انتظر السوريون والعرب وكلّ مهتم بالوضع في المنطقة خطاب السيّد الرئيس بشار الأسد بعد أدائه اليمين الدستورية. وأؤكّد أنّ السيّد الرئيس كان على مألوفه متجاوباً لما أراد شعبه ومحبيه لسماعه، فكان خطابه خطاب الأحرار في زمن العبودية والتبعية للآخرين، وكان خطاب السيّد الرئيس شعاع الشمس وسط الظلام المدلهم، ليس على سورية بل على العالم العربي كله والمنطقة بأسرها، وكلام النبل والإبداع وسط الجهل والتخلّف، وكلام الشجعان أمام عربان التآمر والتخلف والخنوع، وخطاب الأمل والغد المشرق أمام حكّام عرب يسفكون دم أشقائهم السوريين بلا رحمة تلبيةً لمخططات صهيونية وغربية حاقدة.
لا بد من أن أعترف للقارئ العزيز بأنني في محاولتي تقديم أهم العناصر التي وردت في خطاب الرئيس الأسد، عجزت عن تحديد ما ينبغي تقديمه باختصار في مقالة أسبوعية. وليس في ذلك أي سر، فالمشكلة التي واجهتها تتمثل في قناعتي بأنه لفهم معانيه يجب قراءة كل حرف وكل كلمة وعبارة في الخطاب البليغ لغوياً، والدقيق سياسياً، والشامل والواسع أفكاراً واهتماماً إنسانياً. كان الخطاب حقاً برنامجاً متكاملاً لمدة سبع سنين، هي مدة الولاية، لكنني أؤكد أنه في حين يغطي الخطاب قضايا استراتيجية تتجاوز أهميتها سنوات الولاية الدستورية بكثير، إلاَّ أنه يتعامل أيضاً بمنتهى المسؤولية مع قضايا تفصيلية يرسم من خلالها سيادة الرئيس طريقة حل المشاكل التي تواجهها سورية والمنطقة والعالم. ولذلك كلّه هرع عدد قليل فحسب، هذه المرة، إلى إصدار بيانات في لندن واسطنبول وباريس وواشنطن، في لعبة للتقليل من أهمية المواقف التي طرحها الرئيس الأسد لعدة أسباب بينها عجز هؤلاء وحكوماتهم وقادتهم عن طرح مثل هذه الأفكار الخلاقة التي أتى عليها سيادة الرئيس في تحليله الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية، وللتغطية على سقوطهم الصارخ في فهم ما حصل في سورية، بل لأنهم كانوا جزءاً لا يتجزأ من الفشل المذهل لما روّجوا له طوال سنين لم تبدأ مع الحوادث في سورية بل سبقتها بعدة سنين في التخطيط والتمويل ودعم الإرهاب وتدمير سورية كقوة سياسية ومعنوية كبيرة في المنطقة وقادرة على التأثير خارج حدودها. وإلاَّ لماذا لا يهرع هؤلاء إلى توجيه النوع السخيف ذاته من الملاحظات والعبارات إلى خطب يلقيها قادة آخرون سلباً أو إيجاباً! إن الرئيس الأسد بما يمثله من نبل وعطاء وصفاء ورؤية ورويّة وحكمة في قيادته لسورية يمثل خطراً عليهم وعلى أدواتهم في المنطقة. لذا كشفت هذه الردود المقرفة في مضمونها والسخيفة في عباراتها والدنيئة في أبعادها عن انحطاط هؤلاء الأخلاقي وعدم قبولهم الرأي والرأي الآخر، كما يكذبون، ولأنّهم أوّلاً وأخيراً جزء من العدوان الإرهابي على سورية واكتشف الرأي العام في بلادهم، وخاصةً إعلامهم، كم كانوا أغبياء في تعاملهم مع الحالة الإرهابية في سورية التي وصلت الآن، نتيجة لهذا الغباء، إلى مدنهم وشوارعهم وقراهم.
إن أكثر ما لفت انتباه شعبنا واهتمامي كمواطن في الخطاب هو تأكيد السيد الرئيس على أن المرجعية الأساسية له في السياسات التي يرسمها هو الشعب السوري العظيم، وأن الرئيس سيبقى الشخص الذي ينتمي إلى شعبه ويعيش بين أبنائه كواحد منهم، يعيش بينهم ويستنير بوعيهم ويستدلّ برأيهم. ولذلك لم يبقَ غريباً أننا رأينا المواطنين السوريين يتراكضون إلى صناديق الانتخاب لإعادة تأكيد ثقتهم بقائدهم. هل فهم الغربيون والحاقدون ذلك؟
أما الجانب الآخر الذي أكد سيادة الرئيس على أهمية إيجاد حل له فهو المتعلّق بالقضاء على الفساد وتنمية الشعور الوطني لدى الأجيال السورية التي يجب تربيتها على الأخلاق والقيم وحبّ الوطن، كما أكد سيادة الرئيس أنّ البلاد تشهد انطلاقة نحو مرحلة جديدة لإعادة الإعمار وتسخير التخطيط والمقدرات الاقتصادية كلّها لهذه العملية. وتناول الخطاب في هذا المجال تحليلاً دقيقاً وموضوعياً لما أطلق عليه البعض «الربيع العربي» ووجه صفعة إلى كل من ارتكب جريمة إطلاق هذه التسمية على ظاهرة دمرت العرب وربيع آمالهم وإصلاحهم وأن صمود الشعب العربي السوري قد أعلن وفاة «الربيع العربي». وبعد خطاب السيد الرئيس لن نحتاج كثيراً إلى الحديث عن إطار تجاوز الأوضاع التي تمر بها سورية، إذ أكد الرئيس أن الحل سيُبنى على المصالحات والحوار بين السوريين بقيادة سورية، وأن لا حدود أمام أيّ طروحات حول مستقبل الوطن وشكل الدولة.
وضع الرئيس الأسد مرّة أخرى اصبعه على حقيقة ينبغي لكلّ سوري وعربي أخذها في الاعتبار وهي ارتباط ما يحصل من تآمر على العرب وعلى سورية خاصة بالقضية الفلسطينية. وأكد أن كل من يعتقد أنه يمكن العيش بأمن من خلال النأي بالنفس عن القضية الفلسطينية هو مخطئ، وأن كل ما يحصل في المنطقة مرتبط بفلسطين. وفي حين بادر سيادة الرئيس إلى إدانة العدوان «الإسرائيلي» على غزّة منذ بداية الأعمال الإجرامية «الإسرائيلية» على الشعب الفلسطيني، إلاَّ أن سيادة الرئيس عاد وأكد على أهمية وقوف جميع السوريين والعرب والعالم مع النضال العادل للشعب الفلسطيني، رغم مشاعر المرارة التي يشعر بها السوريون حيال بعض ناكري الجميل من بعض الفلسطينيين. إلاَّ أن الجملة الذهبية في كلام سيادة الرئيس والتي يعرفها الأشقاء الفلسطينيون المخلصون لقضيتهم فهي قوله:
عندما نصدّق الوهم الذي يروّج له البعض بأن أزمتنا اليوم محلية ومنعزلة وغير مرتبطة بما يحصل في فلسطين فلا شك في أننا سنأخذ القرارات الخاطئة وتكون الحلول قاصرة والنتيجة فشل في أي مشكلة تمر بها دولنا.
ولم يكتفِ السيد الرئيس بتحليل البعد الإقليمي لما تشهده سورية، بل وبلغة لا تقبل التأويل، تناول أخطار الإرهاب على سورية والعراق ودول الجوار الأخرى وأنه حذر منذ بداية الحوادث في سورية من أخطار انتشار الإرهاب إلى باقي أنحاء العالم وخاصةً في دول الغرب التي دعمتْ الإرهاب وأنها هي الأخرى ستدفع ثمناً غالياً. وأكد سيادة الرئيس على دعوته إلى من غرر بهم أن يلقوا السلاح: «لأننا لن نتوقف عن محاربة الإرهاب وضربه أينما كان حتى نعيد الأمان إلى كل بقعة في سورية». وكم كان كلام الرئيس مؤثراً وعاطفياً، لكن حازماً عندما وجه كلامه إلى أهل الرقّة الغالية وإلى أهالي حلب الأحبة الذين واجهوا الإرهاب والإجرام والقتل والدمار ببطولة تامة، وأشاد بدورهم في القضاء على الإرهاب الذي دمر حياتهم، ذلك لأن أهالي حلب جزء من الجسد السوري الذي لا يمكن أن يبقى حياً من دون قلبه وكبده وعينيه.
إن أشرف ظاهرة عربية في العصر الحديث هي التلاحم العملي الفعاعل بين سورية ومحور المقاومة، وأكد سيادة الرئيس أن سورية «لن تنسى الأوفياء من أبناء المقاومة اللبنانية الأبطال الذين وقفوا جنباً إلى جنب مع أبطال جيشنا وخاضوا المعارك المشرّفة معاً على طرفي الحدود، وقدّموا الشهداء دفاعاً عن محور المقاومة. فتحية إليهم وإلى عائلة شهيد منهم بادلتنا الوفاء بالوفاء واعتبرت واجب الوقوف مع سورية كواجب الدفاع عن جنوب لبنان». ووجه سيادته أيضاُ الشكر إلى إيران وروسيا والصين: «هذه الدول التي احترمت قرار الشعب السوري وإرادته طوال ثلاث سنين ودافعت بحق عن كل مواثيق الأمم المتحدة في احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية».
في الوقت الصعب، وعندما تدلّهم الخطوب، وينسى البعض أبناءهم وأهلهم وجيرانهم لقاء ثمن رخيص ودولارات معيبة، ويقتل آخرون أعز الناس لديهم، يصبح من مهمّات القائد التذكير ببعض المسلّمات التي لم تكن يوماً مجالاً للشك. إلاَّ أن للقائد الأسد موقفاً آخر وكلاماً آخر نبيلاً عندما يقول: «إن شعباً مثلكم، قاوم وصمد وبقي في بلد تعرّض لعدوان لم نرَ في شراسته مثيلاً، هو شعب جدير بالتقدير والاحترام، وهو جدير بأرضه وتاريخه وحضارته … فالشعب السوري تمنحه قسوة الظروف المزيد من الصلابة وتدفعه الضغوط إلى المزيد من التحدي ويواجه محاولات الإذلال بالكرامة والعزّة».
أما الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني، فقد كانت لهم مكانة خاصة في قلب الرئيس الأسد وكلماته، فهو الأمل ورمز الانتصار، أمّا شهداء الأمّة فهم الطريق إلى الحياة المتجدّدة وله المجد والغار، فدماؤهم تصنع الأوطان وتضحياتهم تصون السيادة والكرامة.