مانشيت

قوى المقاومة: على الأميركي أن يخرج من المنطقة أو أخرجناه على طريقتنا… أفقياً أو عمودياً ارتباك في المشهد الحكومي… وعودة البحث السياسي إلى شكلها… وتطمينات حول العقد سلامة يطمئن للوضعين المالي والمصرفي… والبستاني تعلن حل أزمة الفيول وتخفيض التقنين

كتب المحرّر السياسيّ

جددت قوى المقاومة التزامها بإخراج القوات الأميركية من المنطقة بعد كل الإشاعات التي رافقت الرد الإيراني على اغتيال الجيش الأميركي للقائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، وسوّقت للحديث عن تفاهمات انتهت إلى عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الاغتيال، على قاعدة أن الأميركي نفذ العملية وأن إيران ردّت، وأن الأميركي امتنع عن الردّ على الردّ. وبالتالي تجاهل كون الردّ الإيراني هو إعلان نيات لمواجهة مستمرة حتى إخراج القوات الأميركية من المنطقة. وجاءت المواقف الصادرة عن قيادات الحرس الثوري الإيراني، وعن قوى المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين واليمن لتؤكد أن المواجهة فتحت ولن تغلق قبل انسحاب القوات الأميركية من المنطقة وفقاً للمعادلة التي أعلنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وكان لافتاً أن يُخصص بيان كتلة الوفاء للمقاومة النيابية، فقرة منه ليقول إن على الأميركيين أن يخرجوا من المنطقة وإلا سنُخرجهم على طريقتنا. وقالت مصادر متابعة لمسار المواجهة إن الخيار يعود للأميركيين بين الانسحاب عمودياً أي بخيارهم وعلى أقدامهم، أو أن يتم إخراجهم أفقياً، أي رغماً عنهم وبالتوابيت.

المواجهة المستمرة فرضت نفسها في كواليس السياسة حول الأسباب الحقيقية للتعثر الحكومي، رغم التطمينات التي توزعها القوى السياسية المعنية حول تمسكها بالتزامها بحكومة تكنوقراط، وحول توصيف العقد بالطبيعية أو ربطها بحقائب معينة. فالنقاش يطال شكل الحكومة مجدداً، وهو ما كان الأشد وضوحاً في التعبير عنه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بإعادة تأكيد تمسكه بحكومة تكنوسياسية، بينما أشارت مصادر الرئيس المكلف إلى أنه لا زال عند مشروعه بحكومة اختصاصيين، وأصل النقاش القديم الجديد تعيده مصادر واسعة الاطلاع إلى تساؤلات بدأت حول حقيبتي الخارجية والدفاع، وكيفية تصرف الأسماء المطروحة لتوليها مع تداعيات محتملة في ضوء تطورات الصراع في المنطقة خلال الشهور المقبلة، لينفتح السؤال الأهم، عما إذا كان ممكناً تلافي المخاطرة بغير وجود وزراء سياسيين موثوقين ومجربين في الأزمات، وإذا كان هؤلاء مطلوبون لهذه الوزارات الحساسة فإن صياغة القرار السياسي تستدعي وجود وزراء بغير هاتين الحقيبتين يمثلون القوى السياسية، ما أعاد إلى التداول معادلة حكومة تكنوسياسية أو حكومة سياسية؛ فيما قالت مصادر متابعة إن اتفاق الطائف قام أصلاً على جعل السلطة السياسية المنبثقة من الانتخابات النيابية منوطة بمجلس الوزراء فما هو المنطق الذي يوجب القوى السياسية التي تمثل الغالبية النيابية تمنح تفويضاً على بياض لمجهول اسمه تكنوقراط رغم الثقة بشخص رئيس الحكومة ووجود رئيس الجمهورية وخياراته، وإلا إذا كان هذا كافياً فلماذا يقوم النظام السايسي على قاعدة الانتخابات والتمثيل السياسي ويُسمّى في الدستور بالنظام البرلماني الديمقراطي؟

في قلب هذا النقاش تبدو المشاورات لتسمية الوزراء في إجازة حتى مطلع الأسبوع المقبل، حيث تكون قد تبلورت الصورة النهائية للنقاش السياسي بين القوى المعنية من جهة وبينها وبين الرئيس المكلف من جهة أخرى.

على الصعيد المعيشي صعد ملف تقنين الكهرباء بصورة ضاغطة إلى الواجهة مع تراجع كميات الفيول المخزنة لدى مؤسسة كهرباء لبنان، وبالتوازي سجل الدولار قفزة في أسعار البيع لدى الصرافين بصورة تسببت بالقلق لدى اللبنانيين، ما استدعى ظهور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إعلامياً ليطمئن إلى متانة الوضعين المالي والمصرفي، من دون أن يجيب على أسئلة الناس حول قانونية حجز ودائعهم من قبل المصارف، او حول التحقيقات التي تطال ما عرف بقضية التحويلات الى الخارج لمليارات الدولارات لبعض السياسيين وأصحاب النفوذ؛ بينما أصدرت وزيرة الطاقة ندى بستاني بياناً أكدت فيه العودة بالتقنين إلى ما كان عليه قبل الأزمة الأخيرة بعدما تمّ تفريغ حمولة بواخر تحمل الفيول، وأكدت توافر ما يكفي لتأمين الكهرباء حتى نهاية شهر شباط.

مع مُضي نصف المهلة التي حدّدها الرئيس المكلف حسان دياب لتأليف الحكومة، تتجه الأنظار الى النصف الثاني من المهلة أي ثلاثة أسابيع، إلا أن قطار التأليف اصطدم بجدار من التباينات الداخلية والمستجدات الإقليمية، وسط مخاوف من مخاطر التأخير في التأليف على الصعيدين الاقتصادي والمالي وتفاقم الأزمات الحياتية كالتقنين العشوائي والقاسي في التغذية الكهربائية الذي طاول العاصمة بيروت للمرة الأولى، إضافة الى عودة أزمة المحروقات الى الواجهة والارتفاع القياسي في سعر صرف الدولار الذي وصل أمس في سوق الصرافين إلى 2400 ليرة.

كل هذا في ظل غياب متعمد لحكومة تصريف الاعمال ورئيسها الغارق في إجازته العائلية ما يخالف الدستور، كما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أجاب لدى سؤاله عن عدم تجاوب الحريري في القيام بواجباته بتصريف أعمال الحكومة، بالقول: “مش بطيبوللرئيس سعد الحريري أن يصرّف الأعمال انما الأمر يفرضه الدستور”. ورأى بري أن «الوضع في المنطقة غير جيد والوضع في لبنان يتدحرج». وكشف عن تعقيدات تواجه التأليف. وقال: «طُرحت خلال هذا الاسبوع حكومة سياسية وليس أنا من اقترحها. فأنا مع حكومة تكنوسياسيّة ولا أسلّم الاسماء إلا عند طباعة مراسيم الحكومة»، وشدّد برّي على أنه «غير صحيح أنني لا أريد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة حسان دياب»، وأضاف: «أتمنّى له التوفيق وساعدت ولكن هناك حدود لهذا الأمر».

وبحسب معلومات «البناء» فإن العقدة تقف على حقيبتي الدفاع والخارجية، بين الرئيس المكلف والتيار الوطني الحر الذي أكدت مصادره لـ»البناء» أن على الرئيس المكلف احترام وحدة المعايير في التأليف بين جميع القوى وما ينطبق على الوزراء الذين يسمّيهم دياب ينطبق علينا»، مضيفة: «لسنا نحن مَن يؤلف لكن من حقنا أن نشارك في أسماء ونوع الوزراء بالحصة التي تخصّنا».

واعتبر تكتل لبنان القوي بعد اجتماعه برئاسة الوزير جبران باسيل أن «المعايير الواحدة لتأليف الحكومة تسري على الجميع. فلتكن حكومة اختصاصيين، على ان تحترم وحدة المعايير وتولد حكومة اليوم قبل الغد، تجسّد ارادة الناس، والموضوع بالنسبة الينا ليس موضوع سلطة، بل يتعلّق بالبلد والأزمة وضرورة وقف الانهيار الحاصل منذ فترة، ما يتطلّب حلاً جذرياً يضع حداً للمسار الانحداري. ونحن نسهّل، ومستعدون للتسهيل الى آخر الحدود، على ان تحترم وحدة المعايير».

ونقلت قناة «او تي في» عن مصادر الرئيس المكلف تمسكه بمعاييره وثوابته الثلاثة المبدئية: لا اعتذار عن التشكيل، وحكومة اختصاصيين، ومن 18 وزيراً، اضافة الى انه لم يتبلغ من أي طرف اي موقف يناقض ما سبق وتم الاتفاق عليه عند التكليف».

وشددت كتلة الوفاء للمقاومة في بيان إثر اجتماعها الدوري في مقرها في حارة حريك برئاسة النائب محمد رعد على أن «لا مكان للوجود الأميركي العسكري في منطقتنا»، مضيفة «اخرجوا منها قبل ان نخرجكم على طريقتنا، والصلية الأولى التي وصلتكم الى قاعدة عين الأسد في انبار العراق، والكاشفة عن جرأة في اتخاذ القرار وإقدام شجاع على مستوى التنفيذ ورغم أنها أدت مهمتها الا انها ليست الا الصفعة الاولى في هذا السياق». وفي الشأن الحكومي اكتفت الكتلة بالإشارة الى أن «المستجدات المحلية والإقليمية تفرض تشكيل حكومة تنهض بمسؤولية إدارة شؤون البلاد وحماية مصالح اللبنانيين، وتولي عنايتها الفائقة لتصحيح الأوضاع المالية والنقدية والاقتصادية والمعيشية وتعيد الانتظام لعمل المؤسسات والإدارات والأجهزة كافة ومعالجة الأزمات المتراكمة».

على صعيد آخر استمر التقنين العشوائي في التيار الكهربائي في عدد كبير من المناطق اللبنانية ما أثار حملة استنكارات واحتجاجات شعبية واسعة. وأوضحت وزيرة الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ندى بستاني في تصريح أن «التأخير في فتح الاعتمادات سبب التقنين بالإضافة إلى الطقس العاصف الذي حال دون تفريغ الفيول؛ والسبت نعود إلى التغذية التدريجية»، وأضافت: «رح نضاين بالفيول لآخر شباط، بانتظار فتح اعتمادات جديدة».

وأكدت أن «هناك مستودعات مازوت والكمية عند الشركات المستورة للنفط تكفي السوق»، وقالت: «لا أزمة مازوت».بدوره هدّد رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان سامي البراكس في بيان بالعودة الى إقفال محطات الوقود بسبب الارتفاع بسعر صرف الدولار الى 2400 ليرة وفي ظل استحالة الحصول على الدولار من قبل المصارف بالسعر الرسمي المحدد من قبل مصرف لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى