مقالات وآراء

بعد قطوع التكليف… ماذا عن التأليف؟

} علي بدر الدين

بعد طول مخاض وترقب ومتابعة لبورصة الأسماء التي تم تداولها لتكليفها تشكيل الحكومة، وآخرها سعد الحريري الذي كان المرشح الوحيد الذي لا بديل عنه، بعد أن قطعت دار الفتوى الشكّ باليقين هو أو لا أحد غيره والذي كان يحظى بتأييد الثنائي الشيعي، غير أنه فاجأ الجميع وانسحب من سباق التكليف لأسباب باتت معروفة ومعلنة، ومنها على سبيل المثال فقدان الميثاقية الطائفية بعد قنبلة أو طعنة كتلة «الجمهورية القوية» المفاجئة.

انّ خروج الحريري من حلبة السباق، جاء برداً وسلاماً على قصر بعبدا وقوى سياسية وازنة ومؤثرة في عمليتي التكليف والتأليف لأنه فتح باب الاستشارات النيابية على مصراعيه، وسهّل طريق الوصول الى القصر الجمهوري من دون الحاجة الى تأجيل الاستشارات، خوفاً من بروز تعقيدات جديدة غير محسوبة تعطل مسار التكليف أو تكون بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على المساعي المبذولة والآمال المعلقة لتشكيل الحكومة بأيّ ثمن لأن الحاجة الوطنية باتت ملحّة، علها تنجح في الإنقاذ أو تحول دون الانزلاق الى الانهيار الكلّي الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى.

مع أنّ أحداً لم يتوقع أن تؤجّل الاستشارات بعد أن طفح الكيل، ولأن الرئيس عون أصرّ على حصولها، بعدما أخذت القوى السياسية أو معظمها ما يكفي من الوقت والمماطلة للتوافق على اسم المكلف من دون قيود أو شروط مسبقة، ولكن من دون جدوى.

والمفاجئ أنه بعد اعتذار الحريري، لم تجد بعض القوى السياسية المؤثرة في عملية التكليف صعوبة، فكان الوزير السابق في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2011 الدكتور حسان دياب، الذي لم يُذكر اسمه لا همساً ولا علناً، لكن اللاعبين السياسيين الكبار تشاطروا وحافظوا على سرية اختيارهم بتركهم ورقته مستورة، بانتظار ما ستؤول اليه غربلة الأسماء وسياسة المقايضة، غير أنّ القوى التي من المفترض أن تكون داعمة للحريري تخلت عنه مع ضربة قاضية، وتعاملت مع بعضها بكيدية ومكابرة وثأر، ترجمتها بتوجيه الاتهامات المتبادلة وبعبارات لا تليق بها وليس وقتها، خصوصاً أنّ البلد دخل في نفق الانهيار المزلزل سياسياً واقتصادياً ومالياً، حيث سدّت أمامها أفاق التعاون والتقارب. وهذا ما عكسته الاستشارات النيابية أمس، التي أفضت إلى التباين في المواقف والخيارات، بين تسمية السفير نواف سلام أو عدم تسمية أحد. ما يعني أنّ الحديث عن تعويم مسمّى 8 و14 آذار معدوم نهائياً ولم يعد هدفاً أو ملاذاً لأحد.

لكن لعملية التأليف كلام آخر، وقد يكون هو بيت القصيد، لأنّ مساره سيكون أكثر صعوبة وتعقيداً، خصوصاً إذا حاول أو أصرّ الرئيس المكلف ومن خلفه القوى السياسية على إشراك المكونات السياسية بتشكيل حكومة وحدة وطنية تكنوسياسية، وانْ كانت ضرورية لمصلحة البلد. فأمامها الكثير من العقد، التي لا يمكن فكفكتها بسهولة، ما يعني السقوط في مطبات وعثرات الخروج منها صعب.

ولكن الانتظار سيكون سيد الموقف والقرار. هل سيعتبر الرئيس المكلف أنّ أيّ حكومة تشكل من دون كتلة نواب المستقبل تعني خرق الميثاقية ويعتذر عن التأليف، أم سيلجأ إلى تشكيل حكومة من لون واحد مهما كانت التداعيات داخلياً وخارجياً؟خيارات تحتاج الى موقف وطني مسؤول، مع أنّ اللبنانيين يقبلون بأيّ حكومة تنقذهم قبل فوات الأوان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى