خطاب القسم… خطاب الحسم

د. حسام الدين خلاصي

بدأ الرئيس الدكتور بشار الأسد حفل القسم بعبارة: أيها السوريون الشرفاء، فأنصت جميع من مارس شرف الدفاع عن سورية ضدّ من أراد أن ينتهك رموز سيادتها منذ بداية الربيع العربي المزيّف الذي هبّ على سورية منذ 2011، كانت شرائح السوريين الشرفاء ممثلة في طبيعة المدعوّين إلى حفل أداء القسم، من ذوي شهداء، جرحى الجيش، عناصر الجيش العربي السوري، رجال الدفاع الوطني، المثقفين، الفنانين، الإعلاميين، الناشطين الوطنيين، رجال الدين، والتمثيل الرسمي.

كان حفل القسم مميّزاً في حضوره، كان قسماً أمام ممثلي الشعب الشرفاء في قصر الشعب، دخل الرئيس واثقاً من النصر ومن خريطة الطريق التي رسمها للمنطقة منذ بداية الأزمة.

أقسم الرئيس على المصحف الشريف تأكيداً على الإسلام الصحيح وبجواره كان الدستور تأكيداً على سيادة الوطن، لقد هنأ الرئيس الأسد شعبه لأنه أعطى كلّ المتآمرين دروساً في الثورة والحرية والديمقراطية ومنع التقسيم عن بلاده، وحطم الشعب امبراطوريات النفط والإعلام والسياسة، والإرهاب وأسياده.

وعرّج الرئيس على أهمية الانتخابات المنجزة في 3/6/2014 فلقد أسقطت الانتهازيين، وعرّت أولئك الذين دعوا إلى مقاطعتها بأن لا رصيد لهم، وأتت انتخابات الخارج صفعة على وجه من تآمر على سورية، وبالتالي شكراً للغرب الغبي الذي زاد حماسة السوريين الذين غادروا تحت وطأة الإرهاب فقط، فلقد قبل السوريون التحدّي وعلى الغرب أن يتعلّم من صمود الشعب السوري الذي لديه تاريخ في السلوك الوطني، وبالتالي كانت الانتخابات بمثابة رصاصة الرحمة في نعش الربيع المزيّف… فلقد أثبت السوريون قدرتهم على النجاح.

ولتكريس ثقافة سياسية جديدة في حياة السوريين توجه الرئيس الأسد بالتحية إلى منافسيْه في الانتخابات الرئاسية، فهو يمتلك عيناً بصيرة ترى سورية بعد 50 عاماً على الأقلّ كيف ستبدو.

لقد رسم الرئيس الأسد بدقة الطبيب الجراح أهداف العدوان على سورية، حيث أنه استهدف الحالة السيادية في سورية، واستهدف الاسلام الصحيح والمسيحية الأصيلة والتاريخ السوري الصحيح، لقد كانت رؤيته واضحة في ما سيحلّ بالمنطقة والعالم من دمار جراء إذكاء نار الحرب الوهابية من قبل الصهيونية وأعوانها، وأنّ الحرب لن تقف عند الحدود السورية لأنه بالأصل الأزمة ليست سورية، وكيف أن الكلف العالية ستكون باهظة الثمن ريثما يستفيق العالم وبخاصة دول العرب، وسيدرك العالم خطورة تنظيم الإخوان المسلمين الشياطين وهو الاسم الأنسب الذي أطلقه الرئيس الأسد عليهم .

حدّد الرئيس الأسد مسارات الحلّ السوري الخالصة فهي ترتكز على محاربة الإرهاب مع فتح باب التوبة وعلى المصالحات الوطنية والتي لن تعيق عملية الحوار الوطني وهي التي تشكل العمود الرئيس في الحلّ السياسي السوري، ولقد حدّد الرئيس الدور البشع والسلبي لأولئك الذين تهرّبوا من الحوار وإلى الذين يبدّلون مواقفهم كلّ حين، وأولئك العملاء الذين ارتهنوا للخارج وبالتالي هم مستبعدون من موضوع الحوار الوطني.

ولم يستبعد الرئيس أهمية تطهير الأرض في المدن السورية التي تعاني من الإرهاب كما الرقة وحلب الشهباء، وانطلاقاً من إحساسه العالي بأهمية معالجة قضايا العدالة الاجتماعية كانت لملف الفساد إفرادات مهمة في الخطاب، فحدّد دور الشعب ومؤازرته للدولة في عملية المعالجة، وبهذا يكون قد مهّد لثورة حقيقية على الفساد تعتمد المؤازرة الشعبية وبمساعدة الإعلام ومؤسسات التربية العلمية والدينية، أيّ هي نهضة أخلاقية تنفي وجود الفساد بتدرج الزمن.

طالب الرئيس بشار الأسد الشعب للعمل يداً بيد لتبدأ عملية بناء حقيقية انطلاقاً من حق وواجب كلّ مواطن في الدفاع عن سورية، فمن لا يدافع عن سورية لا يحق له ان يكون من مواطنيها.

وبعد الخروج من المحلية السورية عبّر الرئيس الأسد عن عروبة سورية ومركزية القضية الفلسطينية بالنسبة إلى دولة المقاومة سورية وحلفائها، فالمسألة السورية لا تنفصل عما يجري في غزة من عدوان تعرّى فيه العربان في السعودية وباقي الخليج ودول الربيع الخرف التي تلوّثت بمزاعم الحرية والديمقراطية. وضرورة الفصل بين قيادات فلسطينية خانت قضيتها وسورية وبين شعب عربي فلسطيني، جرح سورية هو جرحه والعكس صحيح، وربط بين العدوان على سورية وغزة بأنه لهدف مشترك من نفس العدو وهو العدو الصهيوني وأذنابه الذين عرفوا بعمالتهم وتهديمهم الحق الفلسطيني وبيعهم الشرف العربي رخيصاً للصهيونية الأميركية، لذلك حلّ المسألة السورية بمعزل عن وسطها العربي سيكون حلاً قاصراً.

وفي الختام كانت التحية لكلّ من وقف مع شعب سورية ولكلّ من ساهم بالنصر السوري المبين في إفشال مزاعم الغرب والعرب الخونة.

إنّ خطاب القسم 2014 أذهل العالم ولجمه، فصمتت وسائل الإعلام الغربية ومراكز القرار السياسية الغربية، فقط نطق ضدّ الخطاب أذيال بني سعود والصهيونية لأنه كان خطاب التحدي والحسم في آن معاً، خطاب تلمّس أوجاع الداخل بكلّ شفافية ورسم خريطة الطريق لحلّ هذه الأوجاع، وخطاب عروبي صرف لم ينس قضية العرب رغم الأوجاع الداخلية لأنّ سورية علّمت العرب أنها قلب العروبة النابض ذلك القلب الذي سيبقى نابضاً طالما أقسم رئيس البلاد على صون عزة وكرامة العرب، وطالما استمرّ الشعب العربي السوري في تعليم العرب دروساً في الحرية الحقيقية والديمقراطية الصحيحة… نعم إنه خطاب الحسم.

رئيس الأمانة العامة للثوابت الوطنية سورية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى