حديث الجمعة

أزمة موروث (سالم لا تُصالح)!!

الجروح التي لا يتم تنظيفها لا تلتئم، لهذا أنا دوماً مع العتاب بين الأحبة، ولكن ليس مع الجميع، فالبعض لا يستحق العتاب..

 العتاب مجلاة القلوب، نحن حين نتعاتب فلا نصبّ الزيت على النار، على العكس تماماً نحن نطفئها، ولكننا نتعاتب لا كي نأخذ حقنا ونثبت أننا الأوفى والأصدق والسباقون في المبادرة. نحن لا نعاتب إلّا الذين نريد الاحتفاظ بهم، فالعتاب ليس لأجل الماضي، فالبعض يملك ذاكرة فولاذية، البعض قادر على تذكّر جميع تفاصيل حياته وأي شيء آخر رآه على مدار حياته باليوم والساعة. حتّى أنّ هذه الحالة درست كظاهرة اجتماعية عامة والاسم الطبّي لها (Hyperthemesia). والبعض يراها ميّزة خارقة ولكنني شخصياً أراها إعاقة. فخير نعم الله علينا هي النسيان بل هو رحمة من الله لعباده، نحن نعيش لأننا قادرون على النسيان، ولولاه لكانت الحياة البشرية جحيماً لا يطاق، فما بالكم بشخص يتذكر تفاصيل حياته بحذافيرها إنّه لشيء محزن.

الحياة برمّتها سلسلة من الآلام والنكد، تتخللها وتزيّنها أيام حلوة سعيدة، فلو بقينا نتذكر كل وجع توجّعناه، لانفجرنا كالعبوات الناسفة ونحن في ربيع شبابنا، لذا ولنكمل الحياة بهدوء نسبيّ أقل يجب أن نتخذ العتاب كالمسكن الفعّال والقادر على مساعدتنا في تسيير مركب حياتنا. نستخدم العتاب لأجل المستقبل، لأننا لا نريد أن نتوجّع بالسبب ذاته مرة أخرى، ما يبدو لك عادياً قد يجعل أحدنا بركاناً يغلي من الداخل يتحيّن لحظة انفجار، وما أراه أنا عادياً قد يغضبك. العتاب لأجل التصافي والودّ يضع حداً للمستقبل، يجعلنا أكثر حذراً ومراعاة لمشاعر الذين نحبهم.

أّما الذين لا نريد الاحتفاظ بهم فلا نتيجة تُرجى من المعاتبة، لملم ما تبقى من كرامتك وارحل وامضِ ولا تسمح لهم أن يقتربوا مسافة تسمح لهم بالطعن مرة أخرى، طبّق معهم سياسة مسافة الأمان التي تصلح لكل زمان.

يجتمع سكان مقاطعة (تشومبيفيلكاس) في دولة «البيرو» في الخامس والعشرين من ديسمبر كل عام في مهرجان يُدعى (Takanakuy)، حيث يقوم السكان في هذا المهرجان بحلّ خلافاتهم القديمة بأساليب وطرق غريبة، والهدف من ذلك هو أن يبدأ الجميع عاماً خالياً من الحقد والكراهية والخلافات.

بالطبع ففكرة إخراج الأضغان من القلوب أفضل وسيلة للصُلح والتسامح.

بين الهواء والهوى معزوفة كمان شجيّة وقصيدة بوح شقيّة يهتز لها خصر أذنين تُجيدان السمع وتقولان للروح ((هيّا لنحيَا حياة سعيدة). الهدف الأسمى للتسامح هو استمرار نهر الحب في حياة كثر رمادها وبارودها.

صباح برجس العلي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى