أنطون سعادهمقالات وآراء

118 عاماً على ولادة الوعي القومي…

سماح مهدي*

يأخذ الكثير من الناس على السوريين القوميين الاجتماعيين احتفالهم بالأول من آذار كل سنة. وتختلف المآخذ من شخص إلى آخر، حيث هناك مَن يعتبر ـ عن غير حق ـ أنّ الاحتفال هو تعظيم لأنطون سعاده بصفته الشخصية.

لا يملّ أبناء النهضة السورية القومية الاجتماعية من بذل كلّ جهد ممكن للأخذ بيد كلّ منتقد إلى برّ الأمان عبر إيضاح فكرة الاحتفال بالأول من آذار كما أرادها سعاده نفسه، واقتدى به من تعاقدوا معه على أمر خطير يساوي وجودهم.

فسعاده القائد، ومنذ اللحظة التي اختارها الرفقاء ليفاجئوه بالاحتفال في «عيد ميلاده» في الأول من آذار عام 1935، حرص على تحويل تلك المناسبة من فردية ضيقة إلى قومية عامة. فكان ردّه على باقة الورود التي قدّمت إليه بتأديته قسم الزعامة المثبت في دستور الحزب.

ومع توالي الاحتفالات بالأول من آذار كلّ عام، في الوطن وعبر الحدود، أصبح الاحتفال ـ كما أراده سعاده ـ احتفالاً بالنهضة السورية القومية الاجتماعية وانتشارها وإنجازاتها. فأضحت كلّ خطبه منصبّة على ترسيخ المفاهيم القومية.

فحضرة الزعيم أراد في الأول من آذار أن يكرّس مفهوماً جديداً للحرية. فحوّلها من المفهوم الرث البالي المتمثل بالتفلت من كلّ واجب وكلّ مسؤولية، إلى المفهوم الراقي الحضاري الهادف إلى إنشاء المجتمع المثالي الذي وضع قواعده في مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي.

قفزة نوعية أحدثها سعاده عندما جعل من الحرية منصة ننطلق منها لنعمل للحياة المثلى لا لمجرّد العيش. ومن هذا المنطلق تميّز السوريون القوميون الاجتماعيون بالهتاف للحياة لا للعيش، فكرّسوا لأنفسهم صفة لم يسبقهم عليها أحد وهي «أبناء الحياة».

من روحية الأول من آذار الجديدة، أوجدت نهضتنا القومية نفسية جديدة لم تعد غايتها إشباع رغبات مستعجلة أو منافع فردية محدودة. بل جعلت نصب عينيها إعادة كلّ فرد من أبناء الأمة السورية إلى عمله في إصلاح المجتمع وترقيته.

إصلاحه بالاستناد إلى رفض الإقرار باتخاذ قاعدة الصراع بين المبدأ المادي والمبدأ الروحي أساساً للحياة والأعمال الإنسانية، معلنة للعالم مبدأ الأساس المادي ــ الروحي للحياة الإنسانية، ووجوب تحويل الصراع المميت إلى تفاعل متجانس يحيي ويعمر، ويرفع الثقافة ويسيّر الحياة نحو أرفع مستوى. فباتت نهضتنا لا تعبّر عن حاجاتنا نحن فقط، بل عن حاجات إنسانية عامة.

في الأول من آذار تعلمنا من سعاده أن نوجّه كلّ قوانا، في ما يختص بالمسائل القومية إلى أهداف أمتنا نحن. وأيضاً تعلمنا أنه متى أصبحت المسألة مسألة مكانة العالم العربي كله تجاه غيره من العوالم، فنحن هم العرب قبل غيرنا. نحن جبهة العالم العربي وصدره وسيفه وترسه، ونحن حماة الضاد ومصدر الإشعاع الفكري في العالم العربي كله.

في الأول من آذار أخذنا من عقيدة سعاده الردّ الحاسم على من يتهمنا بالعداء للبنان. فكان جوابنا «متى كانت المسألة مسألة الشعب في لبنان وحياته فنحن هم اللبنانيون الحقيقيون ولا لبنانيين غيرنا».

بالمختصر المفيد، في الأول من آذار شحذ لهمم القوميين الاجتماعيين ليتابعوا حركة الصراع دفاعاً عن فلسطين والأردن، عن الكويت والعراق، عن لبنان والشام، عن قبرص والأحواز، عن سيناء وكيليكية، عن كلّ حبة تراب وقطرة ماء من هلالنا السوري الخصيب. وعن كلّ فرد من أفراد أمتنا العظيمة، وعن… كل ثروة من ثرواتها الطبيعية.

ـــــــــــــــــــــــــــ

*ناموس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الإجتماعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى