أردوغان يهدّد سورية ولافروف يحذّر… والجيش السوريّ يواصل… وشويغو يلتقي حفتر التفاوض يبدأ اليوم على «الهيكلة» وسط حرب نفسيّة يصنعها التلاعب بالدولار السعوديّة تنتظر الرهان الحريريّ لـ 100 يوم لتقرّر سياستها مع حكومة دياب
كتب المحرّر السياسيّ
فيما تستعد إيران للانتخابات بمستوياتها الثلاثة، برلمانية وبلدية وانتخاب مجلس الخبراء، يوم غد الجمعة، وسط توقّعات بفوز كاسح للتيار المتشدّد، وترجيح تولي رئيس بلدية طهران السابق محمد باقر قاليباف رئاسة مجلس الشورى المقبل، بعدما امتنع الرئيس الحالي لمجلس الشورى علي لاريجاني عن الترشح للانتخابات البرلمانية، فيما وصفته مصادر إيرانية متابعة بالاستعداد للترشح للانتخابات الرئاسية بعد عام وبضعة شهور، شهدت العلاقات الروسية التركية تصعيداً أعاد التذكير بمناخات ما بعد إسقاط الجيش التركي لطائرة روسية حربية عام 2015 غداة التموضع الروسي في سورية، وعادت فتكرّرت أثناء معركة تحرير حلب الأولى عام 2016، لكنها هذه المرة تبدو المحطة الفاصلة باعتبار المنطقة التي يدور حولها التجاذب في سورية، تشكل آخر المناطق التي يتقرّر عبرها مصير الدور التركي في سورية. وكان الرئيس التركي رجب أردوغان قد تحدّث أمام البرلمان التركي بلغة التهديد تجاه سورية، معلناً أن الجيش التركي سيقوم بعملية عسكرية وشيكة ما لم يتراجع الجيش السوري عن المناطق التي قام بتحريرها من قبضة الجماعات الإرهابية، واستدعى كلام أردوغان تعليقاً روسياً سريعاً صدر من الكرملين وتلاه كلام لوزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الأردني، حذّر تركيا خلاله من التورّط بمواجهة الجيش السوري المدعوم من روسيا، والذي يقوم بواجبه في مواجهة الإرهاب الذي تلكأت تركيا بمواجهته وأخلفت في تحقيق تعهداتها التي انقضى عليها أكثر من سنة، مذكراً بأن الجيش السوري يتحرك فوق أرضه وأن الجيش التركي موجود بصورة غير شرعية في سورية، وجاء التأزم في العلاقات الروسية التركية، بعد فشل محادثات موسكو التي استمرت يومين بين الجانبين، وقدّمت خلالها موسكو خريطة لتراجع الجيش التركي نحو نقاط قريبة من الحدود في شريط ضيق، وسحب نقاط المراقبة بعد انتفاء مهامها، وأعلن أردوغان رفض العرض الروسي في كلمته أمام البرلمان تأكيداً لدعم موقف وفده المفاوض، بينما قال لافروف إن لا قمة روسية تركية على جدول أعمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعدما كانت الأوساط التركية تحدثت عن القمة بصفتها الجواب على فشل المحادثات، وهو ما قالت مصادر روسية متابعة إنه قيد النظر إذا تلقت موسكو عروضاً تركية تفتح طريقاً لإنهاء التصعيد. ووصفت المصادر لقاء وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بالجنرال الليبي خليفة حفتر، بواحدة من تداعيات التصعيد، والردّ على التصعيد، بينما كانت وقائع الميدان تحمل أنباء المزيد من التقدم للجيش السوري في عمليته العسكرية سواء على محاور الأتارب وبنش في محيط إدلب أو على محاور جسر الشغور وجبل الأربعين في ريف اللاذقية وطريق اللاذقية حلب، بينما كانت ورشات الإصلاح والترميم تواصل عملها في حلب وريفها بعد فتح الطريق الدولي بين حلب ودمشق، والإعلان عن عودة النشاط إلى مطار حلب الدولي وتدشينه بهبوط أول طائرة آتية من دمشق.
في لبنان الهمّ المالي في الواجهة يتفوّق على ما عداه، وقد وصل ليل أمس وفد صندوق النقد الدولي، وبدأ الوفد الحكومي اللبناني محادثات مع شركات استشارية مالية، تمهيداً للقاء وفد الصندوق اليوم لبدء المفاوضات حول شكل المعونة التقنية التي سيقدمها للحكومة في تطبيق خيارها بإعادة هيكلة سداد سندات الخزينة كسلة متكاملة، في مناخ حرب نفسية داخلية وخارجية تتعرّض لها حكومة الرئيس حسان دياب من لوبيات تلتقي على مصالح مالية أو سياسية للتشويش على خيار هيكلة الدين. وظهر التلاعب بسعر صرف الدولار بصورة تريد جعله سلاحاً للضغط على شروط التفاوض المتصلة بتفويض الشركات التي ستتولى التفاوض بالنيابة عن لبنان، مع الدائنين الذين تمثلهم مجموعة محدودة من الشركات، واكبتها مؤسسات إعلامية دولية ومحلية بنشر تقارير سوداويّة عن لبنان خصوصاً لجهة مستقبل سعر الصرف، فضجت وسائل التواصل الاجتماعي بما نشرته قناة بلومبرغ من توقعات تشاؤميّة، كاشفة وجود جهات موزعة بين الخارج والداخل، تنظم حملة مبرمجة لدفع الدولار صعوداً عبر ترويع الناس من مخاطر فقدانه من الأسواق وتشكيل أكبر ضغط ممكن على الحكومة ووفدها المفاوض للحصول على أعلى أسعار فائدة، بينما قالت مصادر مالية مؤيدة للسياسة الحكومية بأن التحرك القضائي لملاحقة التلاعب بسعر الصرف يجب أن تظهر قوته لردع التلاعب وكشف المتورّطين فيه، كما الذين هربوا أموالهم وباعوا سنداتهم بصورة احتيالية لضمان سدادها وإبقائها في الخارج. وقالت المصادر سيكتشف اللبنانيون بعد تثبيت قرار عدم السداد كيف ستعود السندات المباعة لحامليها الأصليين.
سياسياً، تبدو العلاقات العربية للحكومة مصدر إشكالية في ترتيبات الزيارات التي يريد رئيس الحكومة البدء بها منتظراً تبلور الموقف السعودي من التعامل مع الحكومة، لرغبته بجعلها محطة رئيسية في جولته الأولى خارج لبنان. وقالت مصادر متابعة للموقف السعودي، إن المرحلة الراهنة هي مرحلة اللاموقف تجاه حكومة الرئيس دياب، فالأولوية السعودية لبنانياً هي إعادة تنظيم صفوف الحلفاء، وقد تبلورت العلاقة مع تيار المستقبل مجدداً على قاعدة تسمية هيئة مستشارين وقياديين اختارهم الجانب السعودي، واعتماد خطاب مواجهة للعهد بدلاً من حزب الله، تماشياً مع الخطة التي عبر عنها الدبلوماسي الأميركي السابق جيفري فيلتمان في حديثه أمام لجان الكونغرس قبل شهرين تعليقاً على الحراك داعياً لإضعاف حزب الله عبر بوابة نزع الغطاء الذي يوفره له العهد والعلاقة بالتيار الوطني الحر. وقالت المصادر إن القرار السعودي هو منح الفرصة لرهان الحريري 100 يوم لبدء ترنح حكومة الرئيس دياب قبل أن تتحمّل السعودية أمام حلفائها مسؤولية تعويم الحكومة، ولذلك يتهرّب الدبلوماسيون السعوديون حتى من زيارات تهنئة لرئيس الحكومة، تفادياً لإحراج طلبه ترتيب زيارة للسعودية ستمنح الحكومة صورة إيجابية عن نجاحها، ولو لم تحصل على وعود والتزامات مالية. وتوقعت المصادر أن يتغير المناخ السعودي كلما ظهرت الحكومة ممسكة بملفاتها وتحقق تقدماً في معالجة المشاكل المتراكمة التي ورثتها عن الحكومات السابقة وفي طليعتها حكومات كان يترأسها الرئيس سعد الحريري والرئيس السابق فؤاد السنيورة، خصوصاً ملفي هيكلة الدين وأزمة عجز الكهرباء.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مصدر “أن لبنان سيدعو 8 شركات إلى تقديم عروض لإسداء المشورة المالية مع دراسته خيارات في شأن الدين”. وأشار المصدر الى “ان هذه الدعوة لا تعني انه قرر إعادة هيكلة الديون لكنها تعني انه يدرس كل الخيارات”. ولفتت مصادر “البناء” الى قرار رسمي بالامتناع عن سداد الديون المستحقة في آذار المقبل والبحث في خيارات بديلة كمقدمة لإعادة جدول ديون نيسان وحزيران ايضاً”، مشيرة الى أن هذا القرار لا يعني الخضوع لأية شروط مالية وسياسية دولية بل يقتصر دور الصندوق على تقديم اقتراحات وآليات لإعادة الجدولة”.
وأشارت مصادر مطلعة على الملف المالي لقناة “أو تي في” الى أن “رئيس الحكومة حسان دياب يحاول أن ينقل للموفدين الدوليين رغبة الدولة اللبنانية بتأجيل دفع المستحقات المالية باليورو بوند وإعادة هيكلة الدين وجدولته»، لافتة الى أن «هناك عملا جديا لعقد برنامج انقاذي اقتصادي لمساعدة لبنان على تخطي الأزمة المالية التي يمر بها».
ولفتت الليونة في موقف جمعية المصارف أمس، حيث أشار رئيسها سليم صفير، بعد لقائه رئيس الحكومة الى انه «اذا كانت الحكومة متجهة الى جدولة الدين فيجب على هذه الجدولة ان تتم بشكل منظّم أي بالتفاوض مع حاملي سندات الدين وخاصة الصناديق الاستثمارية في الخارج الذين أظهروا حتى الآن جهوزية للتفاوض على هذا الأساس»، مشدداً على ان «هدف جمعية المصارف كان ولا يزال الحفاظ على حسن سير المرافق العامة كما الحفاظ على الودائع المؤتمنة عليها المصارف، وان اي قرار بموضوع اليورو بوندز هو قرار تأخذه الحكومة حصرا بما تراه مناسبا للبنان”.
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري “ان إعادة هيكلة الدين هي الحل الأمثل، ومن بعدها يأتي ملف الكهرباء لوضع حل كامل وشامل، طالما نصف الدين العام إضافة الى العجز السنوي يأتي من هذا الملف.. ولم يكد بري ينهي كلامه حتى اعلنت تريدويب ان سندات لبنان المقوّمة بالدولار انخفضت إلى 29 سنتاً بعد دعوته الى إعادة هيكلة الديون.
وخلال لقائه نواب الأربعاء، اشار الى ان “الوضع في لبنان وخصوصاً على الصعيدين المالي والاقتصادي لا يحتمل تأجيج التراشق السياسي، انما يستدعي الدفع في اتجاه تعزيز المناخات الإيجابية للإنقاذ التي تستوجب تضافر كل الجهود للتعاون انطلاقاً من المصلحة الوطنية والمسؤولية التاريخية”. وفي الشأن المالي والمصرفي قال: “من غير الجائز أن يدفع اللبنانيون ثمن الأزمة المالية الاقتصادية والمصرفية من خلال عملية إذلال واقتصاص منظمة لودائعهم وجنى أعمارهم، ومن خلال فلتان الأسعار على السلع الاستهلاكية والحياتية”. وأبدى بري ارتياحه لتحرّك القضاء لوضع يده على ملف الصيرفة والتلاعب بسعر صرف الدولار من ألفه الى يائه. وفي الشأن المتعلق باستحقاقات “اليوروبوندز”.
وفي سياق ذلك، استقبل دياب المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي أطلعه على النتائج الأولية للتحقيق في تحويل الأموال إلى سويسرا اعتباراً من 17 تشرين الأول 2019، وتم البحث في إمكان التوسع في التحقيقات لتشمل التحويلات المالية إلى الخارج بحيث لا تقتصر على تلك المحوّلة إلى سويسرا، كما تمّ البحث أيضاً في توسيع الفترة الزمنية التي حصلت خلالها تلك التحويلات. كما أعلنت هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي أنها قررت “الطلب من المصارف الإفادة عن حجم المبالغ وعدد الحسابات والعمليات التي حوّلت إلى الخارج”.
وأعلنت رئاسة الجمهورية على وسائل التواصل الاجتماعي أن “رئيس الجمهورية ميشال عون أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس جمعية المصارف سليم صفير مستوضحاً ما نُشر عن توقف أحد المصارف الدفع بالدولار للمتعاملين معه”، الامر الذي نفته بعض المصارف دون تقديم دليل على ذلك.
وأمس، نظم عدد من المتظاهرين مسيرة في وسط بيروت احتجاجاً على الإجراءات المتبعة مع المودعين، وأقدم بعضهم على تحطيم عدد من فروع المصارف بعد تداول معلومات أن أحد المصارف أوقف السحوبات بالدولار الأميركي وتصدّى الجيش لهم وعمل على ضبط الوضع.
الى ذلك يستعد التيار الوطني الحر لتنظيم تظاهرة امام الباحة الخارجية لمصرف لبنان في الحمرا اليوم بمشاركة أحزاب ومجموعات من الحراك، رفضاً لسياسات رياض سلامة، وقد شنّ نواب ووزراء التيار هجوماً على الحاكم والمصارف، واعتبر النائب أنطوان بانو، في تصريح ان “ودائع الناس بالمصارف تبخّرت، وصغار المودعين عم يناموا ع باب البنك تيشحدوا حفنة من شقى عمرهم، بوقت حيتان المال هربوا ملياراتهم لبرّا، بلا ما يرفلهم جفن أو ينحطوا تحت المساءلة، والبنوك لا أخلاقياً باعت سندات سيادية وسلمت رقبة لبنان لبرا وهددت الأمن المالي للدولة. ع شو ساكتين وناطرين”؟.
وتحضر الاوضاع المالية والاقتصادية على طاولة مجلس الوزراء الذي يعقد جلسة اليوم في قصر بعبدا.
الى ذلك بقيت العروض التي وضعها رئيس مجلس الشوري الإيراني علي لاريجاني بعهدة المسؤولين اللبنانيين تشغل الاوساط الرسمية والاقتصادية والشعبية لما لهذه العروض اذا تلقفها لبنان من نتائج هامة على اقتصاده وماليته ومستقبله لجهة توفير المال العام ومكافحة الفساد والهدر ونقل الاقتصاد من ريعي واستهلاكي الى منتج.
وقد أثار العرض الكهربائي وتخفيض فاتورة الدواء الى 80 في المئة وتزويد لبنان بالمشتقات النفطية وإنشاء مصانع وتنمية القطاع الزراي اهتمام المسؤولين، وعلمت “البناء” أن “رئيس الجمهورية ميشال عون مقتنع بعرض الكهرباء تحديداً لما يسهم في تخفيض نسبة العجز وبالتالي الدين العام لا سيما أن المؤسسات شبه الرسمية كالبلديات او اتحادات البلديات يمكنها تخطي القرار الحكومي وتوقيع عقود كهربائية مع إيران بشكل لا يعرض لبنان للعقوبات الأميركية”، كما علمت أن “الحكومة تدرس العروض الإيرانية على أن تتخذ قراراً بشأنها خلال وقت قريب اذا ما سدت ابواب الخليجيين والاميركيين في وجهها”، متوقعة أن “تشكل الزيارة والعروض الإيرانية حافزاً للسعودية وغيرها لمساعدة لبنان”.