شذرات
ربما الليل ينجلي… ينجلي بتواضعٍ… يزيح قبّعته وينزع سترته الشتوية بلحية تاه الأبيض فيها… فلم يتناه إلى بصري سوى الأسود.
وأمامه أجلس والخوف يعتريني ويلبسني قناع الجرأة، يا له من تناقض! أزاح كرسيه وبكلّ هدوء جلس عليه بعينين يخترقان فؤادي في كلّ لمعة… أخذ يحدّق بي لساعات وساعات وأنا أسيرة الحيرة وحنين اللحظة والخوف يفتك قلبي… ما الذي سيحصل؟!
همس بكلمات لم أفهمها ولم أسمع صوته… أرى شفتيه تتحركان، وبدا كأنه يوجه الكلام ليّ… وكيف لا يوجهه لي؟! فأنا وحيدة معه في تلك الغرفة المظلمة التي يحضنها البرد كعاشق حزين…
رغم خوفي انشغلت نظراتي بتفسير ملامحه… لم ترَ سوى الأسود ولمعة عينيه والبياض التائه وشفتيه… قطع شرودي فجأة صوت حنون يخترق سمعي سائلاً: من أنتِ…؟
يا لك من خبيث… من أنا؟ وكيف لا تعرف من أنا؟ أجالسك كل يومٍ، أحمّلكَ كلماتي، أسمعك نغماتي وأتغزل بتفاصيلك العاتمة التي لا أدركها، يا لك من مغرور يتجاهل عاشقة…! ما رددتُ بجواب، التزمت صمتي، ووقفت عند حدود هدوئي… أعاد سؤاله بصوتٍ مرعب لا يمّت إلى صوته الحنون بصلة… قلت من أنتِ..؟؟
بصوتٍ يرتجف ودّع جرأته همستُ: لن أجيب.
مريم علوش