حديث الجمعة

ورد وشوك

 

أَبَت شَفَتايَ اليَومَ إِلا تَكَلُّماً

بِشَرٍّ فَما أَدري لِمَن أَنا قائِلُه

لبضع سنوات مضت ما حدث فيها كان رهيباً، سواد لياليها ساد حتى صباحات نهاراتها

رغم أنها انطوت في العدّ والتقويم إلا أن صداها باقٍ يشقّ عباب الصمت، رغم صخب الحياة وما فيها من ضجيج فيمنعنا من التفكير وحسن التدبير.

أم لواقع فرضته اليوم تلك السنون والقادم فيه يبدو أنه أصعب على كل صعيد بعد محاولات الخلط بين الغث والثمين والعمل على ترسيخ ما يخالف كل ما كان إيماننا فيه عميقاً متلاعباً حتى بقدسية ثوابت لا تحتمل التأويل

وكأنها الحرب الباردة تدخل بيوتنا بصفاقة عن طرق شتى فتقلب المفاهيم وتثير النقمة لدى البعض ونعرات مختلفة لدى آخرين

غالباً ما تكون نتائجها الفكّ والتشتيت لا الجمع والتركيب بعد أن اختلفت الأولويات في ترتيبها فأصاب الهرم نخراً لا ندري عنه من المسؤول!!

لكن الواقع يقول إنه إذا تعاظم سيهوي لا محال والبناء بعدها لن يقوم. فالمسافة باتت شاسعة بين المنظور والمأمول والمستطاع

صحيح أن ما مر بنا علمنا أن الحياة لا تساوي شيئاً، لكن بقاءنا فيها يعني أن لا شيء يساويها وعليه فنحن مطالبون أن نبقى بإصرار مقاومين.

ترانا على ذلك قادرين..!

وكأن ما فينا من ألم وهوان لا يكفينا حتى استوطنت الكوابيس النوم في ليالينا بعد أن غادر التنين حيّز الأسطورة وتوجّه إلينا يحيي الرعب القديم من آلاف السنين القائم فينا، لينفث نار غضبه فيدمّر المال والجمال ويجعل خضاره سواداً فيحرم النقاء والهواء من الوصول إلى رئتينا. وكأننا في عالم تكاثر فيه التنين بأشكال متطورة عنه إنسانية بشكلها ترتدي البزة الأنيقة وتحكم ربطة العنق ذات الماركة العالمية

يخرج من فمها كلام موتور يلقي بالتهم جزافاً على الأغيار فيتوه الواقع وتضيع معه مطارح الحقيقة وعلى من تقع المسؤولية..

لنبقى مقيمين في عالمنا الثالث لعبة بأيدي الكائنات الأسطورية وعرضة للكوارث الطبيعية وغير الطبيعية.

أما آن الأوان لنعيد التنين إلى الصفحات الملونة مجرد قصة عالمية نرويها لتساعد أطفالنا على بناء خيال واسع الأطياف بالألوان والجمال لا بالكره والنيران؟ ونحن الأكثر قدرة وعدداً إذا ما اجتمعنا على كلمة ننبذ فيها الاختلاف ونسوّي الخلافات الاجتماعية والسياسية التي كانت ومازالت مؤشراً على صحة الديمقراطية والحرية وسبيلاً للشفاء من أمراض مزمنة عشنا فيها وأقعدتنا حتى عن المطالبة بنيل أبسط الحقوق الإنسانية.

ما خاب مَن قال: لكل شيء آفة من جنسه حتى الحديد سطا عليه المبرد.

رشا المارديني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى