الإمارات تحاكم أميركيين من دون توجيه تُهَم
نشرت صحيفة «الغارديان» تقريراً لمراسل الصحيفة في أميركا آلان يوهاس، حول سجينين أميركيين في الإمارات، تعرّضا لعمليات إعدام وهمية، وللتعذيب بالكهرباء والضرب في سجن تم تشبيهه بـ«بيت مسكون»، مشيراً إلى أن محاكمة السجينين ستبدأ الأسبوع المقبل بتهم إرهاب، بالرغم من مناشدات العائلة والأمم المتحدة وجمعيات حقوق الإنسان بإسقاط القضية.
ويشير التقرير إلى أن محكمة للأب كمال الدارات وابنه محمد، وهما أميركيان من أصل ليبي، ستعقد يوم 29 شباط، بعد 505 أيام من احتجازهما، دون توجيه تهمة، وبعد شهور من صمت العائلة خوفاً من تداعيات الإعلان، مستدركاً بأن تقريراً من الأمم المتحدة حول تعذيب أربعة سجناء منهم أميركيان وكنديان، شجّع ابنة كمال الكبرى على كسر الصمت هذا الأسبوع.
وتنقل الصحيفة عن أمل الدارات 27 عاماً قولها: «لقد تمّ اختطاف والدي من البيت»، مشيرة إلى أن هذا الأمر لم يتوقعه أحد، فقد كان يعمل في الإعمار، وعاش قبلها في كاليفورنيا ولندن، وعمل في الإمارات منذ 1998 دون أي مشكلات، ولكن في ليلة 26 آب/ 2014، وهو اليوم التالي لصدور تقارير حول تدخل مصر والإمارات في الحرب الأهلية الليبية بشن غارات جوية عدة، وصلت سيارات سوداء عدة إلى بيت الدارات.
وتضيف أمل الدارات، التي انتقلت منذ فترة قريبة إلى أميركا، لتساعد عائلتها في هذه القضية، أنه خرج من السيارات رجال ضخمون، واقتحموا بيتهم في دبي، ومعهم امرأة تلبس زياً، ورفضت الإجابة عن أي أسئلة، أو إبراز أمر محكمة، وقامت الشرطية باحتجاز أمل وأمها في غرفة لأكثر من ساعة، بينما قام الرجال بتفتيش الممتلكات، وأحاطوا برب العائلة.
وتقول أمل: «كنت أصرخ بينما كنت أصعد الدرج لأحضر له نظارته، وعندما نزلت قام رجل بأخذ النظارة، وبعدها ركضت خلفهم للخارج، ورأيته يضع والدي في سيارة عادية سوداء تحمل نمرة دبي، حدث ذلك كله بسرعة».
وتضيف أمل أنهم تركوا البيت مقلوباً رأساً على عقب، وقام رجال الأمن، الذين أصبحت وجوههم مألوفة للعائلة، بمصادرة الحواسيب المحمولة وأجهزة الأيفون والأيباد وحتى نظام الأمن البيتي، وفي اليوم التالي بدأ أخوها محمد البالغ من العمر 34 عاماً بالسؤال عن والده في مراكز الشرطة والسفارة الأميركية ووزارة الخارجية دون الحصول على إجابة.
وتتابع أمل بأن رجال أمن دولة الإمارات اتصلوا ليقولوا إن لديهم بعض الأسئلة، وجاءوا إلى البيت ثانية وأخذوا أخاها في سيارة سوداء أخرى.
وتذكر الصحيفة أنه لأشهر طويلة لم تستطع أمل أو أمها أو إخوتها أو حتى الخدمات القنصلية الأميركية، أن يعرفوا مكان سجن أبيها وأخيها. وتقول إن أمها كانت «تصيح وتبكي كل يوم، وتقول: ماذا تقصدين.. لا يمكن أنهما اختفيا هكذا ».
ويفيد الكاتب بأنه كان قد اعتقل في ذلك الأسبوع من عام 2014 كمال الدارات وابنه وكندي ليبي وثلاثة رجال أعمال ليبيين آخرين، ومع أنه أطلق سراح أحد الليبيين بعد أربعة أشهر وتم ترحيله، إلا أنه لم توجه التهمة لأحد حتى 18 كانون الثاني 2016، عندما أخبرهم قاضٍ بأنهم متّهمون بدعم الإرهاب، واتهم السجناء الخمسة الإمارات بتعذيبهم، وهو ما اتفق مع ما ذكره تقرير الأمم المتحدة الذي نشر الأسبوع الماضي، حيث نقل «معلومات موثوقة عن ممارسات تعذيب»، مثل آثار التعذيب الظاهرة.
ويورد التقرير، الذي ترجمته «عربي21»، نقلاً عن عائلة الدارات قولها إن الأمم المتحدة قالت بأن الاعترافات تمّت تحت التعذيب، وتُصرّ العائلة على أن السجينين لم يؤيّدا في حياتهما الإرهاب.
وتلفت الصحيفة إلى أنه بعد حوالي خمسة أشهر من الاعتقال، سمح لكمال الدارات بأن يتصل ببيته، وعلم من زوجته أن ابنه ايضاً اختفى، وتقول أمل إنه صدم عندما علم بذلك، وبعدها اتصل محمد والسجناء الآخرون، ولم يتحدث أحد منهم عن إخلاء سبيله.
ويكشف التقرير عن أنه لم يسمح للعائلة بالزيارة، إلا بعد أسابيع من الجدال مع مسؤولي القنصلية، وتصف أمل ما شهدته عند الزيارة قائلة: «كان أبي هيكلا عظمياً يمشي، وبدا عليه وكأن عمره ازداد ثلاثين عاماً وكأنه انتهى»، وأضافت أنها لاحظت آثار كدمات على ذراعيه، واشتكى من آلام الظهر وانعدام العناية الطبية، وأخبرها أخوها بأنه بدأ يفقد السمع، ومع موعد المحكمة الشهر الماضي فقد السمع تماماً في أذنه اليسرى.
وتبين الصحيفة أنه خلال محكمتهما الشهر الماضي، التي استمرت 20 دقيقة، لم يسمح لأي من الأب أو ابنه باستخدام محام، ولم يعطَ محاميهما نسخة من ملف موكليه إلا بعد 11 يوماً، حيث تبين أن موكليه متهمان بموجب أحد قوانين الإرهاب، والذي صدر بعد اعتقالهما.
ويفيد التقرير بأن الأمم المتحدة دعت أيضاً إلى إسقاط القضية في تقريرها، حيث قالت: «حرم السجناء كلهم حق الاعتراض على الاعتقال والاحتجاز أمام القضاء، وتعرضوا للاختفاء القسري والسجن السري، دون التواصل مع العالم الخارجي».
ويستدرك التقرير بأن مجموعات حقوق الإنسان وعائلة الدارات تصر على أن الاحتجاز والمحاكمات سياسية، ومع أن الرجال الثلاثة عاشوا لعقود ونشأ أولادهم في الغرب، ويعملون في الإمارات، إلا أن جذورهم تعود إلى غرب ليبيا، وهي منطقة في حالة حرب مع الفصائل في شرق البلاد منذ الإطاحة بالديكتاتور معمر القذافي 2011.
وتورد الصحيفة نقلاً عن المدير الإقليمي لـ«هيومان رايتس ووتش» جو ستورك، قوله: «يجب على أي بلد لها مواطنون يعملون في الإمارات أن تبدي قلقاً كبيراً نحو مزاعم التعذيب، فهذه بلد اتهم فيها أمن الدولة مرات عديدة بتعذيب الناس للحصول على اعترافات».
وتختم «الغارديان» تقريرها بالإشارة إلى أن مصعب أحمد عبد العزيز، وهو مصري معتقل في السجن ذاته الذي يقبع فيه كمال ومحمد الدارات، استطاع إرسال تصريح لـ«هيومان رايتس ووتش»، قال فيه: «لو طلبوا مني الاعتراف بأنني من المريخ، وأتيت هنا لتدمير الأرض، لاعترفت بذلك للانتهاء من هذه الحال».