أولى

صفقة القرن وليبيا: بين مصر وسورية

التعليق السياسي

ـ بعد الموقف الداعي للتعامل إيجاباً مع صفقة القرن جاء موقف وزير الخارجية في الجامعة العربية تحسيناً توجه الموقف النهائي للجامعة الذي تلعب مصر عادة دوراً حاسماً في صياغته، وبالرغم من أهمية الموقف الفلسطيني في تحسين صورة الموقف المصري، إلا أنّ الحاصل يتلاقى مع ما تعانيه مصر من تبعات التموضع التركي في ليبيا وقلقها من ذهاب سورية وروسيا إلى تفاهمات عميقة مع الأتراك على حسابها.

ـ جاءت معارك الشمال السوري لتقول إنّ سورية لن تتسامح مع أيّ محاولة تركية للحصول على أيّ مكاسب في السيادة السورية، وأنّ هذا الموقف السوري يلقى تجاوب موسكو ودعمها، والمعارك الطاحنة الدائرة تبدّد المخاوف المصرية، لكنها لا تحلّ مشكلة مصر.

ـ مصر محاطة بمخطط أثيوبي للنيل من مياهها، وتلقى عدم التعاون من السودان، ومصر مهدّدة بأمنها الداخلي والإقليمي من تنامي الدور التركي في ليبيا وما يوفره من حضانة للأخوان المسلمين، والتعاون المصري السوري الذي يلبّي حاجات البلدين ومصالحهما وأمنهما القومي ينعكس إيجاباً على قدرة مصر على مواجهة الخطرين الثيوبي والتركي، فسورية حليف لقوى المقاومة في اليمن، ولإيران الموجودة على ساحل البحر الأحمر ، وأثيوبيا حليف لـ «إسرائيل»، أما تركيا فما يجري في شمال سورية يكفي لتسأل سورية أشقاءها في مصر عما يقدّمونه لها لتكون أقوى في وجه الخطر التركي.

ـ سلكت سورية طريق التعاون مع إيران وروسيا، وتخوض معارك سيادتها ويدعمانها، وتواجه تركيا و»إسرائيل»، وهما الخصمان الفعليان لمصر ولو جاءت «إسرائيل» من بوابة حليفتها أثيوبيا من خلف مصر، ونتائج الخيار السوري بائنة، بينما الإعتماد المصري على الأميركي والسعودي ومراضاة «الإسرائيلي» في أنبوب الغاز ومنتدى الغاز فنتائجه واضحة، عدم التخلص من الجبهة الأثيوبية مائياً، واستعداء روسيا بصورة تفتح الباب لتركيا ليبياً، وها هي تجربة صفقة القرن تقول إنّ المواقف لا يمكن تفصيلها على قياس التحالفات بل العكس هو الأصحّ.

ـ البدء بنقلة نوعية مصرية نحو سورية وهي في ذروة الاشتباك مع تركيا ربما يكون المفتاح لمحاكاة جديدة على كلّ الجبهات وخصوصاً تحييد روسيا من المواجهة المصرية التركية في ليبيا وغيرها، تمهيداً لنقلة في ملف الغاز تضع سورية ومصر في حلف واحد، سترحّب روسيا بأن تكون له مكانة مميّزة لا يؤذيها وجود تركيا شريكاً في الأنبوب الروسي.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى