ثقافة وفنون

الرمزيّة والتعبير عن الحياة صيغة متناسقة لتجربة النحات زهير خليفة الفنّية

} بلال أحمد

الفنّ عند الفنان النحات زهير خليفة ليس وسيلة للتعبير عن دواخل الإنسان فحسب، بل هو طريقة حياة فنرى في أرجاء منزله معالم النحت والجمال شغلها بأنامله كما تظهر أعماله الممتدة في أماكن عدة من الريف السوري هويتنا الحضارية العريقة.

عاش خليفة وسط بيئة قروية جميلة يقارع خلالها القرويّون الصخر للحصول على لقمة العيش فشدّه تعلقهم بالحياة وصراعهم معها، وآثاره من جهة أخرى تمسكهم بالعادات والتقاليد البالية فكان الفنّ والنحت وسيلته للتعبير عن رفضه، لما يراه مخالفاً للعلم وقبوله بما يراه جميلاً ويستحق التقدير.

ويجد النحات خليفة في التحدّي وكسر القواعد والوقوف ضدّ التيار الخطوة الأولى على طريق الفن والحياة، لأن ذلك يحفز الكشف والإبداع وإثبات الذات، مشيراً إلى أنه لم يعمل على بيع منحوتاته لأن الفنّ والجمال لا يقدّر بثمن ولكنه سخّر فنّه في إيجاد طريقة للعيش.

واتجه خليفة في البداية نحو الواقعية فرصد البيئة القروية في الساحل السوري وتراثها وعلاقتها مع الطبيعة وحياة الفلاحين وأدوات قديمة استخدموها ضمن حياتهم، مبيناً أن تراث المنطقة امتداد لأجدادنا الفينيقيين وذلك واضح مع أسماء القرى واللقيات الأثرية وأن تلك المنطقة ما زال يخرج منها الشعراء والفنانون والمبدعون وفي المرحلة الثانية من رحلته مع الفن تطوّر خليفة باتجاه التشكيل والتجريب في مختلف المدارس الفنية من خيالية وواقعية وكلاسيكية وسواها منوعاً مواده بين الحجر والخشب والصلصال، لأن منطقة الساحل غنية بأنواع الخشب والحجارة والمواد المختلفة لتجعله ينتج فنّه من هذا المكان.

وللون النحت عند خليفة معنى مختلف فهو يتعامل مع كتلة الخشب أو الحجارة أحادية اللون لذلك يعمل على نقل الإيحاءات من خلال العمق والنفور وضربات الإزميل على الكتلة النحتية إضافة إلى التباين في الخشونة والنعومة.

وشارك خليفة في ملتقى تدمر بوابة الشمس الذي استضافته طرطوس ردّاً على جرائم الإرهاب بحق عروس الصحراء بعمله زنوبيا الذي رمز به للمرأة السورية وأعطاها ملامح الشموخ والجمال والهيبة بالزي التدمري الملكي فكل امرأة سورية بنظره توجد في داخلها زنوبيا وهي موجودة ضمن كل بيت وعند كل زوجة وأم وأخت شهيد.

أما عمله «بانوراما الخلود» في ناحية بيت ياشوط فجاء من وحي الحرب الإرهابية على سورية وهو عبارة عن كتلة حجرية ضخمة وزنها قبل العمل 35 طناً من الرخام الزيتي تم نقلها آلياً ووضعت قريبة من حائط حجري ذهب ثلثاها في النحت وتقدّر بنحو 12 طناً بعد انتهاء العمل وجمع فيها بين شهيد وجريح وجندي يحمل طفلاً.

ويُعدّ خليفة حالياً لنحت موقع على جبل عبر مساحة واسعة تصل إلى نحو 3000 متر مربع تتضمن جميع أعماله النحتية وتحتاج زيارته لنهار كامل، حسب تعبيره.

ويعتبر خليفة أن هناك تقصيراًً تجاه المبدعين الحقيقيين من المؤسسات الثقافية والإعلامية لأنهم يعملون في الظل ويبحثون عن الفن والإبداع دون الاكتراث بالشهرة، داعياً كذلك إلى تنمية ثقافة الوعي الفني في المدارس وإعطاء أهمية أكبر للفنون والرسم والموسيقا لأنه بالفن وحده ترتقي الشعوب.

يذكر أن النحات خليفة شارك بالعديد من المعارض في معظم المحافظات ويعد حالياً لمشاركة بمعرض جديد يحمل أفكاراً جديدة ومختلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى