حديث الجمعة

ورد وشوك

في عصور الجاهلية انتشر الرقُّ ممهداً لقبول العبودية فشُرّع الاتجار بالأشخاص وعُرفت أسواق النخاسة فيها. يباع الإنسان ويُشرى كسلعة مضمونة للثراء وجمع المال. وقتها عُرف الرقُّ بأنه لغة أوجدها القوي ليستغل بها الضعيف فيسخره عبداً له يؤدي عنه ما يصعب عليه من أعمال

هذا ما كان عليه الحال في الجاهلية على مستوى أفراد واقعهم الاجتماعي والاقتصادي والفكري ساهم في إبقائه سائداً لأزمان وصولاً إلى تطور الحال فانتشرت معه الحروب بين القبائل وطالت المال والحلال كحرب داحس والغبراء.

إلى أن وصلنا بالتطور إلى عالم الحضارة عندها تمّ نبذ الرق والعبودية إيماناً بمبدأ أن الإنسان يولد حراً سيداً لنفسه لا يرث الكرامة ولا المهانة بل يصنعها في ذاته

وهكذا راح التطور في العلم والمعرفة يبني دولاً وأوطاناً فكان للعالم خريطة تبين الحدود والأحجام، إلا أن الطمع أعاد لأذهان بعض الساسة حب الاستعلاء والاستكبار والاستئثار بمقدرات الشعوب وخيرات البلدان، وعليه من جديد ضاعت الحريات وظهرت دول تريد غيرها مريضة لتبيع لها الدواء، وفقيرة لتبيع لها الغذاء، ومتحاربة حتى تبيع لها السلاح، ومقسّمة حتى تضمن لها البقاء.

وعلى مستوى الأفراد ازداد الصراع بين الطبقات ووجدت الطائفية والعنصرية مناخاً خصباً وكأن الجاهلية ما غادرتنا من غابر الزمان.

أصبح الأخوة الأعداء يمثلون القاعدة في التعاطي والتعامل على المستويات كافة وصار مبدأ ضرورة أن تحب لأخيك ما تحبّه لنفسك مجرد استثناء. وعادت الغربان تنتشر في الفضاء ترمي لتعليم من كان قابيل كيف يواري سوءة أخيه الإنسان.

ترانا مازلنا في الجاهلية وما نحن عليه حلم لعالم آخر بمنظار ثلاثي الأبعاد؟

رشا المارديني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى