مقالات وآراء

العقوبات الأميركية
 سياسة دائمة…

} د. عماد عكوش

يكثر الحديث اليوم عن العقوبات الأميركية ضدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما يكثر الحديث عن الاقتصاد الإيراني ومدى قدرته على مقاومة هذه العقوبات. للوقوف على ذلك سوف نقوم باستعراض مبدأ العقوبات الذي تعتمده الولايات المتحده الأميركية، وكيفية تطبيقه، وعلى من طبّقته، وأين نجح وأين أخفق، والأسباب

مبدأ العقوبات استعملته الولايات المتحدة مع الكثير من الدول، وقد استعملته مع الاتحاد السوفياتي السابق بشكل مكثف، حتى وصل الى مرحلة الانهيار، كما استعملته لاحقاً مع كوبا، واستعملته مع فنزويلا، إيران، بوليفيا، كوريا الشماليه، وغيرها من الدول.

عودة الى إيران، مرّت العلاقات الأميركية الإيرانية في كثير من المراحل الصعبة، بدأت مع عقوبات العام 1995 وكانت إيران قد خرجت حديثاً من حرب مدمّرة لها مع العراق دامت ثماني سنوات تقريباً، ثم تعزّزت هذه العقوبات عام 2006 مع صدور القرار 1737 عن مجلس الأمن ثم القرار 1747 عام 2007 حيث وصلت معها العقوبات الى الذروة عام 2008، وكانت نتيجة هذه العقوبات مدمّرة للاقتصاد العالمي، حيث وصل سعر برميل النفط الى 140 دولار أميركي، وفي ايلول من ذلك العام حصلت الكارثة في البورصات العالمية وسُمّيت بـ «أيلول الأسود».

إيران خرجت مع هذه العقوبات باقتصاد متكامل محققة اكتفاء ذاتياً في السلع الأساسية التي تحتاجها إيران، وخاصة في الغذاء، الدواء، والطاقة.

اليوم عادت الولايات المتحده الى سياسة العقوبات على إيران، لكن إيران اليوم تختلف تماماً عن إيران العام 1995، إيران اليوم لديها كلّ مقوّمات الدولة القادرة، القوية، المكتفية في كلّ المجالات، إيران اليوم استطاعت ان تبني موازنتها السنوية بصفر اعتماد على الواردات النفطية، وقررت ان تستعمل أي واردات تنتج عن بيع نفطها للخارج ضمن عملية الإعمار والاستثمار الطويل الأجل.

وهنا من الضروري الإشارة الى انّ الولايات المتحدة الأميركية استعملت هذه العقوبات ضد كثير من الدول، ولأسباب عدة، منها السياسي، ومنها الاقتصادي، أما الهدف الأساسي لها فهو إبقاء السيطرة الأحادية للولايات المتحدة على العالم، وقد فرضت عقوبات حتى على بعض حلفائها مثل الاتحاد الأوروبي، تركيا، المملكة السعودية وغيرها.

لقد فرضت عقوبات على شركات الغاز الروسية لأنها تنافسها في السوق الأوروبية، حيث انّ الولايات المتحدة تعتبر المنتج الأول للغاز المُسال في العالم، والمصدّر الأساسي للغاز المسال الى أوروبا.

كما فرضت عقوبات على تركيا لشرائها منظومة ضواريخ «أس 400» من روسيا، وكانت قد سبقتها عقوبات على الصين فرفعت الرسوم الجمركية على الكثير من السلع التي تستوردها من الصين، وكانت قمة هذه العقوبات ما فرضته على عملاق صناعة الهايتك الصيني «هاواوي».

لكلّ ما ذكرناه، نرى أنّ كلّ دول العالم مرشحة للعقوبات الأميركية، بالتالي فإنّ الاقتصاد المتخصّص أصبح خطراً على أيّ دولة تتبناه، وهذا ما حصل مع بعض الدول، ولبنان من هذه الدول التي تعاني اليوم من تخصّص اقتصادها بالخدمات السياحية والمصرفية، ومع دخول الأزمة المالية فقدت المواد الغذائية وارتفعت اسعارها بشكل كبير في الأسواق نظراً لعدم وجود إنتاج محلي، فلبنان يعتمد بنسبة  90 بالمئة على الاستيراد من الخارج لتأمين كافة احتياجاته.

من هنا نرى ضرورة بناء اقتصاد متكامل في لبنان عبر تنمية الصناعة والزراعة لتأمين الأمن الغذائي والصحي وبالتالي تحنّب الأنزلاق نحو فقدان الأمن الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى