أولى

الكويت…الحاضرة دوماً معنا

السفير د. علي أحمد الديلمي _

لطالما تميّزت العلاقة بين اليمن والكويت بالودّ والتعاون والإخاء. وقد بدأ التأسيس لتلك العلاقات في ستينيات القرن الماضي بعد حصول دولة الكويت على الاستقلال في 19 حزيران 1961. وفي المرحلة عينها قامت ثورتا 26 سبتمبر 1962، و14 أكتوبر 1963 في شطري اليمن، وكان لتلك العلاقات الأثر الكبير، خاصة في مجالات التنمية الاقتصادية، إذ بدأت المساعدات الكويتية تتدفق إلى اليمن بشطريه منذ تلك الفترة، وتمثلت بالمساعدات المباشرة المقدمة من الحكومة الكويتية، وتلك المقدمة عبر الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي، إضافة إلى القروض المقدّمة من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية.

كانت البصمات الأخويّة للكويت تجاه اليمن واضحة جليّة في مختلف المرافق الصحية والتربوية وتطوير المرافق الحيوية ومشاريع تأمين الطاقة الكهربائية وغيرها من المشاريع الحيوية الهامة، لذلك فإنّ الكويت كانت الدولة العربية الوحيدة الحاضرة معنا في معظم مراحل تنمية وطننا، وكان أبناء الشعب اليمني ينظرون إليها وإلى شعبها نظرة احترام وتقدير وحب، ويعتبرون أبناء الكويت إخوة أعزّاء وحكومتها السند القوي والمساهم الأكبر في تنمية اليمن والعنصر البشري فيها.

وهي تُثبت يوماً بعد يوم، قولاً وفعلاً، ومن خلال استمرارها في تقديم الدعم المستمر لليمن في المجالات كافة، أنها الدولة الأكثر عطاء ومحبة للشعب اليمني لأنها لا تعامله على أساس موقف سياسي مُعيّن.

من جانبهم، وأمام هذا العطاء المتزايد، لا يُخفي اليمنيون، بمختلف مواقعهم وشرائحهم السياسية والاجتماعية، عبارات الشكر والامتنان للكويت أميراً وحكومة وشعباً تقديراً للأيادي البيضاء التي امتدت بالخير للإنسان اليمني لتخفيف معاناته القاسية في أحلك الأزمات التي يمرُّ بها. وهم لا يرون هذا الموقف طارئاً أو وليد الأزمة القائمة حالياً بل امتداد لعقود من الدعم الكويتي السخي والنبيل، حيث كانت تنمية الإنسان اليمني تشكل أولويتها المطلقة.

في مرحلة التسعينيات بلغ مستوى العلاقات اليمنية ـ الكويتية مرحلة حرجة، بعد غزو العراق للكويت ونتيجة الموقف الرسمي اليمني الغامض من الغزو، تأثرت علاقات اليمن مع الكويت لفترة من الزمن، إلا أنّ الكويت لم تُرِد لخلاف الأشقاء أن يطول، واستؤنفت تلك العلاقات أواخر التسعينيات وأعيد افتتاح مقرّ السفارة اليمنية بالكويت في 15 مايو1999، كما اتفق الجانبان على رفع التمثيل الدبلوماسي بينهما.

كما أننا لا نُنكر الدور الكويتي الهام قبل ذلك في توحيد شطري اليمن، إذ دعت الكويت بعد نشوب النزاع بين اليمن الشمالي والجنوبي عام 1979 إلى اجتماع قمة يمنية بين الرئيسين عبدالفتاح إسماعيل وعلي عبدالله صالح، كان من نتائجه وضع الآليات العملية من أجل استكمال الوحدة اليمنية.

لم تتخلّ الكويت عبر تاريخها عن لعب دور الوسيط لتجنيب اليمن ويلات الحرب، وقد استضافت جولات من المفاوضات بين طرفي النزاع الدائر منذ العام 2014، ولا تزال حتى يومنا هذا، فقد شدّد رئيس الوزراء الكويتي السابق الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، في كلمته أمام الدورة الـ 74 للجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك على أنّ بلاده «وإذ تؤكد أن لا حلّ عسكرياً لهذه الأزمة، إضافة إلى دورها الداعم لجهود الأمم المتحدة في تيسير العملية السياسية، تُجدّد في هذا المقام استعدادها لاستضافة الأشقاء اليمنيين لعقد جولة مشاورات أخرى في دولة الكويت تحت رعاية الأمم المتحدة».

وأوضح أنّ تلك الجهود هي «من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي شامل نهائي لإنهاء هذه الأزمة، بما يحافظ على أمن واستقرار اليمن ووحدة أراضيه».

ومع ترحيب الأشقاء في الكويت بجهود إحلال السلام الشامل في اليمن، أكد رئيس الوزراء الكويتي الحالي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح أثناء لقاء المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث أثناء زيارته للكويت الأسبوع الماضي، استعداد دولة الكويت الكامل لاستضافة المشاورات النهائية للسلام في اليمن.

من تحقيق الوحدة بين الشطرين إلى محادثات السلام الأخيرة، تبقى دولة الكويت المكان الأكثر إيجابية وسلاماً واحتضاناً للأشقاء، فهل تشرق منها شمسُ السلام على اليمن ثانية؟

*دبلوماسي يمني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى