عربيات ودوليات

إرباك عالميّ من الفيروس المستجدّ رغم إمكانيّة السيطرة عليه.. وإيران تطلب مساعدة صندوق النقد الدوليّ مخاوف من ركود اقتصاديّ وترامب يغضب أوروبا بقراراته.. والصين تتّهم الجيش الأميركيّ بنشر الفيروس

مُنيت الأسواق العالمية بخسائر جديدة أمس، وسارع مسافرون لتعديل مواعيد حجز رحلاتهم الجويّة بعد أن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب قيوداً كاسحة على السفر من أوروبا؛ الأمر الذي ألحق أضراراً بشركات الطيران وتسبب في ازدياد التوتر بين الجانبين.

وأمر ترامب بـ»تقييد السفر من أوروبا إلى الولايات المتحدة لمدة 30 يوماً»، وذلك استجابة لضغوط متصاعدة للتصدي لوباء فيروس كورونا سريع الانتشار الذي أربك جميع نواحي الحياة اليومية تقريباً في الولايات المتحدة.

وقال ترامب في خطاب أذاعه التلفزيون من المكتب البيضاويّ بالبيت الأبيض أول أمس، «نحن نحشد القوة الكاملة للحكومة الاتحادية والقطاع الخاص لحماية الشعب الأميركي».

وأضاف «هذا هو أجرأ وأشمل جهد للتصدّي لفيروس خارجي في التاريخ الحديث».

وقال ترامب إن «أمر تقييد السفر الذي يبدأ تنفيذه منتصف ليل اليوم لن يسري على بريطانيا أو على الأميركيين الذين يخضعون للفحوص المناسبة».

وبعد ما أثاره ترامب من تشوّش بالتلميح لتعليق التجارة مع أوروبا أيضاً أوضح الرئيس الأمر، فقال إن «التجارة لن تتأثر بأي حال من الأحوال».

وأضاف في تغريدة على «تويتر» بعد لحظات من انتهاء الخطاب «القيود تمنع الناس لا البضائع».

وأدت هذه القيود المفاجئة إلى هبوط شديد في أسواق المال فانخفض مؤشر يورو ستوكس 50 للتعاملات الآجلة 8.3 في المئة إلى أدنى مستوياته منذ منتصف 2016. وهبطت التعاملات الآجلة على الأسهم الأميركية أكثر من أربعة في المئة.

وقال خون جوه رئيس البحوث الآسيوية في مؤسسة أيه.إن.زد في سنغافورة «نحن نعلم بالفعل أن الأثر الاقتصادي كبير وبهذا الإجراء الإضافي سيتضاعف الأثر على الشركات. فهذا شيء لم تتحسب له الشركاتوله ثمن اقتصادي ضخم في الأجل القريب».

وقال ترامب إن حكومته على «اتصال بحلفاء الولايات المتحدة بخصوص القيود»، لكن دبلوماسياً قال إن «مسؤولي الاتحاد الأوروبي لم يتم إبلاغهم به مسبقاً».

وستزيد هذه القيود الضغوط على شركات الطيران التي تترنح بالفعل من جراء وباء كورونا وقال محللون إن شركات الطيران الأوروبية هي الأكثر تضرراً.

أوروبا تنتقد التصرّف

الأحادي الأميركي

من جهتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل في بيان أمس، إن «الاتحاد الأوروبي يرفض القرار الأميركي بتوسيع نطاق حظر السفر على الدول الأوروبية».

وقال البيان «إن الاتحاد الأوروبي لا يوافق على أن القرار الأميركي اتخذ من جانب واحد ودون استشارة»، مضيفاً أن «الاتحاد يتخذ إجراءات قوية للحد من انتشار فيروس كورونا».

وأعرب الاتحاد الأوروبي عن «عدم اتفاقه» مع ترامب الذي اتخذ قراره «بشكل أحادي ودون استشارة مسبقة»، وفق ما قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.

وأضافا «فيروس كورونا أزمة عالميةتتطلب التعاون بدلاً من اتخاذ تدبير أحادي».

وكتب ميشال في تغريدة سابقة أن الاتحاد الأوروبي «سيقيم» الوضع، مشدداً على «ضرورة تفادي أي اضطراب اقتصادي».

وانتقدت بريطانيا كذلك القرار الأميركي وقالت إنها «لا ترى أي دليل على أن مثل هذا الإجراء سيكون فعالاً».

الآثار الاقتصادية للوباء ومحاولات احتوائها

وفي محاولة للتخفيف من الأثر الاقتصادي للوباء والقيود أصدر ترامب تعليمات لوزارة الخزانة لـ»تأخير موعد سداد الضرائب من دون سريان فائدة عليها أو عقوبات»، وذلك لأنشطة بعينها والأفراد الذين تضرّروا من الأزمة.

وقال الرئيس أيضاً إنه «سيتخذ تدابير استثنائية لإتاحة تيسيرات مالية للعاملين المصابين بالمرض أو من يخضعون للحجر الصحي أو من يعتنون بآخرين مصابين به».

وأضاف أنه «وجّه إدارة الأعمال الصغيرة لتوفير سيولة مالية للشركات التي تأثرت بانتشار الفيروس بما في ذلك تقديم قروض ميسّرة».

في غضون ذلك، أعلنت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد أمس، أن «المصرف يلحظ تفاقماً كبيراً في آفاق النمو على المدى القصير في منطقة اليورو».

وأكد من جهته المتحدث باسم صندوق النقد الدولي أمس، أن «أثر فيروس كورونا المستجدّ على الاقتصاد العالمي يصعب التنبؤ به».

وانهارت الأسواق على مستوى كبير أمس. وبعد مؤتمر لاغارد الصحافي بقليل، خسرت بورصتا باريس وفرانكفورت 10% من قيمتهما، بينما تراجعت بورصتا مدريد وميلانو بنحو 5% عند منتصف يوم أمس. كما علقت المداولات لمدة 15 دقيقة في بورصة وول ستريت مع بدء المداولات أمس، بعد انهيار الأسهم بنسبة 7%.

وانخفض سعر النفط بأكثر من 6% صباح أمس، في آسيا بعد خطاب الرئيس ترامب. وواصلت أسواق طوكيو وهونغ كونغ تدهورها كما في الأيام السابقة. وعرفت البورصة الأسترالية أسوأ أيامها منذ أزمة 2008 المالية مع فقدانها 7.4%.

«فيروس من الخارج»

وأثناء خطابه الذي استغرق عشر دقائق، وصف ترامب فيروس كورونا المستجدّ بأنه «فيروس من الخارج». وقبل بضعة أيام، أثار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو جدلاً وغضب بكين بعدما وصف كورونا بأنه «فيروس ووهان».

وكان عدد من أعضاء الكونغرس والعلماء اتهموا ترامب بـ»محاولة التقليل من شأن الأزمة وتوجيه رسائل متناقضة».

وهناك أكثر من 20 ألف شخص (22307) مصابون في أوروبا وقد توفي منهم 930 من جراء المرض.

وفي العالم هناك أكثر من 125 ألف إصابة في 115 دولة ومنطقة ووفاة 4687 شخصاً، بحسب الإحصاءات الأخيرة.

وفي الولايات المتحدة، سجلت أكثر من 1100 حالة وأكثر من 28 وفاة.

وأغلق ابتداء من مساء أمس، مقرّ الكونغرس الأميركي أمام السياح حتى 1 نيسان، بعدما تبيّنت إصابة أحد العاملين بفريق السناتورة ماريا كانتويل، كما أعلن متحدث في بيان.

وبعدما صنّفه أول أمس، بأنه «وباء عالمي»، أعلن مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس أن «جائحة فيروس كورونا المستجد يمكن السيطرة عليها».

وفي الصين من حيث تفشى الوباء، انخفض عدد الإصابات اليومية إلى 15 إصابة جديدة أمس، وهي الأدنى منذ بدء احتساب الإصابات منتصف كانون الثاني. وينخفض عدد الحالات اليومية كذلك بشكل ملحوظ في كوريا الجنوبية.

وأرسلت الصين خبراء ومعدّات إلى إيطاليا المغلقة بسبب تفشي كورونا، كما بدأت بإرسال خبراء ولوازم طبية إلى بلدان عدة منها العراق وإيران، وفق متحدث باسم وزارة خارجيتها.

تدابير عالمية

في أوروبا وخارجها، يواصل الوباء التفشي، ويعطل مجريات الحياة اليومية في العديد من الدول ويحدث اضطراباً في حركة التنقل كما تسبب بإغلاق مدارس وأماكن عامة وقيود على تجمّع أعداد كبيرة من الأشخاص.

وأعلنت جمهورية تشيكيا أمس، حالة الطوارئ لمدة 30 يوماً، وأغلقت حدودها أمام الوافدين من «مناطق الخطر»، وهي 15 دولةً بينها ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة. ومنعت سلوفاكيا من جهتها أمس، دخول كافة الأجانب إلى أراضيها باستثناء البولنديين ابتداء من صباح اليوم.

وأصدرت نيودلهي أمس، قراراً بإغلاق صالات السينما وكافة المنشآت التعليمية حتى 31 آذار، بعد أسبوع من إغلاقها لكافة المدارس الابتدائية.

وفي النروج، قررت الحكومة إغلاق كافة المنشآت التعليمية والجامعية، وأصدرت توصيات بعدم السفر إلى الخارج ومنعته على العاملين في مجال الصحة، كما ألغت كافة المناسبات الثقافية والرياضية.

في الفيليبين، أعلن الرئيس رودريغو دوتيرتي «وضع العاصمة مانيلا تحت الحجر الصحي».

وأميركا اللاتينية، أعلنت كولومبيا أمس، حال «طوارئ صحية» على خلفية الفيروس، ومنعت رسو السفن السياحية والتجمّعات التي تضم أكثر من 500 شخص.

وفي إيطاليا التي تسجل أكثر من 12 ألف إصابة و827 حالة وفاة، أعلنت الحكومة عن إغلاق كل المتاجر باستثناء متاجر بيع المواد الغذائية والصيدليات منذ أول أمس.

فيما يتفاقم الوضع كذلك في إسبانيا، التي سجلت فيها حتى الآن نحو 3 آلاف إصابة. وأغلقت المدارس في منطقة مدريد.

مساعدات مالية كبرى

وتدابير احترازيّة إنعاشيّة

وفي مواجهة مخاوف أزمة اقتصادية بالغة الخطورة، عمدت معظم الدول إلى الإعلان عن مساعدات كبرى. وأعربت ألمانيا عن استعدادها للمرة الأولى «التخلي عن قاعدة التوازن في الميزانية بين النفقات والمدفوعات».

أما أستراليا، فأعلنت عن «خطة إنعاش بقيمة تفوق 10 مليارات يورو».

وكشف البنك المركزي الأوروبي أمس، عن مجموعة حوافز جديدة لضمان استمرار تدفق الائتمان ومساعدة الشركات الصغيرة على مواجهة التأثيرات الاقتصادية للوباء.

وطلبت إيران دعماً من صندوق النقد الدولي أمس، للمرة الأولى منذ عام 1962 لتتمكّن من التصدّي للفيروس.

إرباك في المناسبات التقليديّة وتعليق الاحتفالات

على صعيد آخر، أرجأت نيويورك موكبها التقليديّ السنويّ الذي تقيمه للاحتفال بيوم القديس باتريك بسبب انتشار فيروس كورونا المستجدّ، وفق ما أعلن رئيس بلدية المدينة بيل دي بلازيو أول أمس.

وبعد الفوضى العارمة التي تسبب بها في روزنامات الرياضة العالمية لا سيما في آسيا وأوروبا، تسبب الفيروس بتعليق دوري كرة السلة للمحترفين «حتى إشعار آخر» على خلفية إصابة لاعب.

وعلّق الدوري الإيطالي لكرة القدم حتى 3 نيسان، ولحق به نظيره الإسباني الذي أعلن تعليق المباريات لمرحلتين على الأقل، وذلك بعد أن أعلن ريال مدريد فرض حجر صحي على كامل أفراد النادي.

وألغيت نهائيات كأس العالم للتزلج التي كانت مقررة بين 16 و22 آذار في كورنتينا دامبيتسو بسبب تفشي الفيروس في إيطاليا.

وفي أستراليا قالت الحكومة إنها «ستضخ 17.6 مليار دولار أسترالي (11.4 مليار دولار أميركي) في الاقتصاد، سعياً للحيلولة دون حدوث ركود بفعل الوباء».

وفي اليابان قال أحد كبار أعضاء البرلمان من الحزب الحاكم إن «على السلطات أن تتدارس خطط العمل في حالة إلغاء دورة طوكيو للألعاب الأولمبية أو تأجيلها حتى إذا كان ذلك مستبعداًً».

وجاءت قيود السفر التي فرضها ترامب وتسري على 26 دولة أوروبية في نهاية يوم شهد اضطرابات متزايدة على الصعيد الداخلي من جراء المرض شديد العدوى الذي يصيب الجهاز التنفسي والمعروف باسم كوفيد-19.

ففي منطقة سياتل أعلنت أكبر منطقة تعليمية للمدارس العامة في ولاية واشنطن تعليق الدراسة أسبوعين في خطوة لم يسبق لها مثيل.

وتعدّ منطقة سياتل الكبرى مركزاً لواحدة من أسوأ وأكبر بؤر الفيروس في الولايات المتحدة إذ إنها مصدر العدد الأكبر من بين 38 حالة وفاة من جراء الإصابة بالمرض.

وقد وثقت ولاية واشنطن 373 حالة إصابة من بينها 30 وفاة.

ويوضح حصر أجرته جامعة جونز هوبكنز أن «عدد حالات الإصابة بالفيروس في الولايات المتحدة يبلغ 1311 حالة».

وحظرت مدينة سان فرانسيسكو الأنشطة الاجتماعية غير الضرورية التي يشارك فيها ألف شخص أو أكثر وشمل الحظر المسابقات الرياضية الكبرى.

وقال الاتحاد الوطني لكرة السلة إنه «قرّر تعليق الموسم حتى إشعار آخر بعد إصابة لاعب في فريق يوتا جاز بالفيروس».

وأعلن الممثل توم هانكس الحائز على جائزة الأوسكار على «تويتر» أن «الفحوص أظهرت أنه وزوجته ريتا ويلسون أصيبا بفيروس كورونا في أستراليا حيث كان يصوّر فيلماً».

وقال أندرو كومو حاكم ولاية نيويورك إن «استعراض سانت باتريك السنوي سيؤجل مقتدياً بمدن عدة أخرى أرجأت احتفالاتها بهذه العطلة التي توافق 17 آذار».

المتحدّث الصحافي للرئيس البرازيلي الذي اجتمع مع ترامب مصاب بفيروس كورونا

أعلن مكتب الرئيس البرازيلي، أمس، أن «المتحدث الصحافي للرئيس البرازيلي، جايير بولسونارو، الذي حضر اجتماع الأخير مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونائبه مصاب بفيروس كورونا».

وأشار مكتب الاتصالات التابع للرئاسة البرازيلية، أمس، إلى أن «فابيو واجنجارتن، السكرتير الصحافي للرئيس، مصاب بفيروس كورونا المستجدّ بعد أن أكد تحليل ثانٍ إصابته».

وكان فابيو واجنجارتن برفقة الرئيس البرازيلي، جايــير بولسونارو، في زيارة إلى أميركا، ونــشر صورة على صفحته في «أنستغرام» تجمــعه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحسب «واشــنطن بوست».

وأعلنت الرئاسة البرازليلية، أنها «أبلغت الجانب الأميركي تأكيد إصابة الوزير البرازيلي بالفيروس كورونا المستجد».

وكشفت بيانات وزارات الصحة في دول أميركا الجنوبية، أول أمس، أن «البرازيل تحتل المرتبة الأولى في المنطقة من حيث عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا».

الخارجيّة الصينيّة

تتهم الجيش الأميركيّ

بإدخال كورونا إلى الصين

قال المتحدث باسم الخارجية الصينية تشاو لي جيان أمس، إن «الجيش الأميركي ربما جلب فيروس كورونا إلى مدينة ووهان الصينية، التي كانت الأكثر تضرراً بسبب التفشي».

ونشر تشاو لي جيان تغريدة بالإنجليزية في حسابه على «تويتر» قال فيها: «متى ظهر المرض في الولايات المتحدة؟ كم عدد الناس الذين أصيبوا؟ ما هي أسماء المستشفيات؟ ربما جلب الجيش الأميركي الوباء إلى ووهان.. تحلّوا بالشفافية! أعلنوا بياناتكم! أميركا مدينة لنا بتفسير».

وفي وقت سابق أمس، قالت اللجنة الصحية الصينية إن «فيروس كورونا تجاوز ذروته في البلاد مع تسجيل 8 حالات إصابة جديدة فقط في إقليم هوبي، بؤرة تفشي الفيروس».

وأعلن الإقليم تخفيف المزيد من قيود السفر، كما سيسمح أيضاً باستئناف الإنتاج في بعض القطاعات في مدينتين ومقاطعتين.

وأفاد المتحدث باسم لجنة الصحة الوطنية مي فنغ، بأن «الصين تجاوزت بشكل عام ذروة الوباء»، لافتاً إلى أن «الزيادة في الحالات الجديدة تنحسر».

وذكرت اللجنة أن «ووهان سجلت جميع الحالات الجديدة أول أمس، وخارج ووهان سجل بر الصين الرئيسي 7 حالات جديدة منها 6 حالات قادمة من الخارج».

وعلى الرغم من انتشار الفيروس على نحو سريع في أنحاء العالم، إلا أن تفشيه تباطأ بشكل ملحوظ في الصين في الأيام السبعة الماضية نتيجة الإجراءات المشددة المفروضة للسيطرة على حركة الناس والمرور، بما في ذلك فرض إغلاق على مدينة ووهان التي يقطنها 11 مليون نسمة.

وحتى نهاية أول أمس، بلغت حصيلة الوفيات في بر الصين الرئيسي 3169 حالة بزيادة 11 حالة عن الثلاثاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى